ويحتمل قويا عدم اعتبار اعتدال المكان لاطلاق النصوص وان اختلف كمية المسافة بالسهولة والخزونة الثالث يجوز العمل بالسير والتقدير ولو اعتبر المسافة بهما فاختلفا فالظاهر جواز الاكتفاء في لزوم القصر بكل واحد منهما واحتمل الشارح الفاضل في بعض كتبه تقديم السير لأنه اضبط ويلوح من كلام الشهيد في الذكرى تقديم التأخير وكانه بناء على أنه تحقيق لا تقريب وعندي ان العمل بالسير أولي بناء على وجوده صريحا في الاخبار وعدم تفسير الفراسخ في خبر معتمد الرابع ذكر غير واحد من الأصحاب ان مبدأ التقدير من اخر خطة البلد المعتدل واخر محلته في المتسع عرفا ولم اطلع على دليله ولا يبعد ان يكون مبدأ التقدير مبدأ سيره لقصد السفر الخامس لافرق مع اعتبار الأذرع بين قطع المسافة في يوم واحد وأقل أو أكثر نعم لو قطع المسافة في زمان طويل جدا بحيث يخرج عن اسم المسافر عرفا كالسنة مثلا اتجه عدم الترخيص قال الشهيد وغيره قال ومن هذا الباب لو قارب المسافر بلده فتعمد ترك الدخول إليه للترخص ولبث في قرى تقاربه مدة يخرج عن اسم المسافر ولم اقف في هذين الموضعين على كلام للأصحاب وظاهر النظر يقتضي عدم الترخيص وقد نوقش فيه بان السفر بعد استمراره إلى انتهاء المسافة قائما ينقطع بإحدى القواطع المقررة ومع عدمه يجب البقاء على حكم القصر السادس البحر كالبر وان قطع المسافة في ساعة واحدة لان التقدير بالأذرع كاف في ثبوت الترخيص وقال في المنتهى لا نعرف في ذلك خلافا السابع لو تردد يوما في ثلاثة فراسخ ذاهبا وجائيا فان بلغ في الرجوع إلى موضع سماع الاذان ومشاهدة الجدران فالظاهر أنه لا خلاف في عدم القصر وان لم يبلغ فالمقطوع به في كلام أكثر الأصحاب انه لم يجز القطع وخالف فيه المصنف في التحرير واستدل على الأول بوجهين أحدهما ان من هذا شانه ينقطع سفره بالرجوع وإن كان في رجوعه لم ينته الحد المذكور والا لزم القصر لو تردد في فرسخ واحد ثماني مرات وبان مقتضى الأصل لزوم الاتمام خرج منه قاصد الثمانية أو الأربعة التي لا يكون ملفقة من الذهاب والإياب لأنه المتبادر من اللفظ فيبقى الباقي على الأصل وللتأمل في الوجهين طريق الثامن لو كان لبلد طريقان أحدهما يبلغ المسافة فان سلك الابعد لا لعلة الترخص قصر اجماعا وإن كان للترخص لاغير فالظاهر أنه يقصر لاطلاق الأدلة وهو المشهور بين الأصحاب وقال ابن البراج يتم لأنه كاللاهي بصيده وهو ضعيف ولو سلك الابعد في الرجوع كان الحكم فيه كما في الذهاب ولو سلك الأقرب وقصد الرجوع بالأبعد فالذي ذكره غير واحد من الأصحاب انه لم يتم لأنه لم يقصد أولا مسافة والقصد الثاني لا حكم له قبل الشروع فيه ولي فيه تأمل فإنه مبني على المسافة ولا يتلفق من الذهاب والعود وهو محل التأمل ولو جهل البلوغ اي بلوغ المسافة القدر المعتبر في القصر ولا بنية أتم هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ولم اطلع على خلافه في كلامهم وعلل بأصالة عدم البلوغ وأصالة الاتمام وفيهما ضعف ويمكن ان يستدل عليه بقول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة ولا ينقض اليقين ابدا بالشك بناء على أن حكم الاتمام كان ثابتا مستمرا وانما عرض الشك في حصول السبب الموجب للقصر وبالآية فان حكم التقصير علق فيها على شرط الضرب في الأرض فيتوقف حكم المشروط على العلم بالشرط لان التكليف انما يتحقق عند تحقق الشرط فالشك في تحقق الشرط يستلزم الشك في التكليف فينتفي لأصالة العدم وفيه ان غاية ما يستفاد من ذلك عدم استفادة تكليف التقصير بالنسبة إليه من الآية لا انه يفهم منها انتفاء تكليف التقصير أو ثبوت تكليف الاتمام والاستدلال بالخبر أيضا لا يخلو يصفو عن المنازعة بالكلية ولكن لا يعبد الاستناد إليه وحينئذ فلو علم بالبلوغ في الأثناء فإن كان الباقي مسافة وجب التقصير بلا ريب والا فالظاهر وجوب التقصير واحتمل بعضهم عدمه وهو ضعيف وهل يجب الاعتبار مع الجهل بالبلوغ فيه وجهان نظرا إلى براءة الذمة وتوقف الواجب عليه ولعل الترجيح للعدم لان الواجب عليه التقصير بشرط العلم مطلق فيكون الواجب عليه واجبا مشروطا ومقدمة الواجب المشروط ليس بواجب ولو ظهر كون المسافة تامة لم يجب الإعادة للاتيان بالمأمور به المقتضي للاجزاء والتقييد بالنية بناء على أنه لو شهد عدلان على بلوغ المسافة وجب العمل به على ما صرح به الأصحاب ولم أجد أحدا خالف فيه الا ان اثبات الحجة عليه اشكال إذ لا أعلم نصا يدل على أن شهادة العدلين متبعة كلية والحق به الشياع وهو متجه ان اعتبرنا في الشياع ان يحصل به العلم العادي والا كان محل التأمل ثم ما قيل ههنا من حكم تعارض البينتين لا يرجع إلى أمر يصلح للتعويل عليه لفقد النص وضعف الاعتماد على الترجيحات الاعتبارية الثاني من شروط وجوب التقصير القصد إليها اي المسافة في مبدأ السير فلو قصد أقل من المسافة ثم إذا بلغه قصد أقل من المسافة أيضا لم يجب التقصير وان بلغ المجموع المسافة والظاهر أن هذا الحكم اجماعي بين الأصحاب بل العلماء كافة كما حكى عنهم واستدل على اعتبار هذا الشرط بان المسافة معتبرة اجماعا وحينئذ فالمعتبر إما ان يكون قطعها أجمع أو القصد إلى ذلك (والأول) خلاف النص والاجماع فيثبت الثاني وبرواية صفوان المتقدمة في الشرط الأول ولا يضر الارسال في طريق الرواية بعد كونها مقبولا عند الأصحاب معمولا عندهم واشترط الأصحاب أيضا استمرار القصد إلى انتهاء المسافة وحجتهم عندي غير واضحة وعلى ما ذكروا فلو قصد المسافة ثم رجع عن عزمه أو تردد قبل بلوغ المسافة أتم فلو توقع رفعه علق سفره عليهم فإن كان التوقع في محل رؤية الجدار وسماع الاذان أتم وان جزم بالسفر دونها وإن كان بعد بلوغ المسافة قصر ما لم ينو المقام عشرة أو يمضي ثلاثون يوما وإن كان قبل بلوغ المسافة بعد محل رؤية الجدار وسماع الاذان يتم الا مع الجزم وفي النهاية ان توقع على أربعة فراسخ قصر ودونها يتم ولو رجع المسافر عن التردد الحاصل قبل بلوغ المسافة قصر وفي احتساب ما مضى من المسافة حينئذ نظر واستقرب الشهيد في البيان الاحتساب والعبد والزوجة والخادم والأسير تابعون يقصرون ان علموا جزم المتبوع وقد صرح جماعة من الأصحاب بأنهم يقصرون وان قصدوا الرجوع عند زوال اليد عنهم بل كلام المنتهى يشعر بكون ذلك اتفاقيا في العبد والمرأة وعند الفرقة في الأسير حيث نسب الاختلاف إلى بعض العامة وهذه عبارته ولو خرج مكرها إلى المسافة كالأسير قصر لأنه مسافر سفرا بعيدا غير محرم فأبيح له التقصير كالمختار والعبد مع السيد والمراة مع الزوج إذا عزما على الرجوع مع زوال اليد عنهما خلافا للشافعي قال لأنه غير ناو للسفر ولا جازم به لان نيته انه متى خلى رجع والجواب النقض بالعبد والمراة وقال في النهاية لو عزم العبد على الرجوع متى أعتقه مولاه والزوجة متى طلقها أو على الرجوع وإن كان على سبيل التحريم كالإباق والنشوز لم يرخصوا لعدم القصد واستقربه الشهيد بشرط حصول امارة لذلك وعندي فيه تردد ولو صلى قصرا ثم عرض الرجوع أو التردد فالأظهر انه لا يعيد مطلقا وذهب الشيخ في الاستبصار إلى أنه يعيد مع بقاء الوقت حجة الأول الاتيان بالمأمور به المقتضي للاجزاء وما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح ورواه الشيخ باسناد فيه ضعف انه سأل أبا جعفر ع عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم في حاجة فلم يقض الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين قال تمت صلاته ولا يعيد حجة الشيخ ما رواه في الصحيح عن محمد بن عيسى عن سليمان بن حفص المروزي قال قال الفقيه التقصير في الصلاة بريدين أو بريدا ذاهبا وجائيا والبريد ستة أميال وهو فرسخان فالتقصير في أربعة فراسخ فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثنى عشر ميلا وذلك أربعة فراسخ ثم بلغ فرسخين ونيته الرجوع أو فرسخين آخرين قصر وان رجع عما نوى فرسخين وأراد المقام فعليه التمام وإن كان قصر ثم رجع عن نيته أعاد الصلاة وراويها مجهول وفيها مالا يوافق معمول الأصحاب وهي غير صريحة في خلاف ما ذكرنا مع أن الجمع بالحمل على الاستحباب متجه وحيث كان القصد إلى المسافة شرطا في التقصير كما عرفت فالهائم وطالب الاباق لا يقصران وان زاد سفرهما عن المسافة ويقصران في الرجوع مع البلوغ للمسافة لوجود المقتضى وكذا لو تجدد قصد المسافة في الأثناء الثالث من شروط وجوب التقصير عدم قطع السفر بنية الإقامة عشرة أيام فما زاد في الأثناء سواء وقع ذلك قبل بلوغ المسافة أو بعده والعبارة يحتمل وجهين أحدهما ان يكون المراد من سافر ثم قطع سفره بان يصل إلى موضع قد نوى فيه الإقامة عشرا أتم في ذلك الموضع فيكون الشرط المذكور شرطا لاستمرار التقصير لا لأصل وجوب التقصير وهذا الحكم اجماعي بين الأصحاب ويدل عليه الأخبار المستفيضة سيجئ عن قريب وثانيهما وهو الظاهر من العبارة بقرائن متعددة ان من شرط وجوب القصر ان ينوي مسافة لا يعزم على إقامة العشرة في أثنائها فلو نوى مثلا قطع ثمانية فراسخ لكنه يعزم على أن يقيم
(٤٠٧)