بفعل موجبه سالمة عن المعارض وهو متجه ان خصصنا الروايات بالشك ولو اتى بعد الحكم بالكثرة بما شك فيه فالذي صرح به جماعة من الأصحاب بطلان صلاته وهو حسن فيما كان زيادته في الصلاة مبطلة إن كان الامر بالمضي على سبيل الايجاب وفيه اشكال إذ يجوز ان يكون من باب الاستحباب أو الترخيص ولو تذكر بعد الشك اتى بما يلزمه فلو كان قد فعل ففي الاجتزاء به وجهان واختلف الأصحاب فيما به يتحقق الكثرة فالمشهور بين المتأخرين منهم انه يرجع في ذلك إلى العرف ذهب إليه الفاضلان والشهيدان وغيرهم وقال الشيخ في المبسوط وقيل حده ان يسهو ثلاث مرات متوالية وبه قال ابن حمزة وقال ابن إدريس حده ان يسهو في شئ واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرات فليسقط بعد ذلك حكمها ويسهو في أكثر الخمس أعني ثلاث صلوات من الخمس فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الفريضة الرابعة وأنكر المحقق هذا القول فقال في المعتبر يجب ان يطالب هذا القائل بمأخذ دعواه فانا لا نعلم لذلك أصلا في لغة ولا شرع والدعوى من غير دلالة تحكم والأقرب الأول إذ لم اطلع على تحديد لذلك في الاخبار واما ما رواه ابن بابويه عن محمد بن أبي حمزة في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال وإذا كان الرجل يسهو في كل ثلاث فهو ممن يكثر عليه السهو فيحتمل وجهين أحدهما ان يكون المراد الشك في جميع الثلاث بان يكون المراد الشك في كل واحد واحد من اجزائه الثلاث اي ثلاث كان وثانيهما ان يكون المراد انه كلما صلى ثلاث صلوات يقع فيها الشك بحيث لا يسلم له ثلاث صلوات خالية من الشك ثبت له حكم الكثرة وحينئذ يقع الاحتياج إلى العرف أيضا إذ ليس المراد كل ثلاث صلوات يجب على المكلف على التعاقب إلى انقضاء التكليف والا يلزم انتفاء حكم الكثرة وسقوطه بالكلية وترجيح أحد الاحتمالين على الأخر على وجه واضح لا يخلو عن اشكال وان لم يبعد ادعاء ترجيح الأخير ومع هذا فالثلاث مجمل فيحتمل ان يكون المراد الصلوات أو الفرائض أو الركعات أو الافعال ولا يبعد ترجيح الأولين ومع هذا فغاية ما يستفاد من الرواية حصول الكثرة بذلك وهو غير مناف للعرف لأحصرها فيه فاذن لا معدل عن الإحالة إلى العرف قال في الذكرى ويظهر من قوله (ع) في حسنة حفص بن البختري ولا على الإعادة إعادة ان السهو يكثر بالثانية الا ان يقال يختص بموضع وجوب الإعادة وفيه تأمل إذ ليس في نفى الإعادة (في الإعادة) ودلالة على أن ذلك باعتبار حصول الكثرة وعلى التفسير الذي اعتبر فيه عدد الثلاث هل يعتبر سقوط حكم السهو في الرابعة أو الثالثة كل محتمل والذي ذكره جماعة من الأصحاب الأول والرواية على التفسير الأول تعضد الثاني ولو حصلت الثلاث غير متوالية لم يعتد بها نعم لو تكرر أياما بحيث يصدق الكثرة عرفا تعين اعتبارها ولو كثر شكه في فعل بعينه بنى على فعله فلو شك في غيره فالظاهر البناء عليه أيضا لصدق الكثرة صرح به الشهيد في الذكرى ولو سهى عن أربع سجدات في فريضة واحدة وتخلل الذكر فالظاهر أنه يصدق الكثرة عرفا فحينئذ يقضي السجدات جميعا بناء على أن الكثرة غير مؤثرة في سقوط القضاء للفعل المنسي ويسجد للسهو ست سجدات أو أربع سجدات بناء على الاحتمالين من اعتبار السقوط في الثالث أو الرابع بناء على عدم التداخل واما على القول بالتداخل وهو المختار كما سيجئ يسجد سجدتين واحتمل الشهيد في الذكرى الاجتزاء بسجدتين وان لم يقل بالتداخل محتجا بدخوله في خبر الكثرة ان تعدد السهو قال إما لو كان في سهو متصل فالظاهر أنه لا يدخل في الكثرة ومراده بالسهو المتصل ما لم يتذكر الابعد نسيان الجميع ويعلم من ذلك أن الكثرة يتحقق عنده بالثانية وذكر جماعة من الأصحاب منهم الشيخ والمصنف انه يسجد ثماني سجدات للسهو وفي الخلاف لا نص لأصحابنا فيها وقضية المذهب بطلان الصلاة ان قلنا باشتراط سلامة الركعتين الأوليين والا اتى بأربع وسجد للسهو أربع مرات وحكمهم بأربع سجدات أما مبني على اعتبار كون الكثرة الموجبة لسقوط موجب السهو في ثلاث فرائض أو على عدم سقوط موجب السهو واختصاص الحكم بالشك أو على اختصاص الحكم بصورة يتخلل تحقق الموجب ولو ذكر قبل التسليم نسيان الأربع عاد للأخيرة وقضى ثلاثا وسجد للسهو ومتى تحقق الحكم بالكثرة يستمر اعتبار سقوط حكم السهو إلى أن يخلو من السهو والشك فرائض متعددة بحيث ينتفي عنه وصف الكثرة عرفا فيتعلق بها حينئذ حكم السهو الطاري وهكذا واحتمل في الذكرى الاكتفاء في زواله بتوالي ثلاث بغير شك وتعضده رواية محمد بن أبي حمزة على أحد التفسيرين السابقين وربما احتمل بعضهم زوالها بصلاة واحدة خالية عن السهو والشك وزعم أن هذا ظاهر الرواية المذكورة وفيه نظر وهل يعتبر في مرات السهو التي يتحقق معها الكثرة ان يكون كل منهما موجبا لشئ أم يكفي حصول السهو مطلقا كالسهو في النافلة والسهو الذي غلب الظن أحد الجانبين بعد التروي فيه وجهان ناشيان من اطلاق النص واعتبار المشقة ولو نسى الحمد وذكر في حال قرائة السورة أو بعدها قبل الركوع أعادها اي السورة بعد أن يقرأ الحمد وقد مر ما يصلح مستندا لهذا الحكم وظاهر العبارة انه يعيد بعد قرائة الحمد والسورة التي قراها أولا بعينها والامر ليس كذلك بل هو مخير بين الاتيان بها وغيرها من السورة ولو ذكر الركوع قبل السجود بعدان هوى له قبل ان يصل إلى حده ركع والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه ان الذمة مشغولة بفعل الركوع ولامانع منه فيجب الاتيان به تحصيلا للبرائة ويدل عليه أيضا ما رواه ابن بابويه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا فاقض الذي فاتك سهوا وأورده الشيخ أيضا عن عبد الله بن سنان في الصحيح وفيه فاصنع الذي فاتك سهوا فإنها محمولة على صورة التذكر قبل فوات المحل بمعونة ما دل على أن نسيانها موجب لإعادة الصلاة فإنه محمول على صورة التذكر بعد فوات المحل جمعا بين الأدلة ويؤيده ما سيجئ من وجوب الاتيان به إذا شك في فعله قبل فوات المحل ففي صورة النسيان أولي بمعونة الحكم بعدم البطلان استنادا إلى الأصل واعلم أن مقتضى بعض عباراتهم وجوب القيام أولا ثم الركوع ولعله مبني على أن المتبادر من تدارك الركوع تداركه على هذا الوجه أو لتدارك القيام المتصل بالركوع فإنه ركن ولم يحصل وربما يقال إنه معلل باستدراك الهوى إلى الركوع فإنه واجب ولم يقع بقصد الركوع ذكر ذلك غير واحد من الأصحاب وللنزاع في اثبات وجوب الهوى المذكور مجال الا ان اليقين بالبرائة من التكليف الثابت يقتضيه والحكم المذكور على التعليل الأخير انما يتم إذا نسى الركوع في حال القيام إما إذا حصل النسيان بعد الوصول إلى حد الراكع قبل ان يحصل منه صورة الركوع بان وصل إلى حد لو تجاوز عنه صدق عليه اسم الراكع فلا بل مقتضاه انه يقوم منحنيا إلى حد الراكع كما قاله غير واحد من الأصحاب ولو تحقق صورة الركوع قبل النسيان ففي وجوب العود اشكال لاستلزامه زيادة الركن فان حقيقة الركوع هو الانحناء المخصوص وقد حصل واما الطمأنينة والذكر والرفع عنه فواجبات في الركوع ولا مدخل لها في تحصيل حقيقته ولو نسى الرفع بعد اكمال الذكر ففي وجوب استدراك القيام حينئذ اشكال وكذا يرجع في العكس وهو ما لو ذكر انه نسى السجود قبل ان يركع فإنه يعود له والظاهر أن هذا الحكم في السجدة الواحدة مما لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن جابر في الحسن بمحمد بن عيسى الأشعري عن أبي عبد الله (ع) في رجل نسى ان يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم انه لم يسجد قال فليسجد ما لم يركع فإذا ركع فذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فإنها قضاء الحديث وما رواه ابن بابويه عن ابن مسكان عن أبي بصير في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى ان يسجد واحدة فذكرها وهو قائم قال يسجدها إذا ذكرها ولم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وحدها وليس عليه سهو وهذه الرواية اوردها الشيخ باسناد فيه ضعف وفي العبارة أدنى تفاوت واختلف الأصحاب في نسيان السجدة فذهب المتأخرون إلى أنه كنسيان السجدة الواحدة في وجوب الرجوع وهو قول المفيد في الرسالة الغرية وذهب ابن إدريس إلى أن نسيان السجدتين بعد قيامه إلى الركوع يوجب إعادة الصلاة وهو الظاهر من كلام المفيد وأبي الصلاح وكلام الشيخ والمرتضى وسلار مضطرب حجة الأول ان القيام ليس انتقالا عن المحل والا لم يجب الرجوع إلى السجدة الواحدة وإذا لم يكن انتقالا عن المحل وجب الرجوع إلى السجدتين أيضا وهذه الحجة ضعيفة نعم لا يبعد ترجيح هذا القول استناد ا إلى صحيحة ابن سنان السابقة في المسألة المتقدمة وصحيحة محمد بن مسلم السابقة عند شرح قول المصنف ويبطل بالاخلال بركن لا تخلو عن تأييد ماله وينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع ومتى كان المنسى مجموع السجدتين عاد إليهما من غير جلوس واجب قبلهما إما لو كان المنسى أحدهما فإن كان قد جلس عقيب الأولى واطمأن بنية الفصل أو لا بنية ولم يجب الرجوع إلى الجلوس قبل السجدة وان لم يجلس أو جلس ولم يطمئن فقيل يجب الجلوس واختاره الشارح الفاضل معللا بأنه من أفعال الصلاة
(٣٧١)