سألت أبا عبد الله (ع) عن اليهودي والنصراني والمشرك إذا سلموا على الرجل وهو جالس كيف ينبغي ان يرد عليهم فقال يقول وعليكم وعن محمد بن مسلم في الموثق بابن فضال وابن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقال عليك وهذه الرواية تدل على اختصاص الآية بتحية المسلم كما قواه الطبرسي فان مقتضى الآية وجوب الرد بالأحسن أو المثل وهل يكون الاقتصار المذكور على سبيل الوجوب حتى لا يجوز المثل أو الاستحباب فيه تردد والأصل يقتضي الثاني واما ما ذكره المصنف من جواز الرد بغير السلام فدليله غير واضح وروى الكليني عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال تقول في الرد على اليهود والنصارى سلام وهل يجب الرد عليهم لم أجد تصريحا في هذا الباب في كلام الأصحاب وقد رخص في السلام عليهم والدعاء لهم في بعض الأحيان وروى الكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال قلت لأبي الحسن (ع) أرأيت ان احتجت إلى المتطبب وهو نصراني أسلم عليه وأدعو له قال نعم لا ينفعه دعاؤك ونحوه روى عن عبد الرحمن بن الحجاج عنه (ع) في الحسن بإبراهيم بن هاشم وعن محمد بن عرفة عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قيل لأبي عبد الله (ع) كيف ادعو لليهودي والنصراني قال تقول له بارك الله لك في دنياك الثانية عشر إذا سلم عليه وهو في الصلاة وجب عليه الرد لفظا والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ونسبه في التذكرة إلى علمائنا وقال في المنتهى ويجوز له ان يرد السلام إذا سلم عليه نطقا ذهب إليه علماؤنا أجمع والظاهر أن مراده من الجواز نفي التحريم ردا لقول بعض العامة قال في الذكرى وظاهر الأصحاب مجرد الجواز للخبرين والظاهر أنهم أرادوا به بيان شرعيته ويبقى الوجوب معلوما من القواعد الشرعية قال وبالغ بعض الأصحاب في ذلك فقال يبطل الصلاة لو اشتغل بالاذكار ولما يرد السلام ويدل على وجوب رد السلام في حال الصلاة الآية لعمومها ويدل على شرعيته في الصلاة روايات منها ما رواه الكليني عن سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل يسلم عليه في حال الصلاة قال يرد يقول سلام عليكم ولا يقول وعليكم السلام فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان قائما يصلي فمر به عمار بن ياسر فسلم عليه فرد عليه النبي صلى الله عليه وآله هكذا ورواه الشيخ في التهذيب باسقاط سماعة في السند ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال دخلت على أبي جعفر (ع) وهو في الصلاة فقلت السلام عليكم فقال السلام عليك قلت كيف أصبحت فسكت فلما انصرف قلت أيرد السلام وهو في الصلاة قال نعم مثل ما قيل له ومنها ما رواه الصدوق باسناده عن محمد بن مسلم والظاهر صحته كما أشرنا إليه مرارا انه سأل أبا جعفر (ع) عن الرجل يسلم على القوم في الصلاة فقال إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة فسلم عليه تقول السلام عليك وأشير بإصبعك ومنها ما رواه البزنطي في جامعه على ما نقله الفاضلان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) ان عمار سلم على رسول الله صلى الله عليه وآله فرد صلى الله عليه وآله ومنها ما رواه الشيخ والصدوق عن عمار الساباطي في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المصلي فقال إذا سلم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فرد عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك إلى غير ذلك من الاخبار وبعض هذه الروايات تتضمن الامر بالرد فيدل على الوجوب عند القائل بكون الامر في اخبارنا للوجوب الثالثة عشر المشهور بين الأصحاب انه إذا سلم عليه في الصلاة بقوله (ع) سلام عليكم يجب ان يكون الجواب مثله ولا يجوز الجواب بعليكم السلام ونسبه المرتضى إلى الشيعة وقال المحقق هو مذهب الأصحاب قاله الشيخ وهو حسن ولم اطلع في ذلك خلا فا الامن ابن إدريس حيث قال قي السرائر إذا كان المسلم عليه قال له سلام عليكم أو سلام عليك أو السلام عليكم أو عليكم السلام فله ان يرد بأي هذه الألفاظ كان لأنه رد مسلم مأمور به قال فان سلم بغير ما بيناه فلا يجوز للمصلي الرد عليه ويدل على الأول رواية سماعة وظاهر الآية لوقوع الامر برد السلام بعينه فحيث تعذر الحمل على حقيقته يحمل على أقرب المجازات إلى الحقيقة وهو المماثلة التامة ولا ينافي ذلك رواية محمد بن مسلم حيث تضمنت الرد بالمثل وهو أعم لأنه وإن كان أعم لغة لكن المتبادر منها المماثلة التامة فالحمل عليها غير بعيد خصوصا إذا اقتضت قاعدة الجمع ذلك ويمكن ان يقال بمنافات هذه الرواية له بناء على تضمنها انه (ع) أجاب بقوله السلام عليك لا سلام عليكم وحينئذ يكون رواية محمد بن مسلم المنقولة عن الفقيه أيضا منافية له الا ان يقال لافرق عندهم بين الكلامين لكن يضعف حينئذ الاستناد إلى الآية ويمكن المنازعة في دلالة رواية سماعة بناء على أنه يجوز ان يكون نفي وعليكم السلام باعتبار زيادة حرف العطف فتدبر ولو غير عليكم بعليك ففي حصول الرد تردد ولو أضاف في الجواب إلى عليكم السلام ما يوجب كونه حسن ففي حصول الرد به تردد فلا يبعد ترجيح ذلك نظرا إلى الآية وامكان تأويل الاخبار وكذا كلام الأصحاب ولو قال المسلم عليكم السلام فظاهر المحقق عدم جواز اجابته الا إذا قصد الدعاء وكان مستحقا وتردد فيه المصنف في المنتهى وعلى تقدير الجواز هل يجب فيه أيضا تردد للشك في دخوله تحت المراد في الآية وعلى تقدير الوجوب هل يتعين سلام عليكم أو يجوز الجواب بالمثل نقل ابن إدريس الأول عن بعض الأصحاب واختار الثاني واستشكله المصنف في التذكرة والنهاية والمسألة محل تردد ويحتمل قويا تعين الجواب بالمثل نظرا إلى الآية وصحيحة محمد بن مسلم على ما مر من أن المراد من المماثلة منها المماثلة التامة وحينئذ يحتمل رواية سماعة ورواية محمد بن مسلم يحمل على الغالب من أن المسلم يقول سلام عليكم والسلام عليك الرابعة عشر لو حياه أو سلم عليه بغير ما ذكر من الألفاظ فعند ابن إدريس والمحقق لم يجز اجابته وقال المحقق نعم لو دعا له وكان مستحقا وقصد الدعاء لأرد السلام لا امنع منه وقال المصنف في التذكرة والنهاية انه يجوز الرد إذا سمى تحية وكذا ان قصد الدعاء وان لم يسم تحية وأوجب الرد في المختلف واستقر به في المنتهى وعندي انه ان قصد به الدعاء فهو جايز لما دل على جواز الدعاء في أحوال الصلاة والا ففي جواز الرد ووجوبه تأمل لما مر من عدم ظهور العموم في الآية واحتمال ذلك فيها احتج المصنف في المختلف على الوجوب بوجوه الأول الآية الثاني انه أما داع أوراد لتحية وعلى التقديرين لا تحريم الثالث صحيحة محمد بن مسلم السابقة قال وهو عام ولا عبرة بخصوص السبب بل بعموم اللفظ وأنت خبير بما في الاستدلال بالآية واما الوجهان الأخيران فبمكان من الضعف لا يخفى على المتأمل وما ذكره من عموم اللفظ في الخبر عجيب جدا الخامسة عشر لا يجب ان يقصد القران بالرد ويحكى عن ظاهر كلام الشيخ اعتباره ويدل على ما قلناه عموم الآية وصحيحة محمد بن مسلم السابقة لاشتمالها على أنه (ع) أجاب بقوله السلام عليك مع أنه ليس من ألفاظ القران ولعموم قوله (ع) نعم مثل ما قيل له ورواية محمد بن مسلم المنقولة عن الفقيه السادسة عشر يجب اسماعه تحقيقا أو تقديرا على المشهور بين الأصحاب وظاهر اختيار المحقق في المعتبر خلافه ويدل على الأول التبادر العرفي ورواية ابن القداح السابقة ويدل على الثاني موثقة عمار السابقة وما رواه الشيخ عن منصور بن حازم في القوي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم عليك الرجل وأنت تصلي قال ترد عليه خفيا وحمله بعض الأصحاب على حال التقية لان المشهور بين العامة عدم وجوب الرد نطقا السابعة عشر لو قام غيره بالواجب من الرد فهل يجوز للمصلي الرد أم يستحب ذلك أم لا قيل نعم لاطلاق الامر وقيل لا لحصول الامتثال فيسقط الوجوب ولا دليل على ثبوت الاستحباب بعد سقوط الوجوب وكذا الجواز الا ان يقصد به الدعاء إذا كان المسلم مستحقا فحينئذ لا يبعد الجواز الثامنة عشر لو ترك المصلي الرد واشتغل باتمام الصلاة يأثم لأنه ترك الرد الواجب فورا لا يقال التوالي بين اجزاء الصلاة سيما القراءة أيضا واجب فما وجه ترجيح ما ذكرتم لأنا نقول لا نسلم وجوب التوالي بحيث يقدح فيه مجرد الرد مع أن الترجيح ثابت بما دل على وجوب الرد في الصلاة وهل تبطل الصلاة قيل نعم للنهي المقتضي للفساد واستضعف بان النهى عن أمر خارج عن الصلاة وفيه ما فيه وقيل إن اتى بشئ من الاذكار في زمان الرد بطلت لتحقق النهى ومنعه الشارح الفاضل لان الامر بالشئ لا يقتضي النهى عن ضده الخاص وتحقيق المقام انه ان اتى بشئ من القراءة أو الاذكار في زمان وجوب الرد فلا يعتد بتلك القراءة أو الذكر في الصلاة بناء على ما تحقق عندي من أن الامر بالشئ يستلزم النهى عن ضده الخاص والنهى في العبادة يستلزم الفساد وفي بطلان الصلاة بها مع التدارك نظر إذ لا دليل على أن الكلام الذي يكون من قبيل الذكر أو القران يبطل الصلاة وإن كان حرام وعدم البطلان به أيضا لا دليل عليه الا ان يقال يكفي عدم الدليل على البطلان بناء على أن عدم تخلل المبطل من الشرائط والصلاة الشرعي حقيقة في المهية مطلقا وهذا بمقدمتيه لا يصفو عن شوب النظر والتأمل وإن كان ترجيحه غير بعيد وكذا الاستناد إلى ما دل على حصر أسباب
(٣٦٦)