من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضي حجة الاسلام فقال يقضي أحب إلي وقال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه الولاية فإنه يؤجر عليه الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية واما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء وما رواه الكليني والشيخ عنه عن زرارة وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد العجلي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) انهما قالا في الرجل (يكون) في بعض هذه الأهواء الحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية ثم يتوب ويعرف هذا الامر ويحسن رأيه أيعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شئ من ذلك قال ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة لابد ان يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية ومنها ما رواه الكليني عن ابن أذينة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال كتبت إلى أبو عبد الله (ع) ان كل عمل عمله الغاصب في حال ضلاله أو في حال نصبه ثم من الله عليه وعرفه هذا الامر فإنه يؤجر عليه ويكتب له الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية واما الصلاة والصوم فليس عليه قضاؤهما وانما اعتبرنا في عدم وجوب القضاء كون الفعل صحيحا بحسب معتقدهم لاقتضاء النصوص سقوط القضاء عند الاتيان بالفعل والمتبادر منه الصحيح والحمل على الصحيح عندنا في غاية البعد واستشكل المصنف في التذكرة سقوط القضاء عمن صلى منهم أو صام لاختلال الشرائط والأركان وهو مدفوع بالنصوص المذكورة والمستفاد من الخبر الأول والثالث حصول الاجر لهم عند الاستبصار بالافعال الصادرة لهم في حال المخالفة وهو غير بعيد لجواز ان يكون ترتب الثواب موقوفا على حصول الاستبصار أخيرا ولا ينافي ذلك الأخبار الكثيرة الدالة على بطلان عباداتهم وعدم حصول الاجر لهم عليها فإنها مقيدة بدوائر المخالفة جمعا بين الأدلة والخبر الثاني يدل على عدم الفرق في الحكم المذكور بين من يحكم باسلامه من المخالفين ومن يحكم بكفره من أهل القبلة لان من جملة من ذكر فيه (فيها) صريحا الحرورية وهم كفار لانهم خوارج واعلم أن الأصحاب صرحوا هنا بان المخالف انما يسقط عنه قضاء ما صلاه صحيحا عنده وتوقف جماعة منهم فيما صح عندنا خاصه وفي باب الحج عكسوا فشرطوا في عدم إعادة الحج ان لا يخل بركن عندنا لا عندهم وممن صرح بالقيدين المخالفين الشهيد (ره) ووجه الفرق غير واضح أو عدم المطهر من الماء والتراب وللأصحاب فيه قولان وقد مر تحقيقه في مباحث التيمم ويقضي في السفر ما فات في الحضر من الصلاة تماما اعتبارا بحالة الفوات وكذا يقضي في الحضر ما فات في السفر قصرا والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته ومن طريق الأصحاب ما رواه الشيخ عن زرارة في الحسن قال قلت له رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها في الحضر فقال يقضي ما فاته كما فاته وإن كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها وإن كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا نسى الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقص من نسى أربعا فليقض أربعا مسافرا كان أو مقيما وان نسى ركعتين صلى ركعتين إذا ذكر مسافرا كان أو مقيما ولو حصل الفوات في أماكن التخيير ففي ثبوت التخيير في القضاء أو تحتم القصر وجهان أحوطهما الثاني ولو نسى تعيين الصلاة الواحدة الفائتة اليومية صلى ثلاث صلوات ثلاثا ينوى بها المغرب وأربعا مرددا بين الظهر والعصر والعشاء مخيرا بين الجهر والاخفات واثنتين نوى بهما الصبح هذا هو المشهور بين الأصحاب ذهب إليه الشيخان وابنا بابويه وابن الجنيد وابن إدريس وأكثر المتأخرين ونقل الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة وحكى عن أبي الصلاح وابن حمزة وجوب الخمس والأول أقرب لنا ان الواجب على المكلف الاتيان بمثل الفائت ولا يمكن نية كون هذا الفعل ظهرا أو عصرا لان الظهرية مثلا خصوصية مختصة بالأداء ولا يصدق على القضاء الا كونه بدلا عن الظهر مثلا فيكون مقتضى الامر بالقضاء ايجاب فعل مماثل للأول في جميع الخصوصيات سوى نية كونه ظهرا مثلا ونيه كونه أداء فبالواحدة المرددة بين الثلاث يحصل امتثال التكليف فمن أراد ايجاب أمر اخر احتاج إلى دليل ويشكل هذا الاحتجاج على القول بوجوب الجهر والاخفات كما هو المشهور ولنا أيضا ما رواه الشيخ باسنادين أحدهما من الصحاح والاخر من الحسان عن علي بن أسباط عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال من نسى صلاة من صلاة يومه واحدة ولم يدر اي صلاة هي صلى ركعتين وثلاثا وأربعا والظاهر أن هذا الخبر مما يصلح للتعويل عليه لان علي بن أسباط قد وثقة النجاشي وقال إنه من أوثق الناس وأصدقهم لهجة وذكر انه كان فطحيا ثم رجع عنه وتركه ولم يذكر الشيخ كونه فطحيا ثم رجع عنه انما ذكره الكشي في موضع وفي موضع اخر قال إنه مات على مذهبه وعندي الترجيح لقول النجاشي وعلى كل تقدير فالترجيح للعمل برواياته وإن كان موثقا وقوله عن غير واحد يدل على تعدد الرواية وظهور صحة الخبر عنده ومثل هذا الكلام عند ضعف الرواة وعدم صحة التعويل على نقلهم لا يصدر عن الثقات الاجلاء لما فيه من التلبيس الواضح مع أن رواية الثقات عن الضعفاء ليس الا قليلا كما أشرنا إليه مرارا هذا مع تكرر هذا الخبر في أصول الأصحاب واشتهار العمل به بينهم احتج القائلون بالخمس بأنه يجب عليه قضاء الفائتة ولا يعلم الاتيان بها الا بقضاء الخمس والجواب المنع من توقف العلم بالاتيان على الخمس والمستند ظاهر وقد مر في أواخر مباحث الوضوء بعض ما يتعلق بهذا المقام ولو كانت الفائتة من صلاة السفر اكتفى باثنتين ثنائية مطلقة اطلاقا رباعيا ومغربا على المشهور وخالف ابن إدريس هنا مع موافقته فيما تقدم نظرا إلى اختصاص النص بالصورة السابقة فالتعدية إلى غيره قياس وزعما منه حصول الاجماع في الصورة السابقة حسب ويمكن الاستدلال على المشهور بالحجة الأولى من الحجتين السابقتين لكن فيه اشكال الجهر والاخفات على القول بوجوبهما وربما يظن أن انسحاب حكم النص ههنا ليس من القيام الممنوع منه بل هو من باب دلالة التنبيه ومفهوم الموافقة وفيه ما فيه ولو تعددت الفائتة المجهولة قضى كذلك ثلاثا ثلاثا ولو كانت الفائتة من صلاة السفر اثنتين اثنتين حتى يغلب على ظنه الوفاء وينبغي تقييده بصورة لم يكن العدد معلوما والا تعين اتباع العدد ولو نسى عدد الفائتة المعينة كررها حتى يغلب على ظنه الوفاء قال الشارح الفاضل هذا إذا لم يمكنه تحصيل اليقين والا وجب كما لو علم انحصار العدد المجهول بين حاضرين فإنه يجب قضاء أكثر الاعداد المحتملة فلو قال اعلم اني تركت صبحا مثلا في بعض الأشهر وصليتها في عشره أيام فنهاية المتروك عشرون فيجب قضاء عشرين ولعل مراده بانحصار العدد المجهول بين حاضرين انحصاره في عدد محصور عرفا والا فكل فرض يوجد يكون المتروك محصورا بين حاضرين واعلم أن الحكم المذكور من وجوب القضاء حتى يحصل الظن والاكتفاء بذلك مشهور في كلام الأصحاب ولم يرد به نص كما اعترف به بعض الأصحاب وهو الظاهر من كلامهم واحتمل المصنف في التذكرة الاكتفاء بقضاء ما يحصل اليقين بفواته واستوجهه بعض المتأخرين نظرا إلى أصالة البراءة من التكليف بالقضاء مع عدم تيقن الفوات ويؤيده قوله (ع) في حسنة زرارة والفضيل متى ما استيقنت أو شككت في وقت صلاة انك لم تصلها صليت وان شككت بعد ما خرج وقت الفوات فقد دخل حائل فلا إعادة عليك من شك حتى يستيقن وان استيقنت فعليك ان تصليها في اي حال كنت وهو متجه احتج الشيخ على اعتبار الظن بان قضاء الفرائض واجب ولم يمكن التخلص من ذلك الا بالاستكثار فيجب ذلك وبالاخبار الدالة على ثبوت هذا الحكم في النوافل فيكون في الفرائض أولي ويرد على علة الأول ان الواجب قضاء الفرائض التي يتيقن فواتها لا مطلقا وعلى الثاني ان ثبوت استحباب القضاء في النوافل لا يقتضي أولوية ثبوت ايجاب القضاء في الفرائض لان الحكم الاستحبابي أهون ولو كان مقصود الشيخ الاستدلال بهذا على ايجاب القضاء بمقدار الظن والاكتفاء بذلك كما هو ظاهر العبارة يرد عليه ان الاكتفاء بذلك في النوافل لا يقتضي أولوية ذلك في الفرائض لان أمر الفريضة أشد ولو نسى الكمية والتعين بان فاته صلوات لا يعلم عددها ولا عينها صلى أياما متوالية حتى يعلم دخول الواجب في الجملة التي صلاها وجه اعتبار العلم هنا والاكتفاء بالظن في المسئلتين السابقتين غير معلوم ولا يمكن تصحيحه الا بحمل العلم على ما يتناول الظن والكلام في تحقيق هذه المسألة كما في السابق ولو نسى ترتيب الفوائت كرر حتى يحصله. لا خلاف بين علماء الاسلام في ترتب الحواضر بعضها على بعض على ما حكى عنهم واما الفوائت فالمشهور بين الأصحاب وجوب الترتيب بينها بحسب الفوات إذا علم الترتيب ونقل المحقق في المعتبر ان الأصحاب متفقون على ذلك وفي المنتهى انه ذهب إليه
(٣٨٤)