وقال أبو الصلاح وابن البراج والشيخ يحيى بن سعيد يستدبر القبلة والقبر امامه قال في الذكرى وكلاهما للخبر الشامل لذلك ولمطلق النداء عند الرأس على اي وضع كان المنادى وهو متجه قال ابن البراج ومع التقية يقول ذلك سرا والتعزية لأهل المصيبة جميعا وهي تفعله من العزاء وهو الصبر والمراد بها الحمل على الصبر والتسلي عن المصاب باسناد الامر إلى الله تعالى وحكمته ومصلحة والتذكر بما وعد الله على الصبر من الثواب وقد اتفق العلماء على استحبابه وفيه ثواب عظيم فروى الكليني عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) عن ابائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من عزى حزينا كئيبا كسى في الموقف حلة يحبى بها وعن محمد بن خالد في الصحيح عن وهب عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من عزى مصابا كان له مثل اجره من غير أن ينتقص من اجر المصاب شيئا وعن أبي جعفر (ع) قال كان فيما ناجى به موسى ربه قال يا رب ما لمن عزى الثكلى قال أظله في ظلي في يوم لاظل الا ظلي وعن أمير المؤمنين (ع) قال من عزى الثكلى أظله الله في ظل عرشه يوم لاظل الا ظله ويستحب ملاطفة اليتيم ففي الفقيه قال (ع) يعني الصادق (ع) مامن عبد يمسح يده على رأس يتيم ترحما له الا أعطاه الله عز وجل بكل شعرة نورا في يوم القيمة وروى أنه يكتب الله عز وجل له بعدد كل شعرة مرت عليها يده حسنة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من أنكر منكم قساوة قلبه فليدن يتيما فيلاطفه وليمسح رأسه يلين قلبه بإذن الله عز وجل فان لليتيم حقا وقال الصادق (ع) إذا بكى اليتيم اهتز له العرش فيقول الله تبارك وتعالى من هذا الذي ابكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره فوعزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني لا يسكنه عبد مؤمن الا أوجبت له الجنة ويستحب التعزية لجميع أهل الميت صغيرهم وكبيرهم عملا بالعموم والظاهر أنه لافرق بين الرجل والمرأة عند عدم الفتنة لعموم النص قال في الذكرى ويتأكد في النساء لضعف صبرهن ونقل الرواية السابقة عن أبي جعفر (ع) والرواية السابقة عن علي (ع) وغيرها قال نعم لا تعزى الشابة الأجنبية خوف الفتنة وقال في المنتهى ولا ينبغي ان يعزى النساء الأجانب خصوصا الشواب وقال الشارح الفاضل تكره تعزية النساء خوفا من الفتنة ويؤيد ذلك في الشواب ما روى الصدوق ان أمير المؤمنين (ع) كان يسلم على النساء وكان يكره ان يسلم على الشابة منهن وقال أتخوف ان يعجبني صوتها فيدخل من الاثم على أكثر مما اطلب من الاجر واختلف في تعزية الذمي فمنعها في المعتبر لأنه موادة منهى عنها ولقوله صلى الله عليه وآله لا تبدؤهم بالسلام وهذا في معناه وجوزه في التذكرة لان النبي صلى الله عليه وآله عاد يهوديا في مرضه وقال له أسلم فنظر إلى أبيه فقال له أبوه اطع أبا القاسم فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي أنقذه من النار والتعزية في معنى العبادة وأجيب لعله لرجاء اسلامه ومنع ابن إدريس من تعزية المخالف للحق مطلقا الا لضرورة فيدعو له بالهام الصبر الا بالاجر ووافقه المصنف في المنتهى ودليله غير واضح مع ورود الاخبار في الترغيب في عبادات المخالف وحضور جنائزهم وعموم اخبار التعزية الا ان يحمل على الضرورة ولا ضرورة في هذا الحمل وبالجملة للتوقف في هذا الحكم مجال ولاحد للتعزية لعدم ما يدل على التحديد بل يحصل متى صدق اسمها عرفا وقال أبو الصلاح من السنة تعزية أهله ثلاثة أيام وحمل الطعام إليهم وقال في الذكرى ويمكن القول بثلاثة أيام لنقل الصدوق عن أبي جعفر (ع) يصنع للميت مأتم ثلاثة أيام من يوم مات ونقل عن الصادق (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله أمر فاطمة (ع) ان تأتي أسماء بنت عميس ونسائها وان تصنع لها طعاما ثلاثة أيام فجرت بذلك السنة وقال الصادق (ع) ليس لأحد ان يحد أكثر من ثلاثة أيام الا المرأة على زوجها حتى ينقضي عدتها قال واوصى به أبو جعفر (ع) بثمانمائة درهم لمأتمه وكان يرى ذلك السنة لان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر باتخاذ الطعام لآل جعفر وفي كل هذه ايماء إلى ذلك ويجوز فعلها قبل الدفن وبعده لعموم النص وروى الشيخ وابن بابويه عن هشام بن الحكم في الصحيح والكليني عنه في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال رأيت موسى بن جعفر يعزي قبل الدفن وبعده والأفضل كونها بعد الدفن عند أكثر الأصحاب لما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير في الحسن عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن وروى في الفقيه مرسلا عن الصادق (ع) أنه قال التعزية الواجبة بعد الدفن وروى الكليني عن محمد بن خالد البرقي في الصحيح عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال التعزية الواجبة بعد الدفن ولعله محمول على تأكد الاستحباب وبعض الأخبار يدل على انها عند القبر وروى الكليني عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام (قال ليس التعزية عند القبر ثم ينصرفون لاتحدث في الميت؟ فيستمعون الصوت ورواه باسناد اخر فيه ضعف عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام) ويكفي في حصول التعزية المشاهدة لما رواه ابن بابويه مرسلا عن الصادق (ع) أنه قال وكفاك من التعزية ان يراك صاحب المصيبة وذكر الشيخ في المبسوط انه يكره الجلوس (للتعزية) يومين وثلاثة اجماعا ومنعه ابن إدريس وقال اي كراهة في جلوس الانسان في داره للقائه إخوانه والتسليم عليهم واستجلاب الثواب لهم في لقائه وعزائه وانتصر المحقق بأنه لم ينقل عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم والظاهر قول ابن إدريس وروى الكليني في الحسن عن أبي عبد الله (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله أمر فاطمة عليها السلام ان تتخذ طعاما لأسماء بنت عميس ثلاثة أيام فتأتيها ونسائها فتقيم عندها ثلاثة أيام وعن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال يصنع لأهل الميت ماتم ثلاثة أيام من يوم مات قال في القاموس المأتم كل مجتمع في حزن أو فرح أو خاص بالنساء أو بالشواب وقال ابن الأثير المأتم في الأصل مجتمع الرجال والنساء في الغم والفرح ثم خص به اجتماع النساء للموت وقيل هو للشواب من النساء لاغير وقال الجوهري المأتم النساء تجتمع ولو كان غرض الشيخ تخصيص الحكم بالرجال لم يكن في الخبرين حجة عليه ويكره فرش القبر بالساج من غير ضرورة هذا مشهور بين الأصحاب ولم اطلع على مستند له واما جوازه عند الضرورة فلما رواه الشيخ عن علي بن محمد القاساني قال كتب علي بن بلال إلى أبي الحسن (ع) انه ربما مات الميت عندنا ويكون الأرض ندية فنفرش الأرض بالساج أو نطبق عليه فهل يجوز ذلك فكتب ذلك جائز وقيل يحرم فرش القبر مما له قيمة من الثياب ونحوها كما يحرم وضع ذلك مع الميت ولعل مستنده استلزام ذلك حصول الاسراف ولم اطلع على نص دال على الترخيص الا انه روى الكليني عن يحيى بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) قال القى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وآله في قبره القطيفة قال في الذكرى إما وضع الفرش والمخدة فلا نص فيه نعم روى ابن عباس من طرقهم انه جعل في قبر النبي صلى الله عليه وآله قطيفة حمراء والترك أولى ونزول ذي الرحم الا في المرأة ذكر ذلك الشيخ في المبسوط والنهاية وتبعه على ذلك جماعة من الأصحاب ولم يذكره المتقدمون وعلل بالتعليل المذكور في موثقة عبيد بن زرارة الآتية وفيه تأمل واضح لاختصاص التعليل بأنه هالة وعدم ثبوت تحققه في غيرها والذي يستفاد من الروايات كراهة ان ينزل الوالد قبر ولده ولم اطلع على مستند لغير ذلك روى الكليني عن حفص بن البختري وغيره في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال يكره للرجل ان ينزل في قبر ولده وعن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم عن محمد بن أبي حمزة الثقة عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال لما مات إسماعيل بن أبي عبد الله (ع) اتى أبو عبد الله (ع) القبر فارخى نفسه فقعد ثم قال رحمك الله وصلى عليه ولم ينزل في قبره وقال هكذا فعل النبي صلى الله عليه وآله بابنه إبراهيم وعن ابان في الموثق عن عبد الله ابن راشد وهو غير موثق قال كنت مع أبي عبد الله (ع) حين مات إسماعيل ابنه فأنزل في قبره ثم رمى بنفسه على الأرض مما يلي القبلة ثم قال هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله بإبراهيم ثم قال إن الرجل ينزل في قبر والده ولا ينزل في قبر ولده وعن عبد الله بن راشد عن أبي عبد الله (ع) قال الرجل ينزل في قبر والده ولا ينزل الوالد في قبر ولده وعن عبد الله بن العنبري قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يدفن ابنه قال لا يدفنه في التراب قال قلت فالابن يدفن أباه قال نعم لا باس وروى الشيخ عن عبد الله بن محمد بن خالد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال الوالد لا ينزل في قبر ولده والولد ينزل قي قبر والده والمستفاد من هذه الروايات عدم كراهة نزول الولد قبر والده وقال في الذكرى يستحب في الرجل نزول الأجانب واحتج بخبر عبد الله بن محمد بن خالد عن الصادق (ع) الوالد لا ينزل في قبر ولده والولد لا ينزل في قبر والده فزاد لفظة لاعلى ما نقلناه فقلنا قال ولا ينافيه خبر عبد الله بن العنبري عنه (ع) لا يدفن ابنه ولا باس بدفن الابن أباه لان المكروه لا بأس به وهو يشعر بان الكراهية في جانب الأب الدافن أشد ولا يخفى ان لفظة لاغير موجودة في رواية عبد الله بن محمد فيما عندنا من نسخ التهذيب مع صحته وكذا في المنتهى فلاوجه للتعويل عليه والشارح الفاضل وافق الذكرى الا انه نقل الرواية المذكورة مرسلا عن الصادق (ع) ولعله نظر إلى الذكرى من غير مراجعة إلى الأصول كما يفهم من طريقته في هذا الشرح وبالجملة لا يستفاد من الاخبار سوى كراهية نزول الوالد قبر ولده بل يفهم من رواية محمد بن عطية ورواية محمد بن عجلان المذكورتين في أوائل
(٣٤٢)