لاختصاصه بالمنافي وهل الشراء مثل البيع في التحريم ظاهر الأصحاب ذلك ولعل المراد بالبيع المذكور في الآية أعم من الشراء وإن كان للمناقشة فيه مجال ولو كان أحد المتعاقدين ممن لا يجب عليه السعي ففي التحريم عليه خلاف فذهب جماعة من المتأخرين إلى التحريم (وذهب المحقق إلى عدم تحريم) وفاقا للشيخ فإنه كرهه ولم يحرمه استنادا إلى الأصل حجة الأول انه معاونة على المحرم وقد نهى الله تعالى عنها بقوله عز وجل ولا تعاونوا على الاثم والعدوان وهو لا يفيد عموم (الدعوى) إذ قد لا يكون معاونة كما إذا وقع الايجاب من غير أن يكون للمشترى مدخلا فيه فقيل لا يقال لو لم يتحقق البيع فلا يتصف بالتحريم فلفعل المشتري مدخل في حصول الحرام لأنا نقول في تأثير الفعل في اتصاف فعل الغير بالتحريم مما لاوجه له فالظاهر تحريم الايجاب وان لم يتحقق القبول نعم لا يبعد اعتبار الظن بالقبول أو عدم الظن بعدم القبول وينعقد البيع وشبهه لو تحقق بعد الزوال وان اثم بفعل عند المصنف وجمهور المتأخرين ونقله الشيخ عن بعض الأصحاب وذهب جماعة من الأصحاب منهم ابن الجنيد والشيخ في المبسوط والخلاف إلى عدم الانعقاد ومال إليه بعض أفاضل الشارحين والأول أقرب لما تحقق في الأصول من أنه لا منافاة بين التحريم وترتب الأثر ولهذا لم يتناقض النهي مع التصريح بترتب اثره عليه ويضاف ذلك إلى عموم ما دل على ترتب الأثر نحو قوله تعالى الا ان يكون تجارة عن تراض منكم وقوله (ع) البايعان بالخيار ما لم يفترقا إلى غير ذلك من الاخبار حتى يتم المطلوب احتج الشيخ بان النهى في المعاملات يقتضي الفساد وجوابه منع ذلك كما حقق في الأصول واحتج بعض الشارحين بأنه لم يثبت كون العقد المحرم سببا للانتقال إذ لا يمكن الاستدلال لقوله تعالى وأحل الله البيع ولا بالاجماع في محل الخلاف وجوابه واضح مما أسلفنا ويكره السفر بعد الفجر وهذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب وأكثر العامة على ما ذكره المصنف في التذكرة وذكر انه لا يكره السفر ليلة الجمعة اجماعا ولعل الحجة في هذا الباب مضافا إلى الاتفاق اطلاق النهى عنه في الخبر النبوي السالف ذكره في مسألة تحريم السفر بعد الزوال ولما فيه من حرمان نفسه من أكمل الفرضين وفي وجوب الاصغاء والطهارة في الخطبتين وتحريم الكلام قولان مراده بالاصغاء الاستماع سواء كان المصغى مع ذلك متكلما أم لا ولهذا جمع بينه وبين تحريم الكلام وفي القاموس ان الاصغاء الاستماع مع ترك الكلام فيكون ذكره مغنيا غير ذكره واختلف الأصحاب في وجوب الانصات فذهب الأكثر إلى الوجوب وذهب الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر إلى أنه مستحب حجة الأول ان فائدة الخطبة انما يتم به وفيه منع واضح لمنع كون الفائدة منحصرة في استماع كل منهم جميع الخطبة ولو قصد بهذا الاستدلال على وجوب اصغاء الزائد على العدد كان اخفى دلالة قال الشارح الفاضل ووجوب الاصغاء غير مختص بالعدد لعدم الأولوية نعم سماع العدد شرط في الصحة وفيه تأمل لجواز حصول الواجب بسماع العدد كفاية وعلى تقدير وجوب سماع الزائد على العدد هل يجب الاسماع على الخطيب فيه نظر من حيث توقفه على الاسماع واشتراط الوجوب بامكان السماع ولعله أوجه وعلى تقدير وجوب السماع يجب ان يقرب البعيد ويجلس بعضهم بجنب بعض تحصيلا للسماع الواجب بقدر الامكان حجة الشيخ ومن وافقه الأصل السالم عن المعارض وهو متجه واختلفوا أيضا في اشتراط طهارة الخطيب من الحدث وقت ايراد الخطبتين فقال الشيخ في المبسوط والخلاف بالاشتراط ومنعه ابن إدريس والفاضلان حجة الأول وجوه الأول انه أحوط إذ مع الطهارة تبرء الذمة بيقين وبدونها لا يحصل يقين البراءة الثاني التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله الثالث ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال وانما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الامام والاتحاد غير متحقق فيجب حمل الكلام على المساواة في جميع الأحكام ولكونها أقرب المجازات إلى الحقيقة وبهذا التقرير يندفع ما يقال اثبات المماثلة بين شيئين لا يقتضي ان يكون من جميع الوجوه كما تقرر في مسألة ان نفي المساواة لا يفيد العموم والجواب عن الأول منع كون الاحتياط دليلا شرعيا بل الحكم بالوجوب من غير دليل دال عليه ينافي الاحتياط وعن الثاني ان فعل النبي صلى الله عليه وآله أعم من الواجب والتأسي انما يجب فيما يعلم كونه من على جهة الوجوب وعن الثالث ان المتبادر بقرائن المقام انه كالصلاة في وجوب الاتيان بها أو الثواب أو غير ذلك مما يقرب منه سلمنا لكن لا يمكن حملها على المماثلة من جميع الجهات الا بارتكاب التخصيص فيها وليس الحمل عليه أقرب من الحمل على ما ذكرنا وبالجملة دلالة الرواية على ما ذكر غير واضح فلا معدل عن الأصل والاحتياط واضح والمستفاد من الدلائل المذكورة والمساواة بين الحدث والخبث في الحكم المذكور وبه صرح الشهيد في البيان وفي الذكرى والدروس خص الحكم بالحدث ولعل الأقوال في المسألة ثلاثة ومقتضى الدليل السابق وجوبها على المأموم أيضا وقال الشارح الفاضل لم اقف على قائل بوجوبها على المأموم واختلف الأصحاب في تحريم الكلام فذهب الأكثر إلى التحريم فمنهم من عمم حكم التحريم بالنسبة إلى المستمعين والخطيب ومنهم من خصه بالمستمعين ونقل عن الشيخ الثقة الجليل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أنه قال في جامعه إذا قام الامام يخطب فقد وجب على الناس الصمت وذهب الشيخ في المبسوط وموضع من الخلاف والمحقق في المعتبر إلى الكراهية وهو أقرب للأصل وضعف المعارض ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا خطب الامام يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد ان يتكلم حتى يفرغ من خطبته فإذا فرغ تكلم ما بينه وبين ان يقام الصلاة فان سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه فان الظاهر من قوله (ع) لا ينبغي الكراهية ويؤيده ما رواه العامة عن انس قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب يوم الجمعة إذ قام إليه رجل فقال يا رسول الله هلكت (الكراع) الشاة فادع الله إن يسقينا وذكر الحديث قال ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وآله قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السيل فادع الله يرفعها عنا وروى أن رجلا قام إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يخطب فقال يا رسول الله متى الساعة فاعرض عنه وأومأ الناس إليه بالسكوت فلم يقبل فأعاد فلما كان في الثالثة قال له النبي صلى الله عليه وآله ويحك ماذا أعددت لها قال أحب الله ورسوله فقال إنك مع من أحببت حجة القول بالتحريم صحيحة ابن سنان السابقة وقد عرفت الجواب عنه ومن المتأخرين من صرح بعموم التحريم ومن القائلين بالتحريم من صرح بانتفاء التحريم بالنسبة إلى البعيد الذي لا يسمع والأصم لعدم الفائدة ولم أجد تصريحا من القائلين بالتحريم ببطلان الصلاة أو الخطبة بالكلام والظاهر تحريم الكلام أو كراهته فيما بين الخطبتين ولا يحرم بعد الفراغ من الخطبتين ولا قبل الشروع فيهما عند علمائنا والممنوع من سجود الركعة الأولى على الأرض وما يقوم مقامها لكثرة الزحام ونحوه لا يجوز له ان يسجد على ظهر غيره أو رجله اجماعا منا على ما حكاه جماعة من الأصحاب بل ينتظر حتى يتمكن من السجود ويسجد ويلحق قبل الركوع ويفتقر ذلك للحاجة والضرورة فان تعذر ادراكه قبل الركوع لم يلحق وظاهر كلام المصنف هنا انه لا يلحق إذا أمكن ادراكه راكعا وهو خلاف ما صرح به المصنف وغيره فإنهم قالوا إنه يلحق فيقوم منتصبا مطمئنا يسيرا بغير قرائة ثم يركع ويسجد معه في الثانية في صورة التعذر المذكور وينوى بهما اي بالسجدتين انهما للركعة الأولى لأنه لم يسجد لها بعد ثم يتم الصلاة بعد تسليم الامام وقال في المعتبر وهذا متفق عليه وفي المنتهى انه مذهب علمائنا أجمع ولو نوى بهما للركعة الثانية بطلت صلاته على المشهور ذهب إليه الشيخ في النهاية واختاره أكثر المتأخرين وقال الشيخ في المبسوط ان لم ينو انهما للأولى لم يعتد بهما ويستأنف سجدتين للركعة الأولى ثم استأنف بعد ذلك ركعة أخرى وقد تمت جمعته قال وقد روى أنه يبطل صلاته ونحوه قال في الخلاف على ما نقل عنه وهو المحكي عن السيد المرتضى ومال إليه الشهيد في الذكرى حجة الأول ان المكلف مع نية انهما للثانية لم يأت بالمأمور به على وجهه لان المأمور به اتيان ركعة كاملة ولم يأت بها فيبقى في عهدة التكليف وحينئذ إما ان يجب عليه إعادة السجدتين أو استيناف الصلاة لان المخرج عن العهدة أحدهما والأول باطل لان الزيادة في الركن مبطلة للأخبار الدالة على أن الزيادة في الصلاة مبطلة فتعين الثاني وفيه نظر لأنه موقوف على اثبات ان نية كونهما للأولى شرط في الصحة وليس عليه دليل واضح ولقائل أن يقول الواجب على المكلف في الصورة المذكورة إعادة السجدتين أو استيناف الصلاة إذ لا قائل بغيرهما وحيث ثبت بطلان الأول تعين الثاني لكنه متوقف على ثبوت عدم القائل بالواسطة وهو غير واضح حجة الثاني الاجماع على ما حكاه الشيخ في الخلاف وما رواه الشيخ وابن بابويه باسناد ضعيف عن حفص بن غياث قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في رجل
(٣١٥)