دلالة تلك الأخبار تأمل إذ المستفاد منها ان من دخل في الصلاة بنية الفريضة أو النافلة ثم سهى عنها ونواها غيرها فإنما يحسب له ما نوى عند دخوله فيها وذلك غير المدعا قال الشارح الفاضل ولو شك بعد الفراغ من أربع هل هي الظهر أو العصر قيل يبنى على الظهر بناء على الظاهر من أنه بدء بالواجب أولا ولو صلى رباعية مرددة بين الظهر والعصر كان طريقا إلى البراءة أيضا إذا صادفت الأولى الوقت المشترك والا لم يصلح الترديد كذا ذكره الشهيد وجماعة مع احتمال البطلان في الجميع كما يقتضيه اطلاق العبارة لعدم اليقين انتهى كلامه ولعل احتمال البطلان في الجميع ضعيف فتدبر ويكره للرجل العقص قال في القاموس عقص شعره ظفره وقبله والقول بكراهة ذلك هو المشهور بين الأصحاب ذهب إليه سلار وأبو الصلاح وابن إدريس وجمهور المتأخرين هو ظاهر عبارة المفيد وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ إلى أنه محرم مبطل للصلاة احتج الشيخ باجماع الفرقة وبما رواه مصارف عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى صلاة فريضة وهو معقوص الشعر قال يعيد صلاة وفيه نظر لمنع ثبوت الاجماع وضعف الرواية فلا تنهض حجة باثبات التحريم نعم يمكن اثبات الكراهية بمثلها واختار فخر الدين ولد المصنف التحريم ان منع من السجود وهو خروج عن المسألة مستلزم لاستواء الحكم في الرجل والمرأة قيل وعلى تقدير التحريم لا يتجه البطلان الصلاة لان النهي عن أمر خارج ولا يخفى انه قد يلزم البطلان إذا كان حله ضدا للصلاة بناء على أن الامر بالشئ مستلزم للنهي عن ضده الخاص والنهى في العبارة يستلزم الفساد والحكم المذكور مختص بالرجل اجماعا أو كان الصواب تقييد العبارة والالتفات بالوجه يمينا وشمالا هذا هو المشهور بين الأصحاب إلى أنه محرم مبطل للصلاة وقد مر تحقيق الكلام في هذا الباب والتثاؤب والتمطي والفرقعة بالأصابع والعبث ونفخ موضع السجود والتنخم والبصاق المستند في هذه الأحكام روايات كثيرة منها ما رواه الكليني باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال إذا قمت بالصلاة فعليك بالاقبال على صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه ولا تعبث فيها بيدك ولا براسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك والا تتثاوب ولا تتمخط ولا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تلثم ولا تفرج كما يتفرج البعير ولا تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك ولا تقرقع (تفرقع) أصابعك فان ذلك كله نقصان في الصلاة ولا تقم إلى الصلاة متكأسا (متكاسلا) ولا متناعسا ولا متثاقلا فإنهن من خلال النفاق فان الله تعالى نهى المؤمنين ان يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى يعني سكر النوم وقال للمنافقين وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤن الناس ولا يذكرون الله الا قليلا وعن الحسين بن الحسن الفارسي عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله كره لكم أيتها الأمة أربعا وعشرين خصلة ونهاكم عنها كره لكم العبث في الصلاة وروى الصدوق في كتاب الخصال باسناد اخر عن الصادق (ع) عن ابائه عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله عز وجل كره لكم أيتها الأمة أربعا وعشرين خصلة ونهاكم عنها كره لكم العبث في الصلاة سارق الكلام إلى أن قال كره النفخ في موضع الصلاة وروى الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا دخلت في الصلاة فعليك بالتخشع والاقبال على صلاتك فان الله عز وجل يقول الذين هم في صلواتهم خاشعون وعن جهم بن الحميد عن أبي عبد الله (ع) قال كان أبي يقول كان علي بن الحسين عليه السلام إذا قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه شئ الا ما حرك الريح منه وعن أحمد بن محمد بن عيسى رفعه عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قمت في الصلاة فلا تعبث بلحيتك ولا براسك ولا تعبث بالحصى وأنت تصلي الا ان تسوي حيث تسجد فإنه لا باس وروى الشيخ عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع) إذا قمت في الصلاة فاعلم انك بين يدي الله فان كنت لا تراه فاعلم أنه يراك فاقبل صلاتك ولا تمتخط ولا تبزق ولا تنقض أصابعك ولا تورك فان قوما قد عذبوا بنقض الأصابع و التورك في الصلاة وإذا رفعت رأسك (في) من الركوع فاقم صلبك حتى ترجع مفاصلك وإذا سجدت فافعل مثل ذلك وإذا كنت في الركعة الأولى والثانية فرفعت رأسك من السجود فاستقم جالسا حتى ترجع مفاصلك فإذا نهضت فقل بحول الله وقوته أقوم واقعد فان عليا (ع) هكذا كان يفعل وعن محمد بن مسلم في القوي عن أبي عبد الله (ع) قال قلت الرجل ينفخ في الصلاة موضع جبهته قال لا وروى عن النبي (ص) أربع من الجفاء ان ينفخ في الصلاة وان يمسح وجهه قبل ان ينصرف من الصلاة وان يبول قائما وان يسمع المنادي فلا يجيبه وروى الكليني عن مسمع أبي يسار عن أبي عبد الله (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله سمع خلفه فرقعة فرفع رجل أصابعه في صلاته فلما انصرف قال النبي صلى الله عليه وآله قال لا باس بالنفخ في الصلاة في موضع السجود ما لم يؤذ أحدا ونقل عن بعضهم اختيار الكراهة حين الأذى فقط والتأوه بحرف واحد قال الشارح الفاضل واصله قول أو مسند الشكاية والتوجع والمراد هنا النطق بهذا الصوت على وجه لا يظهر منه حرفا والأنين به أي بحرف واحد قال الشارح الفاضل هو مثل التأوه الا ان الأنين للمريض والتأوه للأعم منه والضابط في كراهية التأوه والأنين أولا يظهر منه ما بعد كلاما عرفا والا حرما وقد سبق تحقيقه ولم اطلع على دليل واضح للكراهية ومدافعة الأخبثين أو الريح لما فيه من سلب الخشوع والاقبال المطلوب في العبادة ويدل عليه ما رواه الشيخ عن هشام بن الحكم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا صلاة لحاقن ولا حاقنة وهو بمنزلة من هو في ثيابه وقوله (ع) ولا تحتقن في حسنة زرارة السابقة عن قريب وروى الشيخ عن أبي بكر الحضرمي عن أبيه عن أبي عبد الله (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا تصل وأنت تجد شيئا من الأخبثين وفي المنتهى نقل الاجماع على صحة الصلاة في الحالة المذكورة فتحمل الأخبار المذكورة على نفى الكمال و الكراهة ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ والكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع ان يصبر عليه على تلك الحال أو لا يصلي قال فقال إن احتمل الصبر ولم يخف اعجالا عن الصلاة فليصل وليصبر ولو عرضت المدافعة في أثناء الصلاة فلا كراهة حينئذ بل يجب الصبر والاتمام ويكره أيضا مدافعة النوم لما فيه من سلب الخشوع والاقبال على الصلاة ويدل عليه حسنة زرارة السابقة أيضا ويحرم قطع الصلاة اختيارا لم اطلع على خلاف في ذلك بين الأصحاب وقيده المصنف في بعض كتبه والمتأخرون عنه بالواجبة واستدل عليه بوجهين الأول ان الاتمام واجب وهو ينافي القطع فيكون القطع محرما الثاني قوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم والوجهان ضعيفان وربما احتج عليه بصحيحة عبد الرحمن المتقدمة في المسألة السابقة وهو أيضا ضعيف ويجوز للضرورة كقبض العزم وحفظ النفس
(٣٦٣)