من الأصحاب ومع ذلك فنسخ من لا يحضره الفقيه مختلف ففي بعضها يصلى ركعتين من قيام وفي سند الرواية أيضا اختلاف ففي بعضها عن أبي إبراهيم (ع) قال قلت له وفي أكثر النسخ كما اوردته والاعتبار يقتضي ترجيح الأول ويحتمل وقوع التصحيف في لفظ أبي إبراهيم وعلى القول المشهور فهل يجوز ان يصلى بدل الركعتين جالسا ركعة قائما فيه أقوال ثلاثة الأول تحتمه ونسبه في الذكرى إلى ظاهر المفيد في الغرية وسلار الثاني عدم الجواز ونسبه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب الثالث التخيير لتساويهما في البدلية بل الركعة من قيام أقرب إلى حقيقة المحتمل وهو قول المصنف والشهيدين والأوسط أقرب وقوفا على النص وهل يجب تقديم الركعتين من قيام فيه أقوال الأول وجوب تقديمهما وهو قول المفيد (في المقنعة) والمرتضى في أحد قوليه الثاني التخيير وهو ظاهر المرتضى في الانتصار وأكثر الأصحاب الثالث تحتم تقديم الركعتين جالسا وقد نقل بعض الأصحاب حكاية قول به الرابع تحتم تقديم ركعة قائما وهو المنقول عن المفيد في الغرية ولعل (الأول) الأقرب وقوفا على النص وذكر الشارح الفاضل ان المصنف وأكثر الجماعة انما خصوا من مسائل الشك هذه الأربع لأنها مورد النص ولعموم البلوى بها للمكلفين فمعرفة حكمها واجب عينا كباقي واجبات الصلاة ومثلها الشك بين الأربع والخمس وحكم الشك في الركعتين الأوليين والثنائية والثلاثة بخلاف باقي مسائل الشك المنشعبة تتفق نادرا أو لا تكاد ينضبط لكثير من الفقهاء قال وهل العلم بمعرفة ما يجب معرفته منها شرط في صحة الصلاة فيقع بدون معرفتها باطلة وان لم يعرض في ذلك الصلاة يحتمله تسوية بينها وبين باقي الواجبات والشرائط التي لا يصح الصلاة بدون معرفتها وان اتى بها على ذلك الوجه وعدمه لان الاتيان بالفعل على الوجه المأمور به يقتضي الأجزاء ولان أكثر الصحابة لم يكونوا في ابتداء الاسلام عارفين باحكام السهو والشك مع مواظبتهم على الصلاة والسؤال عند عروضه ولأصالة عدم عروض الشك وإن كان عروضه أكثر وفي هذه الأوجه نظر واضح وللتوقف مجال انتهى كلامه (ره) ولا يبعد ترجيح عدم الاشتراط لما أشار إليه من عدم اشتغال الصحابة بذلك في مبدء الاسلام ولعدم أمر النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) أصحابهم الاشتغال بتعلمه مع اشفاقهم على رعيتهم وشيعتهم ومبالغتهم في هدايتهم وصيانتهم عن الضلال ولأنه يسئل عنهم في الوقايع الجزئية بعد الوقوع ولم يأمروا بالإعادة مع الموافقة ولم يلوموا على ترك معرفتها بل وقع الاستحسان منهم عند موافقة السائل في العمل ويؤيده ما دل على كون الجهل عذرا فغير بعيد عدم اشتراط معرفة هذه المسائل في صحة الصلاة على من كان من عادته عدم عروض ذلك له الا قليلا وهذه الوجوه كما دل على ذلك دل على عدم الوجوب أيضا لكن الظن ان بعض المتأخرين نقل عن السيد المرتضى (ره) انه حكى اجماع الأصحاب على الاشتراط المذكور ولا يحضر في كلام السيد في هذا الباب ولا يعيد لو ذكر ما فعل وإن كان في الوقت لحصول الامتثال الموجب للخروج عن العهدة وللتعليل في الاخبار بان صلاته إن كانت تامة كان المأتي به نافلة وإن كانت ناقصة كان المأتي به تمامها وهذا فيما إذا تذكر تمامها واضح وكذا إذا تذكر النقص بعد الفراغ من الصلاة وكان المأتي به أولا مطابقا للناقص كما إذا تبين انها اثنتين وقد بدا بالركعتين ولو لم يكن مطابقا فالظاهر أنه أيضا كذلك لعموم الأدلة وربما يستشكل ذلك لاختلال نظم الصلاة والوجه انه غير قادح لما ذكرنا ولو تذكر النقص قبل الشروع في الاحتياط ولم يعمل منافيا فالظاهر أنه يعمل بما هو مقتضى تذكر النقص وقد مر وما دل عليه يقضي على ما دل على حكم الشك فان الظاهر اختصاصه بالشك المستمر لا الزائد وكأنه لا خلاف في ذلك بينهم ولو تذكر النقص في أثناء الاحتياط وكان مطابقا كما لو ذكر انهما اثنتين وقد بدا بالركعتين فيحتمل اتمام صلاة الاحتياط بأسرها نظرا إلى عموم الأدلة ويحتمل (الاكتفاء بالقدر المطابق بان يتم الركعتين نظرا إلى حصول الغير ظاهر ويحتمل) بطلان الاحتياط والرجوع إلى حكم تذكر النقص ويحتمل ضعيفا بطلان الصلاة ولو تذكر النقص في أثناء صلاة الاحتياط وكان مخالفا كما لو تذكر انها ثلاث وقد بدأ بالركعتين فإن لم يتجاوز القدر المطابق ففيه الاحتمالات السابقة في المسألة المتقدمة ويزيد عليها احتمال اخر وهو ان يكتفي بالقدر المطابق في المسألة المتقدمة ويزيد عليها احتمال الأخر وهو يكتفي وهو الركعة وان تجاوز القدر المطابق فإن كان جلس عقيب الركعة ففيه أوجه الاكتفاء به وترك التتمة أو اتمام الاحتياط بأسرها أو اتمام الركعتين أو بطلان الصلاة أو الرجوع إلى حكم تذكر النقص وان لم يجلس عقيب الركعة ففيه الأوجه السابقة لكن بعضها في الصورة السابقة أقوى منه ههنا ولو تذكر في أثناء الركعتين جالسا انها ثلاث ففيه أوجه اتمام الاحتياط باسره أو بطلان الصلاة أو الرجوع إلى حكم تذكر النقص أو الاكتفاء بهما والترجيح في هذه الأحكام بوجه واضح لا يخلو عن اشكال وإن كان ترجيح اتمام الاحتياط باسره غير بعيد نظرا إلى عموم النصوص والوجه العمل بالاحتياط بقدر الامكان ولو ذكر ترك ركن من إحدى الصلاتين أعادهما مع الاختلاف في العدد كالصبح والظهر والا فالعدد كاف كالظهرين فيصلى أربعا ينوى ما في ذمته وقد مر في كتاب الطهارة نظير هذه المسألة وسيجئ أيضا ويتعين الفاتحة في الاحتياط على القول المشهور بين الأصحاب وذهب ابن إدريس إلى التخيير بين قرائة الفاتحة والتسبيح ويدل على الأول انها صلاة منفردة كما هو ظاهر الروايات ولا صلاة الا بفاتحة الكتاب وللاخبار السابقة كصحيحة محمد بن مسلم وحسنة الحلبي وحسنة الحسين بن أبي العلا ورواية ابن أبي يعفور وغيرهما فان التخصيص في مقام البيان يقتضي اليقين (التعين) لا يقال بعض الأخبار كصحيحة أبي العباس وعبد الرحمن بن سيابة وصحيحة محمد بن مسلم وغيرهما يدل على صلاة ركعتين أو ركعة مطلقا وليس فيها تعيين قرائة الفاتحة والجمع بينها وبين الاخبار المقيدة يكون بوجهين أحدهما حمل المطلق على المقيد انما يحتاج إليه عند التعارض وثانيهما حمل ما دل على التعيين على الاستحباب ولا ترجيح لاحد التأويلين على الأخر فما وجه ما ذكرتم من تعيين قرائة الفاتحة نظرا إلى الروايات لأنا نقول لا نسلم تحقق صلاة ركعتين بدون الفاتحة والمستند ما مر من قوله صلى الله عليه وآله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب سلمنا ذلك لكن لاخفاء في أن المنساق إلى الذهن من الامر بصلاة ركعتين ما اشتمل على الفاتحة وان لم يصل إلى حد الحقيقة فالحمل عليه أقرب احتج ابن إدريس بان الاحتياط قائم مقام الركعتين الأخيرتين فيثبت فيها ما يثبت في مبدله وفيه منع واضح واعلم أنه كما يعتبر في الاحتياط الفاتحة يعتبر فيها جميع ما يعتبر في الصلاة من الأركان والاجزاء والشرائط كالنية والتكبير وغيرهما ولا تبطل الصلاة بفعل المبطل قبله اي قبل الاحتياط قال الشهيد في الذكرى ظاهر الفتاوي والاخبار وجوب تعقيب الاحتياط للصلاة من غير تخلل حدث أو كلام أو غيره وظاهر هذا الكلام وجوب المبادرة مما لا خلاف فيه بينهم وهل تبطل الصلاة بتخلل شئ مما ذكر قيل نعم وقيل لا والأول ظاهر المفيد واختاره المصنف في المختلف والشهيد في الذكرى والثاني مختار جماعة من الأصحاب منهم ابن إدريس والمصنف هنا ويمكن ترجيح هذا القول لاطلاق الاخبار فان المستفاد منها ان من حصل له مقتضى الاحتياط عليه ان يصلي صلاة الاحتياط وهو أعم من تخلل الحدث بين الصلاتين وعدمه فبكل من الامرين يحصل الامتثال نعم لو ثبت الاجماع على وجوب الفورية لم يتجه هذا الاستدلال إذ على ذلك التقدير يكون المراد من عموم الاخبار خصوص الفورية وإن كان فيه عدول عن الظاهر وحينئذ يبقى الحكم بالبطلان وعدمه بلا دليل لما ستعرف من ضعف أدلة البطلان نعم كان وجوب إعادة الصلاة مقتضى وجوب تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت مع تأمل فيه الا ان الاجماع المذكور غير ثابت وينبغي ان لا يترك الاحتياط احتج المصنف في المختلف بوجوه منها ان الاحتياط معرض لان يكون تماما للصلاة فكما يبطل الصلاة بالحدث المتخلل بين أجزاءها المحققة فكذا ما هو بمنزلتها ومنها قوله (ع) في اخر رواية ابن أبي يعفور المتقدمة في مسألة الشك بين الاثنين والأربع وإن كان صلى ركعتين كانت هاتان تمام الأربع وإن كان صلى أربعا كانت هاتان نافلة وان تكلم فليسجد سجدتي السهو ومنها قوله (ع) في صحيحة أبي بصير السابقة إذا لم تدر أربعا صليت أو ركعتين فقم واركع ركعتين والفاء للتعقيب وايجاب التعقيب ينافي تسويغ الحديث ومنها قوله (ع) في صحيحة زرارة السابقة وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع قام فأصاب إليها أخرى فان جعل القيام جزأ يقتضي تعقيب فعله بالشرط وفي الكل نظر إما الأول فلان شرعية فعل الاحتياط استدراك للفائت لا يقتضي جزئيتها للصلاة مع أنه منفصل عنها بما يوجب الانفصال والانفراد من النية والتكبير والتسليم واما الثاني فمع عدم صحة سند الرواية غير صريحة في المدعا لاحتمال ان يكون المراد سجود السهو للكلام الصادر في أثناء الصلاة أو في أثناء صلاة الاحتياط لا الكلام المتخلل بين الصلاتين مع أن ترتب السجود عليه ليس بصريح في تحريمه على أنه لو سلم تحريمه لا يلزم منه بطلان الصلاة به واما الثالث فبعد تسليم دلالة الفاء الجزائية على التعقيب مع أنه قد منعه بعض العلماء وان مجرد الحدث مناف للتعقيب الذي دل عليه الفاء نقول
(٣٧٨)