دون المشاهدة فان المشهور بين الأصحاب عدم المنع هناك ووافقهم الشيخ في المبسوط وخالف في الخلاف فقال من صلى وراء الشبابيك لا يصح صلاته مقتديا بصلاة الامام الذي يصلي داخلها واستدل بصحيحة زرارة ولعل موضع الاستدلال النهي عن الصلاة خلف المقاصير فان الغالب فيها أن تكون مشبكة وأجاب المصنف بأنه يجوز ان يكون المقاصير المشار إليها غير مخرمة وربما يقال وجه الدلالة اطلاق قوله إن صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطي فليس ذلك الامام (لهم بامام) وفيه تأمل لأن الظاهر أن المراد بعدم التخطي عدم التخطي باعتبار البعد بقرينة ذكر الحائل بعده وهذه المسألة محل تردد والظاهر أنه لا باس في الحائل القصير الذي لا يمنع المشاهدة ولو كان مانعا من المشاهدة في بعض الأحوال دون بعض فالأقرب انه ليس بمانع لعموم أدلة الجماعة وعدم ظهور الخبر السابق في المعنى الشامل له ولو لم يشاهد المأموم الامام وشاهد بعض المأمومين صحت صلاته والا بطلت صلاة الصف الثاني واما بعده إذا لم يشاهد الامام وبطلان ذلك معلوم وقال في المنتهى انه لا يعرف فيه خلافا وذكر جماعة من الأصحاب انه لو وقف المأموم خارج المسجد بحذاء الباب وهو مفتوح بحيث يشاهد الامام أو بعض المأمومين صحت صلاته وصلاة من على يمينه وشماله وورائه لانهم يرون من يرى الامام ولو وقف بين يدي هذا الصف صف اخر عن يمين الباب أو عن يساره بحيث لا يشاهدون من في المساجد بطلت صلاتهم والحكم الثاني صحيح واما الحكم الأول فقد ذكره غير واحد من الأصحاب كالشيخ ومن تبعه وهو متجه ان ثبت الاجماع على أن مشاهدة بعض المأمومين يكفي مطلقا والا كان في الحكم المذكور اشكال نظرا إلى قوله (ع). الا من كان بحيال الباب فان ظاهره قصر الصحة على صلاة من كان بحيال الباب وجعل بعضهم هذا الحصر اضافيا بالنسبة إلى الصف الذي يتقدمه عن يمين الباب ويساره وفيه عدول عن الظاهر يحتاج إلى دليل والمشهور بين الأصحاب عدم المنع من حيلولة النهر وخالف فيه أبو الصلاح وابن زهرة فان خصا ذلك بما لا يمكن تخطيه كان وجها مع تأمل فيه وان عما الحكم طولبا بالدليل والتقييد بالرجل احترازا عما لو كان الامام رجلا والمأموم امرأة فإنه يجوز ائتمامها به مع وجود الحائل على المشهور بين الأصحاب وخالف فيه ابن إدريس حيث قال وقد وردت رخصة للنساء ان يصلين وبينهن وبين الامام حائط والأول أظهر وأصح وعنى به مساواة الرجال والأول أقرب لما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى بالقوم وخلفه دار فيها نساء هل يجوز لهن ان يصلين خلفه قال نعم إن كان الامام أسفل منهن قلت فإن كان بينهن وبينه حائطا أو طريقا قال لا بأس وكذا لا يصلح الائتمام مع علو الامام على المأموم وكذا لا يصح الائتمام مع تباعده بغير صفوف بالمعتد فيهما وتنقيح هذا المقام يتم برسم مسائل الأول المشهور بين الأصحاب انه لا يجوز علو الامام على المأموم في مثل الأبنية دون الأرض المنحدرة وربما ينقل فيه الاجماع وذهب الشيخ في الخلاف إلى الكراهة ورجحه بعض المتأخرين وتردد فيه المحقق في المعتبر ومستند الأول ما رواه الشيخ وابن بابويه والكليني عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يصلي بقوم وهم في موضع أسفل من موضعه الذي يصلى فيه فقال إن كان الامام على شبه الدكان أو على موضع ارفع من موضعهم لم يجز صلاتهم وإن كان ارفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقل إذا كان الارتفاع بقدر (شبر) يسير فإن كان أرضا مبسوطه وكان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطه الا انهم في موضع منحدر قال لا بأس و (قال) إن كان رجل فوق بيت مسطح أو غير ذلك دكانا أو غيره وكان الامام يصلى على الأرض أسفل منه جاز للرجل ان يصلى خلفه ويقتدى بصلاته وإن كان ارفع منه بشئ كثير وفى الكافي بدل قوله إذا كان الارتفاع بقدر شبر إذا كان الارتفاع ببطن مسيل ففي الخبر اختلاف واضطراب مع عدم صحة سندها ولهذا تردد في الحكم المذكور المحقق ويجوز علو المأموم على الامام عند الأصحاب وكلام المصنف في المنتهى يشعر بكون ذلك اجماعيا عندنا ويدل عليه مضافا إلى اطلاق الأوامر موثقه عمار السابقة واما ما رواه الشيخ عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن صفوان وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن محمد بن عبد الله وهو مجهول عن الرضا (ع) قال سألته عن الامام يصلى في موضع والذين يصلون خلفه في موضع ارفع منه فقال يكون مكانهم مستويا فينبغي حملها على الاستحباب جمعا بين الأدلة الثانية اختلف في مقدار العلو المانع فقيل إنه القدر المعتد به واختاره المصنف هنا وقيل قدر شبر وقيل ما لا يتخطأه الانسان وقربه المصنف في التذكرة ولعله نظر إلى رواية زرارة السابقة في المسألة المتقدمة وقال في التذكرة لو كان العلو يسيرا جاز اجماعا الثالثة ان قلنا بالمنع فهل يختص البطلان بصلاة المأمومين أم يعم صلاة الامام الذي ذكره الأصحاب الأول وذهب بعض العامة إلى الثاني الرابعة اتفق علماؤنا على أنه لا يجوز التباعد بين الإمام والمأموم الا مع اتصال الصفوف واليه ذهب العامة واختلف الأصحاب في تحديده فذهب الأكثر إلى أن المرجع فيه إلى العادة وقال الشيخ في الخلاف حده بما يمنع من مشاهدته والاقتداء بافعاله ويظهر من المبسوط جواز البعد بثلثمائة ذراع وقال أبو الصلاح وابن زهره لا يجوز ان يكون بين الصفين (ما لا يتخطى) ويدل على هذا القول صحيحة زرارة المتقدمة في المسألة المتقدمة السابقة وأجاب عنها المحقق في المعتبر بان اشتراط ذلك مستبعد فيحمل على الأفضل وفيه تأمل وأجاب المصنف باحتمال ان يكون المراد ما لا يتخطى من الحائل لا المسافة وفيه ان الظاهر المسافة بقرينة التصريح بحكم الحائل بعده كما سبق مع أن هذا الحمل لا يوافق قول المصنف من تجويز الصلاة خلف الشبابيك والحائل القصير الذي لا يمنع المشاهدة ويمنع الاستطراق الخامسة لو خرجت الصفوف المتخللة بين الإمام والمأموم عن الاقتداء إما لانتهاء صلاتهم واما لعدولهم إلى الانفراد وحصل البعد المانع من الاقتداء تنفسخ القدوه ولا تعود بانتقاله إلى محل الصحة ويحتمل جواز تجديد القدوة مع القرب إذا لم يفعل فعلا كثيرا وذكر بعض المتأخرين ان الأصح ان عدم التباعد انما يعتبر في ابتداء الصلاة خاصه كالجماعة والعدد في الجمعة تمسكا بمقتضى الأصل السالم من المعارض وهو حسن وكذا لا يصح الائتمام مع وقوفه اي المأموم قدام الامام هذا قول علمائنا أجمع على ما حكى عنهم وهو المحكي عن أكثر العامة لان المنقول عن فعل النبي والأئمة (ع) إما تقدم الامام أو تساوي الموقفين فيكون خلافه خلاف المشروع ولان المأموم يحتاج إلى معرفة حال الامام لغرض المتابعة والتقدم يحوجه إلى استعلام حاله بالالتفات إلى ما ورائه وذلك مبطل وفي الوجهين تأمل وظاهر كلام المصنف جواز المساواة بينهما وهو المشهور بين الأصحاب وحكى عن ظاهر ابن إدريس المنع من ذلك واعتبار تأخر المأموم ولعل الأول أقرب لاطلاق الأدلة الدالة على شرعية الجماعة وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال الرجلان يؤم أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه فان كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه ونحوه روى زرارة عن الصادق (ع) إذ القيام عن اليمين أعم من المحاذاة بل فرده المتبادر المحاذاة فلو كان التأخر واجبا كان بيانه والاشعار به في مثل هذا القيام لازما حذرا عن تأخير البيان عن وقت الحاجة بل الاغراء بالجهل ويؤيده ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج باسناد لا يبعد ان يعد موثقا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف مقاما أيقوم وحده حتى يفرغ من حسابه قال نعم لا باس يقوم بحذاء الامام وعن أمير المؤمنين (ع) فإن لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الامام أجزأه ويؤيده الرواية الدالة على صحة الصلاة بما إذا قصد كل منهما الإمامة ولعل حجة ابن إدريس التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) وقوله (ع) في صحيحة محمد بن مسلم فان كانوا أكثر قاموا خلفه وما في الاخبار من الصلاة خلفه وتقديم الافراد في الاستنابة بعدم من يصلي بهم والجواب ان مداومة النبي والأئمة (ع) على ذلك (مم) سلمنا لكنه أعم من الوجوب والامر بالقيام خلفه في صحيحة محمد غير واضح الدلالة على الوجوب مع أن قرينه هو الامر بالقيام عن يمينه محمول على الاستحباب عند الأكثر وكذا التقدم في باقي الاخبار غير متعين للوجوب بل الدليل الدال على الاستحباب في أكثرها موجود واعلم أن الظاهر أن المعتبر في التقدم والتساوي النظر إلى العرف وقد ذكر جماعة من الأصحاب ان المعتبر التساوي بالأعقاب فلو تساوى العقبان لم يضر تقدم أصابع رجل المأموم أو رأسه وصدره ولو تقدم عقبة على عقب الامام لم ينفعه تأخر أصابعه ورأسه واستقرب المصنف في النهاية اعتبار التقديم بالأصابع والعقب معا وصرح بأنه لا يقدح في التساوي تقدم رأس المأموم في حالتي الركوع والسجود ومقاديم الركبتين والاعجاز في حال التشهد وهذه التفاصيل ليس في شئ من النصوص واعلم أنه اختلف الأصحاب في جواز استدارة المأمومين في المسجد الحرام حول الكعبة فجوزه ابن الجنيد بشرط ان لا يكون
(٣٩٤)