المقصد فإن لم يبلغها أتم من الأخير إلى منتهى المقصد وان بلغها ذاهبا وعائدا بتلك الطريق أو طريق اخر أبعد منه قال الشارح الفاضل يتم أيضا ولي فيه اشكال واعلم أن منتهى السفر بين الموطنين على تقدير بلوغ الطريق المسافة حدود الوطن ويتحقق بالوصول إلى موضع سماع الاذان وظهور الجدران على المشهور بين المتأخرين وكذا مبدأ السفر عند الخروج منه واما موضع نية الإقامة عند تقدم النية على الوصول إليه فهل يلحق بالوطن فيتم إذا تعدى موضع الخفاء فيه وجهان نظرا إلى أنه في حكم الوطن في كثير من الاحكام وحدود الوطن في حكم الوطن والى انه لو رجع عن نية الإقامة قبل الصلاة تماما يرجع إلى القصر وان بقى فيها أياما فلا يكون له حكم البلد من كل وجه والظاهر أنه يقصر إلى أن يصل إلى البلد وينوي الإقامة فيه لصدق المسافر عليه وترتب حكم الاتمام في الاخبار على دخول البلد ونية الإقامة ومفهوم انتفاؤه بدونه ولو أقام فيها ثم أراد الخروج فالظاهر أنه بحكم البلد في اعتبار الخفاء في مبدأ التقصير لعموم ما دل على اعتبار الامر المذكور كما سيجيئ الشرط الرابع من شروط التقصير كون السفر سائغا فلا يرخص العاصي بسفره لا خلاف بين الأصحاب في أن جواز السفر شرط في جواز التقصير سواء كان السفر واجبا كحجة الاسلام أو مندوبا كزيارة النبي والأئمة (ع) أو مباحا كأسفار التجارات ولو كان معصية لم يقصر كاتباع الجائر وصيد اللهو والسفر في ضرر المسلمين والفساد في الأرض وقد حكى اتفاق الأصحاب على ذلك جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان ويدل عليه ما رواه ابن بابويه عن عمار بن مروان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع قال سمعته يقول من سافر قصر وأفطر الا ان يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله تعالى أو رسولا لمن يعصى الله عز وجل أو طلب عدو وشحناء أو سعاية أو ضرر على قوم من المسلمين وما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصر أم يتم قال يتم لأنه ليس بمسير حق وعن أبي سعيد الخراساني قال دخل رجلان على أبي الحسن (ع) بخراسان فسألاه عن التقصير فقال لأحدهما وجب عليك التقصير لأنك قصدتني وقال للاخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان وعن إسماعيل بن أبي زياد في الضعيف عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال سبعة لا يقصرون الصلاة الجابي يدور في جبايته والأمير الذي يدور في امارته والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق والراعي والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل وعن ابن بكير في الضعيف قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتصيد اليوم واليومين والثلاثة أيقصر الصلاة قال لا الا ان يشيع الرجل أخاه من الدين وان التصييد مسير باطل لا يقصر الصلاة فيه وقال يقصر إذا شيع أخاه وعن ابن بكير باسناد فيه ارسال نحوه وعن عمران بن محمد العمران القمي في الصحيح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين يقصر أو يتم قال إن خرج لقوته وقوت عياله فليفطر ويقصر وان خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة وعن زرارة باسناد ظاهره انه صحيح عن أبي جعفر (ع) قال سألته عمن يخرج من أهله بالصقور والبزاة والكلاب مسيرة الليلة والليلتين والثلاثة هل يقصر من صلاته أم لا يقصر قال انما خرج في لهو لا يقصر قلت الرجل يشيع أخاه اليوم واليومين في شهر رمضان قال يفطر ويقصر فان ذلك حق عليه وعن حماد بن عثمان باسناد فيه محمد بن يحيى الخثعمي ولم يوثق في كتب الرجال لكن له كتاب يرويه محمد بن أبي عمير وهذا يدل على حسن حاله عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل فمن اضطر غير باغ ولاعاد قال الباغي باغ الصيد والعادي السارق ليس لهما ان يأكلا الميتة إذا اضطرا إليها هي حرام عليهما ليس هي عليهما كما هي على المسلمين وليس لهما ان يقصرا في الصلاة وعن حماد بن عثمان بطريق اخر نحوه وعن عبيد بن زرارة في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصر أم يتم قال يتم لأنه ليس بمسير حق وعن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن أبي جعفر محمد بن علي الرضا (ع) في جملة حديث قال عبد العظيم فقلت له يا ابن رسول الله فما معنى قوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولاعاد قال العادي السارق والباغي الذي يبغي الصيد بطرا ولهوا الا ليعود به على عياله ليس لهما ان يأكلا الميتة إذا اضطرا هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار وليس لهما ان يقصرا في صوم ولا صلاة في سفر واعلم أن المستفاد من عموم صحيحة عمار وظاهر التعليل المذكور في موثقة عبيد عموم الحكم بالنسبة إلى كل سفر حرام سواء كانت غايته معصية كقاصد قطع الطريق أو قتل مسلم أو اضرار بقوم مسلمين وكالمراة والعبد القاصدين بسفرهما النشوز والاباق أو كان سفره معصية وان لم يكن غايته معصية كالفار من الزحف وتارك الجمعة بعد وجوبها والسالك طريقا يغلب على الظن الهلاك فيه وإن كان لغاية حسنة في نفسها كالحج والزيارات ونحو ذلك وكذا اطلاقات كلام الأصحاب يقتضي التعميم المذكور وقال الشارح الفاضل ان الأصحاب عدوا هذه الافراد ثم قال وادخال هذه الافراد يقتضي المنع من ترخص كل تارك للواجب من سفره لاشتراكهما في العلة الموجبة لعدم الترخص إذ الغاية مباحة فإنه المفروض وانما عرض العصيان بسبب ترك الواجب فلا فرق حينئذ بين استلزام سفر التجارة ترك صلاة الجمعة ونحوها وبين استلزامه ترك غيرها كتعلم العلم الواجب عينا أو كفاية بل الامر في هذه الوجوب أقوى وهذا يقتضي عدم الترخص الا لاوحدي الناس لكن الموجود من النصوص في ذلك لا يدل على ادخال هذا القسم ولا على مطلق العاصي وانما دل على السفر الذي غايته المعصية وفيه نظر لما عرفت من دلالة بعض النصوص على تعميم الحكم وعدم اختصاصها بما ذكره وإن كان بعضها يختص به مع أن ما ذكره من لزوم اختصاص الرخصة المذكورة بالأوحدي من الناس في معرض المنع لان العلوم التي يجب تعلمها على الجمهور قليل تحصل لكثير من الناس في كثير من الاعصار فان معرفته دقائق العلوم والتفاريع الفقهية والمسائل التي قد يقع الاحتياج إليها ليس بواجب على جمهور العوام والخواص ومعرفة القدر القليل ولو بالتقليد غير نادر وكثيرا ما تنتفي المضارة بين السفر والتعلم مع أن ما ذكره انما يتوقف على القول باستلزام الامر بالشئ النهى عن ضده الخاص كما هو التحقيق لكنه (ره) لا يقول بذلك مع استبعاد اختصاص التقصير بالأوحدي ليس أكثر من استبعاد اختصاص عدم الفسق بالأوحدي وهو لازم عليه فيما يقول واعلم أنه لو رجع المسافر العاصي عن المعصية في أثناء السفر يقصر إن كان الباقي مسافة والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ولو قصد المعصية في أثناء السفر المباح انقطع ترخصه ولا اعلم فيه خلافا بين الأصحاب ولو عاد إلى الطاعة قصر وهل يعتبر كون الباقي مسافة قيل نعم وبه حكم المصنف في القواعد لبطلان المسافة الأولى بقصد المعصية وقيل لا وهو ظاهر المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر وبه قطع الشهيد في الذكرى وهو حسن لان المانع من التقصير انما كان المعصية وقد زالت ويدل عليه ما رواه الشيخ عن بعض أهل العسكر قال خرج عن أبي الحسن (ع) ان صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة فإذا عدل عن الجادة أتم فإذا رجع إليها قصر والصائد لتجارة يقصر في صلاته وصومه على رأى لا خلاف بين الأصحاب في أن الصائد لقوته وقوت عياله يقصر وقد مر بعض الأخبار الدالة عليه مضافا إلى أدلة حكم التقصير وعدم المانع والمعارض واما الصائد للتجارة فقد اختلف الأصحاب فيه فذهب المرتضى وجماعة من الأصحاب منهم الفاضلان إلى أنه يقصر وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في النهاية والمبسوط إلى أنه يتم صلاته دون صومه ونقل ابن إدريس الاجماع على أنه يتم الصلاة قال في المعتبر بعد نقل قول الشيخ ونحن نطالبه بدلالة الفرق ونقول إن كان مباحا قصر فيهما والأقرب الأول نظرا إلى عموم أدلة التقصير وانتفاء المانع وما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت الشرط الخامس من شروط وجوب التقصير عدم زيادة السفر على الحضر كالمكاري والملاح وطالب القطر والنبت كالبدوي وطالب الأسواق وهو التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق ومثله الذي يتكرر إلى السوق الواحد من غير إقامة والبريد وهو الرسول المعد للرسالة المشهور بين الأصحاب وجوب على المسافر الذي كان سفره أكثر من حضره كالمكاري والملاح وهذا التعبير شائع في السنة الفقهاء ولعل المراد من كان عمله وصناعته في السفر والمحقق في المعتبر عبر عن هذا الشرط بقوله وان لا يكون ممن يلزمه الاتمام سفرا ونقل التعبير السابق عن المفيد واتباعه ورجح ما ذكره على هذا وقد وقع في كلام المتأخرين البحث عن الترجيح أحد التعبيرين على الأخر وليس في ذلك فائدة يعتد بها وظاهر ابن أبي عقيل القول بوجوب التقصير على كل مسافر والأول أقرب لما رواه الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال ليس على الملاحين في سفينتهم تقصير وعلى المكاري والجمال ورواه الشيخ باسناد فيه توقف وعن هشام بن الحكم باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال المكاري والجمال الذي
(٤٠٩)