للميت وان لم يكن عليه قضاء ولم يكن المصلي ولده لكن الذي ظهر لي ان الفتوى بذلك لم يكن مشهور (في كتب القدماء) وانما أحدث واشتهر بين أصحابنا المتأخرين والمشهور من (في) كتب السابقين قضاء الولي عن الميت حسب وهل ينسحب هذا الحكم في كل صلاة حتى جاز ان يصلي المكلف صلاة الظهر مثلا وينويه عن الميت وان لم يكن عليه قضاء أم يختص ذلك بالصلوات المستحبة التي يجوز للمكلف الاتيان بها لنفسه بان يصليها ويجعل ثوابها للميت دون مثل الظهر مما لا يجوز للمكلف الاتيان بها لنفسه الا مرة واحدة فيه اشكال نظرا إلى أن شرعية العبادات تحتاج إلى توقيف الشرع وليس ههنا أمر دال على ذلك بحيث ينسد به باب التوقف والاشكال فان الأخبار المذكورة غير واضحة الدلالة على العموم ولو سلم لا يبعد ان يكون المراد بالصلاة فيها الصلاة المشروعة بالنسبة إلى المكلف بناء على أن لفظة الصلاة موضوعة للصحيحة الشرعية ولا طبيعة الأركان مطلقا وإذا كان الامر كذلك كان محصل النص ان كل صلاة يصح شرعا ان يفعله المكلف فله ان يجعله للميت فلا يستفاد منه الجواز واما قضية صفوان فقد ذكرها النجاشي بلفظ روى والشيخ اطلق ذكرها ولم يذكر لها سندا وطريقا والمسامحة في نقل أمثال هذه الحكايات التي لم يكن الغرض الأصلي من ايرادها تأسيس حكم شرعي شائع غالب فهذا الاعتبار يحصل نوع شك في صحة الاستناد إلى الامر المذكور فيحصل الشك في المسألة حتى يفتح الله ويسهل طريق معرفتها الثاني انه يجوز للمكلف ان يقضي عن الميت إذا علم أن عليه قضاء وان لم يكن ولدا له لرواية عمار وقضية الخثعمية السابقتين ويؤيده اطلاق الأخبار السابقة وهل يجوز ذلك باحتمال ان عليه قضاء أو توهمه أو تخيله فيه نظر وشك لعدم الدليل وتوقف العبادات على التوقيف الثالث قال السيد في الرسالة المذكورة لو أوصى الميت بالصلاة عنه وجب العمل بوصيته لعموم قوله تعالى فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ولأنه لو أوصى ليهودي أو نصراني لوجب انفاذ وصيته فكيف الصلاة المشروعة لرواية الحسين بن سعيد بسنده إلى محمد بن سليم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أوصى بماله في سبيل الله قال اعطه لمن أوصى به وإن كان يهوديا أو نصرانيا ان الله عز وجل يقول فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه وذكر الحسين بن سعيد في حديث اخر عن الصادق (ع) لو أن رجلا أوصى إلي ان أضع في يهودي ونصارى لوضعت فيهم ان الله يقول فمن بدله بعدما سمعه الآية وهو حسن الرابع هل يجوز الاستيجار على فعل الصلاة الواجبة بعد الوفاة لم أجد تصريحا به في كلام القدماء ولم يكن ذلك مشهورا بينهم قولا وفعلا وانما اشتهر بين المتأخرين نعم قال السيد في الكتاب المذكور وقد حكى ابن حمزة في كتابه في قضاء الصلاة عن الشيخ أبي جعفر محمد بن حسين الشوهاني انه كان يجوز الاستيجار عن الميت واستدل ابن زهرة على وجوب قضاء الولي الصلاة بالاجماع على انها تجري مجرى الصوم والحج وقد سبقه ابن الجنيد بهذا الكلام حيث قال والعليل إذا وجبت عليه الصلاة واخرها عن وقتها إلى أن فاتت قضاها عنه وليه كما يقضي حجة الاسلام والصيام قال وكذلك روى ابن يحيى عن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) فقد سويا بين الصلاة وبين الحج ولا ريب في جواز الاستيجار على الحج قال الشهيد في الذكرى الاستيجار على فعل الصلاة الواجبة بعد الصلاة مبنية على مقدمتين أحدهما جواز الصلاة عن الميت وهذه اجماعية والأخبار الصحيحة ناطقة بها كما تلوناه والثانية انه كلما جازت الصلاة عن الميت جاز الاستيجار عنه وهذه المقدمة داخلة في عموم الاستيجار على الأعمال المباحة التي يمكن ان يقع للمستأجر ولا يخالف فيها أحد من الامامية بل ولامن غيرهم لان المخالف من العامة انما منع لزعمه انه لا يمكن وقوعها للمستأجر عنه إما من يقول بامكان وقوعها له وهم جمع الامامية فلا يمكنه القول بمنع الاستيجار الا ان يخرق الاجماع في إحدى المقدمتين على أن هذا النوع قد انعقد عليه الاجماع من الامامية الخلف والسلف من عهد المصنف وما قبله إلى زماننا هذا وقد تقرر ان اجماعهم حجة قطعية ثم قال فان قلت فهلا اشتهر الاستيجار على ذلك والعمل به عن النبي والأئمة (ع) كما اشتهر الاستيجار على الحج حتى علم من المذهب ضرورة قلت ليس كل واقع يجب اشتهاره ولاكل مشهور يجب الجزم بصحته فرب مشهور لا أصل له ورب متأصل لم يشتهر إما لعدم الحاجة في بعض الأحيان لندور وقوعه والامر في الصلاة كذلك فان سلف الشيعة كانوا على ملازمة الفريضة والنافلة على حد لا يقع من أحد منهم اخلال بها الا لعذر يعتد كمرض موت أو غيره فإذا اتفق فوات فريضة بادروا إلى فعلها لان أكثر قدمائهم على المضائقة المختصة فلم يفتقروا إلى هذه المسألة واكتفوا بذكر قضاء الولي لما فات الميت من ذلك على طريق الندور يعرف هذه الدعاوي من طالع كتب الحديث والفقه وسير السلف معرفة لا يرتاب فيها فخلف من بعدهم قوم تطرق إليهم التقصير واستولى عليهم فتورا الهمم حتى آل الحال إلى أنه لا يوجد من يقوم بكمال السنن الا اوحديهم ولا يبادر بقضاء الفائت الا أقلهم فاحتاجوا إلى استدراك ذلك بعد الموت لظنهم عجز الولي عن القيام به فوجب رد ذلك إلى الأصول المقررة والقواعد الممهدة وفيما ذكرناه كفاية على أن قضاء الصلاة عن الميت غير متروك ذكره بين أرباب المذاهب المباينة للشيعة على طرف النقيض ولا مهمل نقل روايته عند نقله حديثهم ثم اخذ في نقل بعض عباراتهم ورواياتهم الدالة على ذلك قلت يتلخص مما ذكره الشهيد (ره) ان الحكم بجواز الاستيجار للميت مبني على الاجماع على أن كل أمر مباح يمكن ان يقع للمستأجر يجوز الاستيجار فيه وقد نبهت مرارا بان اثبات الاجماع في زمن الغيبة في غاية الاشكال خصوصا في مثل هذه المسألة التي لم يشتهر في سالف الاعصار وخلت عنه مصنفات القدماء والعظماء ممنوع قوله على أن هذا النوع قد انعقد عليه الاجماع يدل على أنه زعم انعقاد الاجماع عليه في زمان السيد وما قاربه ولا يخفى ان دعوى انعقاد الاجماع بالمعنى المعروف بين الشيعة في مثل تلك الأزمان بين التعسف واضح الجزاف ثم ذكره في تعليل عدم اشتهار هذا الحكم بين السلف لا يخلو عن تكلف فان ما ذكره من ملازمة الشيعة على مداومة الصلوات وحفظ حدودها والاستباق والمسارعة إلى قضاء فوائتها على تقدير تمامها انما يجري في العلماء وأهل التقوى منهم لا عوامهم وأدانيهم وعموم السفلة والجهلة منهم ويكفي ذلك داعيا للافتقار إلى هذه المسألة والفتوى بها واشتهار العمل بها لو كان لها أصل وبالجملة للنظر في هذه المسألة وجه فتدبر الخامس هل يجب القضاء عن الميت المشهور نعم ولعل مستنده غير واحد من الروايات السابقة الدالة على أن الولي يقضي ما فات الميت وفي دلالتها على الوجوب نظر لعدم وضوح دلالة الامر وما في معناها في اخبارنا على الوجوب وفي اشتهار الحكم بحيث ويجبرهن الدلالة نوع تأمل فان بعض الأصحاب لم يذكروه وبعضهم لم يقولوا بعمومه ولا بتعينه بل خير بينه وبين التصدق وتحرير الأقوال ان القول بوجوب جميع ما فات الميت مستند إلى ظاهر الشيخين وابن أبي عقيل وابن البراج وابن حمزة والمصنف في أكثر كتبه وقال ابن الجنيد (ره) والعليل إذا وجبت عليه صلاة فاخرها عن وقتها إلى أن مات قضاها عنه وليه كما يقضي عنه حجة الاسلام والصيام ببدنة وان جعل بدل كل ركعتين مدا أجزأه فإن لم يقدر فلكل أربع وان لم يقدر فمدا لصلاة النهار ومدا لصلاة الليل والصلاة أفضل وكذا المرتضى فاعتبرا مع التخيير بين القضاء والتصدق التخصيص بما فات عن العليل وقال ابن زهرة ومن مات وعليه صلاة وجب على وليه قضاؤها وان تصدق عن كل ركعتين بمد أجزأ إلى اخر ما قاله ابن الجنيد فاعتبر التخيير دون التخصيص السابق واحتج بالاجماع وطريقة الاحتياط وقال ابن إدريس بوجوب القضاء على وليه الأكبر من الذكران عما وجب على العليل فاخره عن أوقاته حتى مات ولا يقضي عنه الا الصلاة الفائتة في حال مرض موته فحسب وتبعه يحيى بن سعيد والشهيد في اللمعة فقال المحقق في بعض مصنفاته الذي ظهر ان الولد يلزمه قضاء ما فات الميت من صلاة وصيام لعذر كالمرض والسفر والحيض لا ما تركه الميت عمدا مع قدرته عليه وهو قول السيد عميد الدين وفي الذكرى لا باس به فان الروايات تحمل على الغالب من الترك وهو انما يكون على هذا الوجه إما تعمد ترك الصلاة فإنه نادر قال نعم قد يتفق فعلها لاعلى الوجه المبرئ للذمة والظاهر أنه يلحق بالتعمد التفريط والظاهر عندي انه لو قلنا بان الاخبار ظاهرة في الوجوب كان القول بعموم المقتضي وتعين القضاء متعينا والا كما هو الظاهر كان ثبوت الحكم منوطا باتفاق متقدرا بقدره فالاشكال ثابت فيه ثم اعلم أن السيد ابن زهرة بعد ذهابه إلى ما حكينا عنه اورد على نفسه قوله تعالى وان ليس للانسان الا ما سعى وما روى من قول النبي صلى الله عليه وآله إذا مات المؤمن انقطع عمله الا من ثلاث وأجاب بان الثواب للفاعل لا للميت لان الله تعالى تعبد الولي بذلك وسماه قضاء عنه لحصوله عند تفريطه واحتج بعض العامة المانعة من لحوق ما عدا الدعاء والصدقة والحج إلى الميت بالآية والخبر المذكورين وعلى هذين اعتمد النووي وغيره وأجيب بأنهما (عامان) مخصوصان بمحل الوفاق فمهما أجيب عنه فهو جوابنا وأيضا الأعمال الواقعة نيابة عنه بعد موته نتيجة سعيه في تحصيل الايمان
(٣٨٧)