والانتقال إلى الايماء مع الضيق والاقتصار على التسبيح ان خشى مع الايماء وإن كان الخوف من لص أو سبع أو غرق وعلى ذلك فتوى علمائنا وتردد في ذلك المصنف في المنتهى ونقل عن بعض علمائنا قولا بان التقصير في عدد الركعات انما يكون في صلاة الخوف من العدو خاصة حجة الأول قوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا قالوا هو دال بمنطوقه على خوف العدو وبفحواه على ما عداه من المخوفات والروايات السابقة كصحيحة زرارة وصحيحة عبد الرحمن وصحيحة علي بن جعفر وفي دلالة الآية على ما ذكروه بالفحوى نظر وكذا في دلالتها على خوف العدو بالمنطوق كما مر واما الروايات فالمستفاد منها المساواة بين صلاة خائف (الأسد وخائف) العدو في الكيفية لا في الكمية فاذن الاقتصار على قصر الكيفية متجه والمذكور في الرواية العدو واللص والسبع والحاق غيرها بها يحتاج إلى دليل قال الشارح والحق بمن ذكر الأسير في أيدي المشركين إذا خاف من اظهار الصلاة والمديون المعسر لو عجز عن إقامة البينة بالاعسار وخاف الحبس فهرب والمدافع عن ماله لاشتراك الجميع في الخوف انتهى وغاية ما يمكن ان يتكلف في الحكم بالتعميم ان يقال يجب الصلاة على جميع المكلفين لعموم الأدلة الدالة عليه والصلاة بالايماء والتكبير مع العجز صلاة شرعية في بعض الأحيان فحيث تعذر الأول يثبت الثاني والا يلزم التخصيص فيما دل على وجوب الصلاة على كل مكلف والموتحل والغريق يصليان بحسب الامكان ويجوز لهما الصلاة بالايماء مع العجز عن استيفاء الافعال ولا يقصران العدد الا في سفر أو خوف إما الأول أعني الصلاة بالايماء فعلل بان غير الممكن ليس بواجب والمستفاد من ذلك عدم وجوب استيفاء الافعال واما وجوب الايماء بدله فيحتاج إلى دليل اخر وكانه اجماعي والتوصل إلى اليقين بالبراءة من التكليف الثابت انما يحصل به واما عدم القصر بدون السفر أو الخوف المسوغ له فلان مقتضي العمومات الدالة على وجوب الاتمام انسحاب هذا الحكم فيما لم يخرجه دليل عن العام كما في محل البحث وذكر الشهيد في الذكرى انه لو خاف من اتمام الصلاة استيلاء الغرق ورجى عند قصر العدد سلامته وضاق الوقت فالظاهر أنه يقصر العدد أيضا واستحسنه الشارح الفاضل نظرا إلى أنه يجوز له الترك فقصر العدد أولي قال لكن في سقوط القضاء بذلك نظر لعدم النص على جواز القصر ههنا ووجه السقوط حصول الخوف في الجملة كما مر قال والحاصل ان غلبة مطلق الخوف توجب تطرق القصر إلى كل خائف قال ووجهه غير واضح إذ لا دليل عليه والوقوف على المنصوص عليه بالقصر أوضح ولا يخفى ان الحكم بوجوب القصر ينافي الحكم بوجوب القضاء لان الاتيان بالمأمور به يقتضي الأجزاء والحكم بوجوب القضاء انما يكون عند عدم الأداء وأيضا الحكم بوجوب القصر محل تأمل وما علل به ضعيف إذ لا يلزم من جواز الترك للعجز جواز فعلها مقصورة وبالجملة عدم الدليل على القصر يقتضي مساواة حكم الركعتين للركعة فتأمل المقصد الرابع في صلاة السفر يجب التقصير في الرباعية خاصة والظاهر أنه لا خلاف فيه روى ابن بابويه فيمن لا يحضر الفقيه عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح انهما قالا قلنا لأبي جعفر (ع) ما تقول في الصلاة في السفر كيف هي وكم هي فقال إن الله عز وجل يقول وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر قالا قلنا انما قال الله عز وجل ليس عليكم جناح ولم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر فقال (ع) أو ليس قد قال الله عز وجل ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما الا ترون ان الطواف بهما واجب مفروض لان الله عز وجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه (ع) وكذلك التقصير شئ صنعه النبي صلى الله عليه وآله وذكره الله تعالى ذكره في كتابه قالا قلنا فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا قال إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه والصلوات كلها في السفر الفريضة ركعتان الا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله صلى الله عليه وآله في السفر والحضر ثلاث ركعات وقد سافر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم إلى المدينة يكون إليها بريدان أربعة وعشرون ميلا فقصر وأفطر فصارت سنة وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وآله قوما صاموا حين أفطر العصاة قال فهم العصاة إلى يوم القيمة وانا لنعرف أبنائهم وأبناء ابائهم إلى يومنا هذا وانما يجب التقصير بستة شروط الأول المسافة وهي ثمانية فراسخ أو أربعة لمن رجع من يومه أجمع العلماء كافة على أن المسافة شرط في القصر وانما اختلفوا في تقديرها فذهب علماؤنا أجمع إلى أن القصر يجب في مسيرة يوم تام بريدان ثمانية فراسخ أربعة وعشرون ميلا حكى ذلك عنهم جماعة من الأصحاب ويدل عليه روايات منها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم السابقتان ومنها ما رواه الشيخ عن أبي أيوب في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن التقصير فقال في بريدان أو بياض يوم وعن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن الأول عن الرجل يخرج في سفر وهو مسيره يوم قال يجب عليه التقصير إن كان مسيرة يوم وإن كان يدور في عمله وروى ابن بابويه بسند معتبر عن الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) أنه قال وانما وجب التقصير في ثمانية فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر لان ثمانية فراسخ مسير يوم للعامة (للعلة كذا) وللقوافل والأثقال فوجب التقصير في مسير يوم (قال ولو لم يجب في مسير يوم) لما وجب في مسير سنه لان كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما هو نظير هذا اليوم فلو لم يجب هذا اليوم لما وجب في نظيره ومنها ما رواه الشيخ عن أبي بصير في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) في كم يقصر الرجل قال في بياض يوم أو بريدين وعن عبد الله ابن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في التقصير في الصلاة قال بريد في بريد أربع وعشرون ميلا وعن سماعة في الموثق على الظاهر قال سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة فقال في مسيرة يوم وذلك بريدان وهما ثمانية فراسخ ومن سافر قصر الصلاة وأفطر الا ان يكون رجلا مسعيا السلطان جائر أو خرج إلى صيد أو إلى قرية له يكون مسيرة يوم يبيت إليها لا يقصر ويفطر وعن عيص بن القسم في الحسن أو الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال في التقصير حده أربعة وعشرون ميلا وروى ابن بابويه عن زكريا بن ادم في الصحيح انه سأل أبا الحسن الرضا (ع) عن التقصير في كم يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جائر فيها يسير في الضياع يومين وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن فكتب التقصير في مسيرة يوم وليلة ولعل المراد ان التقصير في المسافة التي يسار فيها في يوم وليلة بحسب التعارف وان حصل بعض التوقف في الأثناء أو الواو بمعنى أو واختلف الأصحاب في مسيرة أربعة فراسخ فذهب جمع من الأصحاب منهم المرتضى وابن إدريس وكثير من المتأخرين إلى أنه يجب عليه التقصير إذا أراد الرجوع والمنع من التقصير ان لم يرد الرجوع ليومه واختاره المصنف وقال الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه وإن كان سفره أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه فالتقصير عليه واجب وإن كان سفره أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار انشاء أتم وانشاء قصر ونحوه قال المفيد والشيخ في النهاية الا انه منع من التقصير في الصوم وقال الشيخ في كتابي الاخبار ان المسافر إذا أراد الرجوع من يومه فقد وجب عليه التقصير في أربعة فراسخ ثم قال على أن الذي نقوله في ذلك أنه انما يجب التقصير إذا كان مقدار المسافة ثمانية فراسخ وإذا كان أربعة فراسخ كان بالخيار في ذلك انشاء أتم وانشاء قصر وظاهر هذا الكلام العدول إلى القول بالتخيير وان أراد الرجوع ليومه ولهذا نقل الشهيد في الذكرى عن الشيخ في التهذيب القول بالتخيير إذا كان المسافة أربعة فراسخ وأراد الرجوع ليومه ونقل ذلك عن المبسوط وابن بابويه في كتابه التكبير وقواه وقال ابن أبي عقيل كل سفر كان مبلغه بريدين وهما ثمانية فراسخ أو بريد ذاهبا وبريد جائيا وهو أربعة فراسخ في يوم واحد أو ما دون عشرة أيام فعلى من سافره عند آل الرسول (ع) إذا خلف حيطان مصره أو قريته وراء ظهره وغاب عنه منهما صوت الاذان ان يصلي صلاة السفر ركعتين ونقل في المختلف عن سلار انه إن كانت المسافة أربعة فراسخ وكان راجعا من يومه قصر واجبا وإن كان من غده فهو مخير بين القصر والاتمام ونقله عن ابني بابويه ومرادهم بالغد إن كان معناها الحقيقي كان قولا مخالفا للأقوال السابقة وإن كان المراد به ما عدا اليوم كان بعينه قول المفيد وحد المسافة ابن الجنيد بمسير يوم للماشي وراكب السفينة ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف الاخبار ففي كثير منها إناطة التقصير بالثمانية فراسخ وما في معناها كما مر وفي كثير منها علق بالأربعة فراسخ ومنها ما رواه الشيخ عن أبي أسامة زيد الشحام في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول يقصر الرجل الصلاة في مسيرة اثنى عشر ميلا وعن إسماعيل بن الفضل في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التقصير فقال في أربع فراسخ وعن زرارة في الصحيح والحسن بإبراهيم بن هاشم ورواه الكليني أيضا عن زرارة في الحسن عن أبي جعفر (ع) قال التقصير في بريد والبريد أربعة فراسخ وعن أبي أيوب في الحسن بإبراهيم قال قلت لأبي عبد الله (ع) أدنى ما يقصر فيه المسافر فقال بريد وعن عبد الله بن بكير في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القادسية اخرج إليها أتم أو اقصر وكم هي قلت هي التي رأيت قال قصر
(٤٠٥)