في أوائل هذا المقصد وعدم انتهاضها بالدلالة على التحريم خصوصا إذا لم يكن القول بذلك مشهورا بين الأصحاب والأحوط عدم الاقدام عليه والخطبة بعدها اي بعد صلاة العيد واستماعها مستحب قد مر الدلالة على ترجيح استحباب الخطبة ويدل على رجحان فعلها التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله والأخبار الكثيرة مضافا إلى كون ذلك اجماعيا وهما بعد الصلاة وقبلها بدعة والظاهر أنه مجمع عليه بين الأصحاب بل قال في الذكرى انه اجماعي وقال في المنتهى انه لا نعرف فيه خلافا الا من بنى أمية (وقيل إن بني أمية) فعلوا ذلك وكذا ابن الزبير ثم انعقد الاجماع من المسلمين على كونهما بعد الصلاة وفي صحاح العامة أخبأ دالة عليه واخبارنا به مستفيضة فقد مر صحيحة محمد بن مسلم ورواية معاوية وهو ابن عمار في تحقيق كيفية هذه الصلاة وروى الشيخ عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال والخطبة بعدها والظاهر استحباب الخطبة لمن يصلي جماعة وان لم يتحقق شرائط الوجوب صرح به المصنف والظاهر سقوطها مع الانفراد لفقد الدليل على شرعيتها حينئذ استماعها مستحب وان قلنا بوجوبها وحكى المصنف في المنتهى والتذكرة اجماع المسلمين على ذلك مع أنه قائل في الكتابين بوجوبها وروى العامة عن عبد الله بن الصائب قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة العيد فلما قضى الصلاة قال انا نخطب فمن أحب ان يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب ان يذهب فليذهب وهما خطبتان كخطبة الجمعة لكن ينبغي ان يذكر في خطبة الفطر ما يتعلق بالفطرة ووجوبها وشرائطها وقدر المخرج وجنسه ومستحقه وفي الأضحى احكام الأضحية كذا ذكر جماعة من الأصحاب وهو حسن للتأسي وفي وجوب القيام فيهما والجلوس بينهما نظر وكذا في استحباب الجلوس قبلها ونفاه المصنف في بعض كتبه لان استحبابه في الجمعة لأجل الاذان كما ورد في بعض الأخبار ان النبي صلى الله عليه وآله يجلس حتى يفرغ المؤذنون وهو منفي هنا وهو حسن ولو اتفق العيد والجمعة تخير من صلى العيد في حضور الجمعة اختلف الأصحاب في هذه المسألة فقال الشيخ (ره) في جملة من كتبه إذا اجتمع عيد وجمعة تخير من صلى العيد في حضور الجمعة وعدمه ونحوه قال المفيد في المقنعة ورواه ابن بابويه في كتابه واختاره ابن إدريس واليه ذهب أكثر المتأخرين بل نسبه المصنف في المنتهى إلى من عدا أبي الصلاح وفي الذكرى إلى الأكثر وقال ابن الجنيد في ظاهر كلامه باختصاص الترخيص بمن كان قاصي المنزل واختاره المصنف في بعض كتبه وقال أبو الصلاح قد وردت الرواية إذا اجتمع عيد وجمعة ان المكلف مخير في حضور أيهما شاء والظاهر في المسألة وجوب عقد الصلاتين وحضورهما على من خوطب بذلك وقريب منه كلام ابن البراج وابن زهرة والترجيح للأول لما رواه الصدوق عن الحلبي في الصحيح انه سأل أبا عبد الله (ع) عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم الجمعة قال اجتمعا في زمان علي (ع) فقال من شاء ان يأتي الجمعة فليأت ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر وخطب (ع) خطبتين جمع فيهما خطبة العيد وخطبة الجمعة وهذه الرواية معتضدة بالشهرة والأصل مؤيد بغيرها فروى الكليني والشيخ عنه باسناد فيه شئ عن أبان بن عثمان عن سلمة عن أبي عبد الله (ع) قال اجتمع عيدان (على عهد أمير المؤمنين (ع) فخطب الناس فقال هذا يوم أجمع فيه عيدان) فمن أحب ان يجمع معنا فليفعل ومن لم يفعل فإنه له رخصة يعني من كان متنحيا وروى العامة عن زيد بن أرقم ان النبي صلى الله عليه وآله صلى العيد ورخص في الجمعة وروى أن ابن الزبير لما صلى العيد ولم يخرج إلى الجمعة قال ابن عباس أصاب السنة حجة ابن الجنيد على ما نقل عنه ما رواه الشيخ باسناد غير نقى عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (ع) ان علي بن أبي طالب (ع) كان يقول إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فإنه ينبغي للامام أن يقول للناس في خطبته الأولى انه قد اجتمع لكم عيدان فانا اصليهما جميعا فمن كان مكانه قاصيا فأحب ان ينصرف عن الأخر فقد أذنت له والجواب بعد تسليم منع الدلالة على اختصاص الترخيص بالنائي فان تصريح الامام بالتأذين للنائي لا يستلزم وجوب الحضور على غيره قال في الذكرى القرب والبعد من الأمور الإضافية فيصدق القاصي على من بعد بأدنى بعد فيدخل الجميع الامن كان مجاورا للمسجد وربما صار بعض إلى تفسير القاصي باهل القرى دون أهل البلد لأنه المتعارف انتهى والظاهر احالته إلى العرف وهو بحسب العرف لا يختص باهل القرى ولا يعم من عدا جار المسجد حجة القائل بوجوب الصلاتين ان دليل الحضور فيهما قطعي وخبر الواحد المتضمن لسقوط الجمعة والحال هذه انما يفيد الظن فلا يعارض القطع قال في الذكرى ويجاب عنه بان الخبر المتلقى بالقبول المعمول عليه عند معظم الأصحاب في قوة المتواتر فيلحق بالقطعي ولان نفي الحرج والعسر يدل على ذلك أيضا فيكون الخبر معتضدا بالكتاب العزيز وفيه نظر والصحيح عندي في الجواب ان شمول دليل الحضور لمحل النزاع ليس الا بحسب الظاهر وليس من قبيل النص فغاية ما يستفاد منه عند سلامته عن المعارض ليس الا الظن الغالب وما مرمن النص دال على الترخيص بصريحه فيكون حاكما على دليل الحضور دافعا للظن الحاصل منه فان الخاص حاكم على العام وبالجملة الظن حاصل مع النص الدال على الترخيص وغاية ما يستفاد من الأدلة الفرعية ليس الا الظن كما نبهنا عليه مرارا والاحتياط غير خفى وهل يجب الحضور على الامام حتى إذا اجتمع العدد صلى الجمعة والا الظهر أم لا قيل نعم واليه ذهب جماعة منهم (المرتضى وهو المستفاد من كلام أبي الصلاح وابن البراج واختاره المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والشهيد في الذكرى وظاهر كلام) الشيخ في الخلاف ثبوت التخيير بالنسبة إلى الامام أيضا والأول أقرب استنادا إلى ما دل على وجوب الحضور مع سلامته عن المعارض ههنا ويعلم الامام ذلك اي التخيير في خطبة تأسيا بأمير المؤمنين (ع) وفي وجوب التكبيرات الزائد والقنوت بينهما قولان اختلف الأصحاب في وجوب التكبيرات الزائدة فذهب الأكثر الأصحاب منهم السيد المرتضى وابن الجنيد والشيخ في الاستبصار وأبو الصلاح وابن إدريس إلى الوجوب وذهب المفيد والشيخ في التهذيب والخلاف إلى الاستحباب واختاره جماعة من المتأخرين منهم المحقق في المعتبر وقواه الشهيد في الذكرى حجة الأول التأسي بالنبي والأئمة عليهم السلام والاخبار المذكورة وفيه تأمل لان وجوب التأسي يتبع وجوبها على النبي صلى الله عليه وآله وهو ممنوع هنا إذا ثبت مواظبته (ع) عليها وهو غير واضح والاخبار غير واضحة الدلالة على الوجوب الا ان يستعان في ذلك بالشهرة واستدل الشيخ على قول المفيد في التهذيب بما رواه عن زرارة في الصحيح ان عبد الملك بن أعين سال أبا جعفر (ع) عن الصلاة في العيدين فقال الصلاة فيهما سواء يكبر الامام تكبيرة الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة ثم يزيد في الركعة الأولى ثلاث تكبيرات وفي الأخرى ثلاثا سوى تكبيرة الصلاة والركوع والسجود وان شاء ثلاثا وخمسا وان شاء خمسا وسبعا بعد أن يلحق ذلك إلى وتر ويؤيده ما رواه هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن التكبير في الفطر والأضحى فقال خمس وأربع فلا يضرك إذا انصرفت على وتر وليس في طريق هذا الخبر من يتوقف في شأنه الا يزيد بن إسحاق فإنه غير موثق في كتب الرجال الا ان له كتابا يرويه غير واحد من الثقات الاجلاء وفيه اشعار بحسن حاله وربما أيد بما رواه الشيخ عن عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي (ع) قال ما كان يكبر النبي صلى الله عليه وآله (في العيدين الا تكبيرة واحدة حتى ابطأ عليه لسان الحسين (ع) فلما كان ذات يوم عيد ألبسته امه وأرسلته مع جده فكبر رسول الله) فكبر الحسين (حين) حتى كبر النبي صلى الله عليه وآله سبعا ثم قام في الثانية فكبر النبي (ص) وكبر الحسين حين كبر خمسا فجعلها رسول الله صلى الله عليه وآله سنة وفي هذا التأييد ضعف وأجاب الشيخ في الاستبصار عن الخبرين الأولين بالحمل على التقية لموافقتهما لمذهب كثير من العامة قال ولسنا نعمل به واجماع الفرقة المحقة على ما قدمناه والمسألة محل تردد فيمكن ترجيح القول الأول استنادا إلى الأخبار السابقة بمعونة الشهرة بين الأصحاب واستضعاف خبر هارون وحمل خبر زرارة على التقية ويمكن ترجيح القول الثاني تمسكا بالخبرين المعتضدين بالأصل وحينئذ يحمل الأخبار السابقة على الاستحباب ويؤيد هذا ان التأويل (أقرب إلى التأويل) السابق فان حمل الكلام على التقية إذا لم يكن مدلوله مذهبا لجمهور العامة أو أكثرهم لا يخلو عن بعد مع عدم جريان هذا التأويل في خبر هارون وبالجملة ان قلنا بأحد هذين الترجيحين فذاك والا فمقتضى التوقف الاتيان بها لتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه واختلف الأصحاب أيضا في القنوت بعد كل تكبيرة فذهب الأكثر منهم المرتضى إلى وجوبه وجعله من متفردات الامامية ونقل اجماعهم عليه وذهب الشيخ في الخلاف إلى استحبابه واختاره المحقق في المعتبر حجة الأول صحيحة يعقوب بن يقطين ورواية إسماعيل بن جابر السابقتين في بيان كيفية هذه الصلاة وفيه تأمل لعدم وضوح دلالتهما على الوجوب وحجة الثاني الأصل وفيه تأمل لان اليقين بالبرائة من التكليف الثابت يتوقف على الاتيان به فلا ينفع الأصل في أمثال هذه المواضع كما مر في نظاير هذا المقام نعم يمكن الاستناد إلى الأخبار الواردة بحسب الظاهر في مقام البيان خالية عن ذكر القنوت وقد مر عدة منها فاذن لا يبعد ترجيح القول الثاني والمشهور انه لا يتعين في القنوت لفظ مخصوص ونقل عن ظاهر كلام أبي الصلاح وجوب الدعاء بالمرسوم والأول أقرب لاختلاف الروايات في تعيينه وأكثرها بلفظ الدعاء والقنوت
(٣٢١)