نظر لأن هذه الرواية موجودة في الفقيه أيضا باسناد ظاهر الصحة إذ ليس في طريقه من يتوقف في شانه الا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي وأبوه والظاهر أن وجودهما غير قادح لأنهما من مشايخ الإجازة وليسا من أصحاب الكتب والمصنفات والرواية منقولة عن كتاب أحمد بن أبي عبد الله البرقي بناء على ما صرح به الصدوق من أن جميع ما في الفقيه منقول من كتب معتمدة وكتب البرقي كانت معروفه عندهم وعلى هذا فذكر الرجلين المذكورين رعاية لاتصال السند بحسب الظاهر وان حصل الغناء عنه فتوسطهما غير قادح في صحة الرواية وعن الثالث ان الاجماع المدعى انما يختص بحال الحضور والتمكن من الاستيذان أو في الوجوب العيني فلا يعم الاستحباب في حال الغيبة والذي يدل على ذلك انهم يذكرون شرط الامام أو نائبه ثم يذكرون بعد ذلك الاستحباب في زمان الغيبة على هذا جرت عادتهم في مؤلفاتهم وهو صريح فيما ذكرناه قال الشيخ في الخلاف بعد أن اشترط في الجمعة اذن الامام أو نائبه ونقل فيه الاجماع فان قيل أليس قد رويتم فيما مضى من كتبكم انه يجوز لأهل القرايا والسواد من المؤمنين إذا اجتمعوا العدد الذي ينعقد بهم ان يصلوا جمعة قلنا ذلك مأذون فيه مرغب فيه فجرى ذلك مجرى ان ينصب الامام من يصلى بهم وقال الشيخ في المبسوط بعد أن ذكر في أول الباب اشتراط صحة انعقاد الجمعة بالسلطان العادل أو من يأمره ولا بأس ان يجتمع المؤمنون في زمان الغيبة بحيث لا ضرر عليهم فيصلون بخطبتين فإن لم يتمكنوا من الخطبتين صلوا جماعة ظهرا أربع ركعات وقال في النهاية الاجتماع في صلاة الجمعة فريضة إذا حصلت شرائطه ومن شرائطه ان يكون هناك امام عادل أو من نصبه الامام للناس للصلاة ثم قال في اخر الباب ولا باس ان يجتمع المؤمنون في زمان التقية بحيث لا ضرر عليهم فيصلون جماعة بخطبتين فإن لم يتمكنوا من الخطبة جاز لهم ان يصلوا جماعة لكنهم يصلون أربع ركعات ويحتذي على كلام الشيخ يحيى بن سعيد في الجامع وهذه العبارات دالة على أن هذا الشرط مختص بزمان الحضور بل عبارة الخلاف دالة على حصول الشرط في زمان الغيبة وقال المحقق في المعتبر السلطان العادل أو نائبه شرط وجوب الجمعة وهو قول علمائنا ثم استدل بما مر سابقا من فعل النبي صلى الله عليه وآله والخلفاء بعده واحتج على اشتراط عدالة السلطان ثم قال لا يقال لو لزم ما ذكرتم لما انعقدت ندبا مع عدمه لانسحاب العلة في الموضعين وقد أجزتم ذلك إذا أمكنت الخطبة لأنا نجيب بان الندب لا يتوفر الدواعي على اعتماده فلا يحصل الاجتماع المستلزم للفتن الا نادرا وقال في موضع اخر لو لم يكن امام الأصل ظاهر أسقط الوجوب ولم يسقط الاستحباب وصليت جمعة إذا أمكن الاجتماع والخطبتان وبه قال الشيخ وانكره سلار واحتج على ما ذكره رواية الفضل بن عبد الملك وزرارة وعبد الملك السابقات وقال بعد ذلك في موضع اخر لو كان السلطان جايرا ثم نصب عدلا استحب الاجتماع وانعقدت جمعة وأطبق الجمهور على الوجوب لنا انا بينا ان الإمام العادل أو من نصبه شرط الوجوب والتقدير عدم ذلك الشرط إما الاستحباب فلما بيناه من الاذن مع عدمه ولا يخفى ان هذه العبارات كالصريح في أن الشرط المذكور للوجوب العيني عنده ويحتمل اختصاصه بزمان الحضور أيضا وقال المصنف في التذكرة ووجوبها يعني الجمعة على الأعيان ثم قال يشترط في وجوب الجمعة السلطان أو نائبه عند علمائنا أجمع واستدل عليه بنحو مما في كلام المحقق ثم قال بعد ذلك وهل لفقهاء المؤمنين حال الغيبة والتمكن من الاجتماع والخطبتين صلاة الجمعة أطبق علماؤنا على عدم الوجوب لانتفاء الشرط وهو ظهور الاذن من الامام واختلفوا في استحباب إقامة الجمعة فالمشهور ذلك واستدل عليه بالاخبار المذكورة وقريب منه كلامه في النهاية وهو كالصريح في أن الشرط المذكور انما هو للوجوب وانه منتف في زمان الغيبة وانه لا يتحقق بالفقيه وذكره الفقيه من باب التمثيل لا الاشتراط وقال في موضع آخر من التذكرة لو كان السلطان جائرا ثم نصب عدلا استحب الاجتماع وانعقدت جماعة على الأقوى ولا يجب لفوات الشرط وهو الامام أو من نصبه وأطبق الجمهور على الوجوب وقال الشهيد في الذكرى ان شرط وجوبها سبعة الأول السلطان العادل وهو الامام أو نائبه اجماعا ثم اخذ في ذكر شروط النائب إلى أن قال الثانية اذن الامام له كما كان النبي صلى الله عليه وآله يأذن لأئمة الجمعات وأمير المؤمنين (ع) بعده وعليه اطباق الامامية هذا مع حضور الإمام (ع) واما مع غيبته كهذا الزمان ففي انعقادها قولان أصحهما وبه قال معظم الأصحاب الجواز إذا أمكن الاجتماع والخطبتان ويعلل بأمرين أحدهما ان الاذن حاصل من الأئمة الماضين فهو كالاذن من امام الوقت واليه أشار الشيخ في الخلاف ويؤيده صحيح زرارة قال حثنا أبو عبد الله (ع) على صلاة الجمعة حتى ظننت انه يريد ان نأتيه فقلت نغدو عليك فقال لا انما عنيت عندكم ولان الفقهاء حال الغيبة يباشرون ما هو أعظم من ذلك بالاذن كالحكم والافتاء فهذا أولي والتعليل الثاني ان الاذن انما يعتبر مع امكانه إما مع عدمه فيسقط اعتباره ويبقى عموم القران والاخبار خاليا عن المعارض ثم نقل صحيحة عمر بن يزيد وصحيحة منصور بن حازم ورواية عبد الملك السابقات ثم قال والتعليلان حسنان والاعتماد على الثاني إذا عرفت ذلك فقد قال الفاضلان يسقط وجوب الجمعة حال الغيبة ولم يسقط الاستحباب وظاهرهما انه لو اتى به كانت واجبة مجزية من الظهر فالاستحباب انما هو في الاجتماع بمعنى انه أفضل الفردين الواجبين على التخيير وربما يقال بالوجوب المضيق حال الغيبة لان قضية التعليلين ذلك فما الذي اقتضى سقوط الوجوب الان ان عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في ساير الاعصار والامصار ونقل الفاضل فيه الاجماع انتهى كلامه وأنت إذا تأملت هذه العبارات وجدتها دالة على عدم اعتبار الفقيه في صحة الجمعة في زمان الغيبة وليس ما يصلح مستندا لهذا التوهم الا تعبير المصنف في التذكرة والشهيد في الدروس واللمعة بلفظ الفقهاء واللبيب المتأمل يعلم أنه غير دال على الاشتراط بل الغرض التمثيل أو الرد على ابن إدريس حيث زعم عدم حصول الشرط وهو اذن الامام بان يقال بعد التنزل ان الاذن حاصل للفقهاء لكونهم منصوبين من قبلهم (ع) كما يستفاد من كلام المصنف في الخلاف ثم نقول محتجا على القائل باشتراط الفقيه لا يخلو إما ان يحصل الشرط وهو اذن الامام بحضور الفقيه أم لا وعلى الأول يلزم وجوب الجمعة عينا والقائل باشتراط الفقيه لا يقول به على أن عباراتهم صريحة في عدم حصول شرط الوجوب وهو اذن (الامام) في زمان الغيبة وعلى الثاني لم يكن فرق بين حضور الفقيه وعدمه فتدبر ولو صلى الظهر من وجب عليه السعي إلى الجمعة لم تسقط الجمعة عنه بل يجب عليه ان يحضر (الجمعة) فان ادركهم صليها والا أعاد ظهره لأنه لم يأت بالمأمور به فلا يخرج عن عهدة التكليف فيجب عليه الاتيان بالجمعة مع الامكان والا أعاد الظهر وصحت حينئذ لتعلق التكليف بها ولا فرق بين العمد والنسيان ولابين ان يظهر في نفس الامر عدم الوجوب أم لا ولو صلى الظهر ناسيا ثم ظهر عدم التمكن من الجمعة لم يبعد القول بالصحة ولو لم يجتمع شرائط الجمعة لكن اجتماعها قبل خروج الوقت مرجو فهل له له تعجيل الظهر فيه وجهان أجودهما عدم الأجزاء لان صحة الظهر انما يترتب على انتفاء شرائط وجوب الجمعة وهو غير معلوم ويدرك المأموم الجمعة بادراك الامام راكعا في الثانية لا خلاف بين الأصحاب في ادراك الجمعة بادراك ركعة مع الامام نقل اتفاقهم على ذلك جماعة منهم ويدل عليه ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن العزرمي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها فان أدركته وهو يتشهد فصل أربعا وما رواه الشيخ والكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا عبد الله (ع) عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة فقال يصلى ركعتين فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا وقال إذا أدركت الامام قبل ان يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة فان أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع ركعات وما رواه الصدوق عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا أدركت الامام قبل ان يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة وان أدركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة الظهر وعن الفضل بن عبد الملك في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة وان فاتته فليصل أربعا ورواه الشيخ عن أبي بصير وأبي العباس الفضل بن عبد الملك باسناد فيه القسم عنه (ع) واما ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا يكون الجمعة الا لمن أدرك الخطبتين فمحمول على نفي الفضيلة والكمال جمعا
(٣١٠)