صرحوا بانسحاب حكم الأبطال في الذكر المستحب أيضا وتنظر فيه المدقق الشيخ علي فقال من نودي بالذكر المندوب الصلاة وغير الصلاة معا كان قصد افهام الغير بتكبير الركوع أو زجره لا يبطل به الصلاة إذ لا يخرج بذلك عن كونه ذكر الله ولا يصير من كلام الآدميين وكلام الاعتداد به في الصلاة حينئذ لو تحقق لم يقدح في الصحة لعدم توقف صحة الصلاة عليه قال إذا قصد الافهام مجردا عن كونه ذكرا فإنه يبطل حينئذ وفي كلام الأخير نظر والظاهر في المسألة ان القران والذكر والدعاء لو قصد به غير الصلاة لم تبطل الصلاة لعموم ما دل على جوازهما في الصلاة من غير دليل على التخصيص واما غير ما ذكر فالحكم بالبطلان قوة لتوقف الامتثال عليه كما أشرنا إليه لكن لا يثبت بهذا المسلك وجوب القضاء فتدبر الخامس ذكر المصنف وغيره ان من قصد بالصلاة أو ببعض أجزاءها الرياء يبطل صلاته وصرح المصنف بانسحاب الحكم في الذكر المندوب أيضا والكلام في هذه المسألة كما في المسألة السابقة غير أن ما دل على جواز القران والذكر في الصلاة مخصص هيهنا لتحريم العبادة التي قصد به الرياء فلعموم الحكم بالبطلان ههنا وجه أقوى أشرنا إليه والمدقق الشيخ على فرق في الذكر المندوب بين قصد الرياء وغيره فحكم بالبطلان في صورة قصد الرياء لكونه منهيا عنه فيخرج عن كونه ذكرا قطعا فيبطل به الصلاة وفي هذا التعليل نظر لان التحريم لا يستلزم خروجه عن كونه ذكرا كما لا يخفى السادس ذكر المصنف وغيره ان قصد الرياء أو الوجوب أو غير الصلاة في الزائد على القدر الواجب من هيأت الصلاة كالطمأنينة لا يوجب الأبطال الا مع الكثرة والحكم بالبطلان في صورة الكثرة مبني على ما سيجئ من أن الفعل الكثير موجب للبطلان وان الكثرة متحققة بمثل هذا الفعل وسيجئ تحقيقه في محله وقد يقال إنه مبني على أن الأكوان غير باقية وان الباقي محتاج إلى المؤثر فعلى القول ببقاء الأكوان واستغناء الباقي لا يتحقق الكثرة بزيادة الطمأنينة إذ هي بعد حدوثها باقية مستغنية عن المؤثر إذ لا يعقل وجود الكثرة إذا لم يصدر من الفاعل شئ ضعفه ظاهر الثالث من واجبات الصلاة تكبيرة الاحرام سميت بذلك لان بها يحرم ما كان محللا قبلها على المكلف كالكلام وسميت تكبيرة الافتتاح لان بها يحصل الدخول في الصلاة وهي ركن في الصلاة تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ونقل عليه اجماع المسلمين الا الشاذ منهم جماعة من الأصحاب ويدل عليه مضافا إلى الاتفاق وكون الجزئية مقتضية لذلك وتوقف الامتثال عليه اخبار كثيرة منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل ينسى تكبيرة احرام قال يعيد وفي الصحيح عن محمد وهو ابن مسلم عن أحدهما (ع) في الذي يذكر انه لم يكبر في أول صلاته فقال إذا استيقن انه لم يكبر فليعد ولكن كيف يستيقن وفي الصحيح عن زريح بن محمد المحاربي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل ينسى ان يكبر حتى قرأ قال يكبر وعن ذريح باسناد اخر صحيح ما يقرب منه وفي الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل ينسى ان يفتتح الصلاة حتى يركع قال يعيد الصلاة وفي الصحيح عن الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور عن أبي عبد الله قال في الرجل يصلي فلم يفتتح بالتكبير هل يجزيه (تكبيرة) الركوع قال لا بل يعيد صلاته إذا حفظ انه لم يكبر ورواه الكليني بأدنى تفاوت في المتن وفي الصحيح عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أقام الصلاة فنسى ان يكبر حتى يفتتح الصلاة قال يعيد فان قلت قد روى الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل نسى ان يكبر حتى دخل في الصلاة فقال أليس كان من نيته ان يكبر قال نعم قال فليمض في صلاته وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قلت له الرجل (فانسى ان يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع فقال أجزئه وروى الشيخ في الفه (الفقيه) عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له رجل) ينسى أول تكبيرة من الافتتاح فقال إن ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرا ثم ركع وان ذكرها في الصلاة كبرها في قيامه في موضع التكبيرة قبل القراءة وبعد القراءة قلت فان ذكرها بعد الصلاة قال فليقضها ولا شئ عليه ورواه الصدوق أيضا في الفقيه في الصحيح عن زرارة في المتن مخالفة في مواضع منها ان فيه كبرها في مقامه في موضع التكبير وهو انسب وروى الشيخ في الصحيح عن سماعة بن مهران عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قام في الصلاة ونسى ان يكبر فبدأ بالقراءة فقال إن ذكرها وهو قائم قبل ان يركع فليكبر وان ركع فليمض في صلاته فما وجه الجمع بين هذه الأخبار والاخبار الأولة قلت إما الخبر الأول فالظاهر من السؤال عما كان في نية المصلي فرض المسألة في حكم الشك والتعبير بالنسيان مبني على المسامحة في التأدية فان نسيان الفعل كما يطلق على تركه ناسيا قد يطلق على ذهابه عن الذهن بعد حضوره فيه والعلم به واما الخبر الثاني فقد حمله الشيخ على الشك أيضا ولا يخلو عن بعد بالنسبة إلى السابق وقد يقال لو حمل على إرادة التكبير المستحب نظرا إلى عدم الوثوق بصحة اثبات (الهاء) مع لفظ التكبير لقلة الضبط في أمثاله كما يعرفه الممارس ولتركها في حديث أول الباب مع مناسبتهما لمن يكن بعيدا من الصواب وهو حسن وقد يحمل على المأموم إذا نسى ان يكبر للافتتاح والركوع فإنه يجزيه وهو تأويل بعيد جدا واما الرواية الثالثة فقد حملها الشيخ في الاستبصار على الشك أيضا وهو بعيد عن سياقها جدا وذكر في التهذيب ان ضمير فليقضها عائد إلى الصلاة لا إلى التكبير وان قوله ولا شئ عليه يريد به نفي العقاب لأنه لم يتعمد تركها قال بعض الأصحاب وهذا الذي ذكره هو أقصى ما يقال في تأويل الحديث وينبغي ان يضاف إليه حمل قوله وبعد القراءة على إرادة ما كان قد مر المصلي قبل ذكر التكبير وحاصله انه يستأنف الصلاة حين ذكر نسيان التكبير قال ولو شك في استقامة هذا الحمل لم يكن لا اطراح الخبر فإنه لا يقام وما ورد بالإعادة انتهى وهو جيد واما الرواية الرابعة فحملها الشيخ على الشك ويمكن حملها على نسيان التكبير المستحب أيضا وفيه بعد ويمكن حمل هذه الأخبار جميعا على التقية لموافقتها لمذهب بعض العامة وبالجملة ارتكاب التأويل في هذه الأخبار معين لكثرة الاخبار الأولة واعتضادها بعمل الأصحاب واتفاقهم وتأييدها بالاخبار الدالة على اعتبارها في حقيقة الصلاة وصورتها الله أكبر يجب مراعاتها وهو المشهور بين الأصحاب ونقل ابن زهرة الاتفاق عليه وخالف في ذلك جماعة من العامة حتى جوز أبو حنيفة ان يقال الله العظيم الله الجليل وان يأتي بالترجمة وان يقال لا إله إلا الله وسبحان الله إلى غير ذلك وقال الشافعي وجماعة منهم ينعقد قوله الله أكبر معرفا واليه ذهب ابن الجنيد والمعتمد الأول لان العبادات توقيفية يجب تلقيها من الشارع فمتى لم يكن معهودا منه لم يحصل به الامتثال والمعهود في التكبير الصورة المذكورة فلا يحصل الامتثال بدونه وما دل على اجزاء التكبير لا ينافي ذلك لان المعهود المتبادر من التكبير العبارة المذكورة والظاهر كونه حقيقة فيها مجازا في غيرها مع أنها لو شك في ذلك لكفى الاستدلال بوجوب تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت واستدل على المشهور بما رواه الجمهور في حديث رفاعة عن النبي صلى الله عليه وآله قال ويقول الله أكبر وصحيحة حماد السابقة وبان النبي صلى الله عليه وآله كان يداوم عليه وهو دليل على تعينه وجوبا والكل محل نظر لا يخفى على المتدبر وإذا ثبت وجوب الاتيان بالصيغة على الوجه المعهود فلو عكس المكلف وغير ترتيبها أو اتى بمعناها بان يقال الله أعظم أو أجل أو نحو ذلك مع القدرة على الاتيان بالصورة المعلومة أو اتى بها قاعدا معها اي مع القدرة على القيام أو اتى بها وهو اخذ في القيام بحيث وقعت قبل استيفاء القيام أو هو هاو إلى الركوع وفيه رد على الشيخ حيث جوز في الخلاف الاتيان ببعض التكبير منحنيا ومستنده غير معلوم أو أخل بحرف واحد بطلت الصلاة لعدم الاتيان بالمأمور على وجهه ويتحقق الاخلال بالحرف بوصل إحدى الهمزتين في الكلمتين أما همزة أكبر فظاهر لأنها همزة القطع واما همزة الله فلانها وإن كانت همزة وصل تقع في الدرج عند اتصال الكلام بكلام سابق الا انه لاكلام قبل التكبير إذا النية أمر قلبي لا مدخل للسان فيها ولو فرض تلفظ المصلي بها كان لغوا مخالفا للمعهود المنقول عن صاحب شرع فلا عبرة بها فخلاف وصل التكبير بها يوجب مخالفة المعهود من صاحب الشرع من القطع ونقل عن بعض المتأخرين جواز الوصل حينئذ عملا بظاهر القانون العربي وفيه ان ايراد الكلام المتصل به أمر مستحدث مبتدع لم يعهد عن الشارع فلا يوجب سقوط التكليف بما ثبت وجوبه من قطع الهمزة كما لا يخفى ومن هيهنا يظهر ان اتصال التكبير بكلام اخر بحيث يوجب الدرج لغة غير جائز لاستلزام ذلك إما مخالفة الشرع أو مخالفة اللغة ويعتبر في التكبير الهيئة فلو قاله على حد أسماء العدد لم ينعقد ويعتبر فيه عدم الفصل بما يعد فصلا عرفا سواء كان سكوتا أو لفظا فلو قال الله تعالى أكبر لم ينعقد ويجب علم المد بين الحروف في غير موضعه فلو مد همزة الله بحيث يصير استفهاما فمع القصد يبطل وبدونه وجهان ناشئان من أن الدلالة غير متوقفة على القصد وخروج ذلك عن المعهود ومن أن الاشباع بحيث يحصل به الحرف شائع في كلام العرب غير غزير بينهم والأول أرجح عملا بوجوب تحصيل البراءة اليقينية وكذا الكلام في لفظ أكبر فلو تلفظ بحيث صار اكبار وهو الطبل كان فيه الوجهان عند عدم القصد هذا إذا كان الاشباع كثيرا بحيث يحصل منه حرف صحيح والا لم يضر واما مد اللام الثاني من الجلالة
(٢٦٦)