استناد إلى ظاهر الأخبار المطلقة بدخول الوقتين إذا زالت الشمس وضعف المتضمن للاختصاص من الطرفين مع انتفاء القول بالفصل ويدفعه ان اطلاق دخول الوقتين مجاز على التقديرين إما على تقدير الاختصاص ففي الاسناد باعتبار شدة القرب بين دخولهما وعدم الحد المعروف المنضبط بينهما فكأنهما بالزوال يدخلان معا واما على تقدير الاشتراك ففي لفظ الوقتين بإرادة الواحد المشترك إذ لا تعد وحينئذ حقيقة والعلاقة واضحة ولا ترجيح للمجاز الثاني قط بل إما ان يرجح الأول أو يكونا متساويين ولا يتم التعلق بذلك الاطلاق في القول بالاشتراك الا إذا ثبت رجحان مجازه ومع انتفاء صلاحيته للدلالة على الاشتراك يجب الوقوف في اثبات التوقيت من الأول والاخر مع موضع اليقين وهو ما بعد القدر المختص من الأول بالنسبة إلى العصر وما قبله من الأخر بالنسبة إلى الظهر وفيه نظر لان أكثر الأخبار الدالة على الاشتراك خالية عن لفظ الوقتين بل فيهما وقت الصلاتين كصحيحة محمد بن أحمد بن يحيى وغيرها وأيضا الظاهر أن المجاز الثاني أرجح على الأول في أمثال هذه المقامات التي تعلق الغرض ببيان الحكم الشرعي إذ لا يقع بسببه اختلاف في الحكم غاية ما يلزم منه مسامحة في التأدية والامر فيها هين بخلاف المجاز الأول فإنه يقع بسببه اختلاف الحكم نعم لا يبعد رجحان المجاز الأول في غير هذه المواضع ثم قوله على تقدير انتفاء الصلاحية للدلالة يجب الوقوف في اثبات التوقيت على موضع اليقين مما يمكن المناقشة فيه إذ هو موقوف على تحقق ان ايقاع الصلاة في الوقت المعين هل هو من الخصوصيات المقومة لماهية الصلاة أم هو من شرائعه وكان الأقرب الثاني وعلى الأول ما ذكره وجه بناء على أن وقوع التكليف بالصلاة يستدعى العلم بالبرائة وعلى الثاني لا يتم كلامه الا إذا قلنا بان المراد بالصلاة المأمور به في ألفاظ الشرع الصلاة الجامعة لشرائط الصحة لا الماهية المطلقة وعلى هذا التقدير نقول التكليف بماهية الصلاة مطلق لا يتقيد بالاشتراط بشئ الا بحسب اقتضاء الدليل لم يقتض تقييدا زائدا على ايقاع الفعل فيما بين الزوال والغروب ويمكن دفعه بان النصوص دلت على وجوب ايقاع الصلاة في وقت معين المعلوم عند الشارع واشتراط صحتها به فهي مقيدة للتكليف بمطلق الصلاة (لمطلق الصلاة) المأمور به متقيد بالصلاة المتحققة في وقتها المقدر شرعا وتحصيل البراءة اليقينية بتوقف على تحصيل الفرد المتيقن على ما حققناه في موضعه نعم لو كان منشأ (التقييد) مجرد الاجماع كان التقدير مقتدرا بقدره ولقائل ان يستدل بالآية على الاشتراك وحينئذ لا يتم هذا الكلام على التقديرين لكن في الاستدلال بالآية نظر أشرنا إليه والمسألة محل تأمل والميل إلى الاشتراك غير بعيد لظهور الأخبار المذكورة فيه من غير معارض قوي يوجب العدول عن ظاهرها والأخبار الدالة على أن الحائض إذا طهرت قبل الغروب تصلي الصلاتين لا تخلو عن تأييد ما وكذا قوله عليه السلام في صحيحة زرارة وان كنت صليت العشاء الآخرة ونسيت المغرب فقم فصل المغرب وفي صحيحة صفوان وقد سأله عن رجل نسى الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر ان امكنه ان يصليها قبل ان يفوته المغرب بدأ بها والا صلى المغرب ثم صلاها لا تخلو عن تأييد ما ولا يمكن الاستدلال بها لان نسيان الأول في أول الوقت نادر جدا وليس للرواية عموم واضح بالنسبة إلى الافراد النادرة المستبعدة خصوصا الرواية الأخيرة فان الجواب فيها تابع للسؤال والمنساق منه ما كان من الصور الشائعة لا النادرة المستغربة والعموم في أمثال هذه المواضع متخرج من قرائن الافعال وترك الاستفصال فيكون متقدرا بقدرها واعلم أنه يتفرع على القول بالاشتراك والاختصاص أمور كثيرة كمن صلى العصر في الوقت المختص ساهيا أو صلى الظهرين ظانا دخول الوقت ثم اتفق الوقت العصر في المختص فعلى القول بالاشتراك يصح العصر وعلى القول بالاختصاص يبطل وكمن ظن ضيق الوقت الا عن أداء العصر فإنه يتعين عليه الاتيان (بالعصر فإذا صلى ثم تبين الخطاء ولم يبق من الوقت الا مقدار ركعة مثلا فحينئذ يجب عليه الاتيان) بالظهر أداء على القول بالاشتراك حسب وكمن أدرك من اخر وقت العشاء مقدار أدائها فإنه يجب العشائين على القول بالاشتراك ويتعين العشاء على الأخر وكمن صلى الظهر ظانا سعة الوقت ثم تبين الخطاء ووقوعها في المختص بالعصر فحينئذ يجب قضاؤهما على القول بالاختصاص حسب ويتفرع على هذه المسألة احكام في الحلف والنذر تعليق الظهار وأمثالها السادسة زوال الشمس ميلها عن وسط السماء وانحرافها عن دائرة نصف النهار ولمعرفة ذلك طرق منها زيادة الظل بعد نقصه أو حدوثه بعد عدمه بيان ذلك أن الشمس إذا طلعت وقعت لكل شاخص قائم على الأرض بحيث يكون عمودا على سطح الأفق ظل مستطيل في جانب المغرب وكلما ازدادت الشمس ارتفاعها ازداد الظل نقصا إلى أن تصل الشمس دائرة نصف النهار وهي دائرة عظيمة موهومة تفصل بين المشرق والمغرب تقاطع دائرة الأفق على نقطتين هما نقطتا الجنوب والشمال وعند ذلك ينتهى نقصان الظل المذكور فإذا زالت الشمس ومالت عن دائرة نصف النهار يريد الظل بعد نقصانه أو يحدث بعد انعدامه وهو أول الوقت ومن حاول اعتبار ذلك اخذ مقياسا ويقدر ظله عند قرب الشمس من الاستواء ثم تصيرا قليلا فإذا كان الظل أقل من الأول أو كان مثله فإلى الان لم تزل والا زالت وقد وقع هذا الاعتبار في الاخبار روى سماعة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك متى وقت الصلاة فاقبل يلتفت يمينا وشمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت هذه تطلب قال نعم فاخذ العودة فنصب بحيال الشمس ثم قال إن الشمس إذا طلعت كانت الفئ طويلا ثم لا يزال نقص حتى يزول فإذا زالت زادت فإذا استنبطت الزيادة فصل الظهر ثم تمهل قدر ذراع وصل العصر وروى علي بن أبي حمزة قال ذكر عند أبي عبد الله زوال الشمس قال فقال أبو عبد الله عليه السلام يأخذون عود أطوله ثلاثة أشبار وان زاد فهو أبين فيقام فما دام ترى الظل ينقص فلم تزل فان زاد الظل بعد النقصان فقد زالت ومنها ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل القبلة والمراد بها قبلة أهل العراق وهذا انما يستقيم في أطراف العراق الغربية التي قبلتها نقطة الجنوب فان الشمس عند الزوال في دائرة نصف النهار المتصلة بنقطتي الجنوب والشمال فيكون بين عيني مستقبل نقطة الجنوب فإذا زالت مالت إلى طرف الحاجب الأيمن واما أوساط العراق وأطرافه الشرقية فقبلتهم مائلة عن نطفة الجنوب نحو المغرب فلا يميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمستقبل فيها الا بعد مضى زمان طويل من الزوال قال الشيخ في المبسوط وقد روى أن من يتوجه إلى الركن العراقي إذا استقبل القبلة ووجد الشمس على حاجبه الأيمن علم أنها قد زالت ويعلم منه ان هذا الاعتبار أيضا موجود في الروايات و يمكن معرفة الزوال بالدائرة الهندية والإسطرلاب وغيرهما ذكر ذلك المفيد وغيره السابقة أول وقت العصر بعد الفراغ من الظهر باجماع علمائنا نقل ذلك في المعتبر والمنتهى وكثير من الروايات السابقة تدل عليه ويؤيده بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام بين الظهر والعصر حد معروف قال لا وروى زرارة عن أبي عبد الله قال إن النبي صلى الله عليه وآله جمع بين الظهرين حين زالت الشمس في جماعة من غير علة والاخبار في هذا الباب كثيرة ويستحب التأخير بمقدار أداء النافلة كما سيجيئ بيانه وهل يستحب حتى يصير الظل على أربعة اقدام أو يصير ظل كل شئ مثله سيجيئ تحقيق ذلك إن شاء الله الثامنة اختلف الأصحاب في اخر وقت العصر فقال المرتضى تميد وقت الفضيلة إلى أن يصير الفئ قامتين ووقت الأجزاء إلى الغروب واليه ذهب ابن الجنيد وابن إدريس وابن زهرة وجمهور المتأخرين فقال المفيد تميد وقتهما إلى أن يتغير لون الشمس باصفرارها للغروب والمضطر والناسي إلى الغروب وقال الشيخ في الخلاف اخره إذا صار ظل كل شئ مثله وقال في المبسوط إذا صار كل شئ مثليه للمختار وللمضطر إلى غروب الشمس وهو المنقول عن ابن البراج وأبي الصلاح وابن حمزة وظاهر سلار وعن ابن أبي عقيل ان وقته إلى أن ينتهى الظل ذراعين
(١٩٠)