متجه وعلى ما ذهبنا إليه من استحباب التسليم يرتفع الخلاف بين الاخبار فان مقتضى هذا القول إن السجدة تقضى بعد الفراغ من الصلاة وهو يحصل بالفراغ من التشهد ولا ينافي ذلك شئ من الاخبار واما قول ابن بابويه والمفيد فمستندهما غير معلوم قال في الذكرى وكأنهما عولا على خبر لم يصل إلينا الخامسة إذا نسى السجدة من الركعة الأخيرة وذكرها بعد التشهد قبل التسليم فان قلنا إن التسليم واجب وان الخروج من الصلاة انما يحصل به فالظاهر وجوب الرجوع لعدم فوات محلها واشتغال الذمة بها وعموم صحيحة ابن سنان السابقة عند شرح قول المصنف ولو ذكر الركوع قبل السجود وفي الأخير تأمل وان قلنا إن التسليم مندوب ففي المسألة وجهان أحدهما الرجوع إليها سواء كانت واحدة أو ثنتين لأنه لا يخرج عن الصلاة الا بالتسليم أو بالفعل المنافي وان قلنا باستحباب التسليم فتعين الرجوع لما ذكر من التعليل في الصورة السابقة وثانيهما بطلان الصلاة لو كان المنسي السجدتين وقضاء السجدة الواحدة إن كان المنسي سجدة واحدة إما الأول فلانه خرج من الصلاة فحصل ترك الركن الموجب للإعادة وفيه ان ما دل على أن ترك السجدتين موجب لإعادة الصلاة لا عموم له بحيث يشمل محل البحث واما الثاني فلحصول الخروج من الصلاة الموجب لفوات التدارك المقتضي لتعين القضاء وفيه تأمل لما رواه الشيخ عن حكم بن حكيم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في رجل نسى ركعة أو سجدة أو الشئ منها ثم تذكر بعد ذلك قال يقضي ذلك بعينه قلت أيعيد الصلاة فقال لا وربما قيل يمحى الاشكال إذا كان التذكر بعد التسليم أيضا السادسة إذا نسى التشهد ولم يذكره الابعد التسليم فالظاهر أنه يقضيه سواء تخلل الحدث أم لا لصحيحة محمد بن مسلم السابقة عن قريب وقال ابن إدريس لو نسى التشهد الأول ولم يذكره حتى ركع في الثالثة مضى في صلاته فإذا سلم منها قضاه وسجد سجدتي السهو فان أحدث بعد سلامه وقبل الاتيان بالتشهد المنسي وقبل سجدتي السهو لم تبطل (صلاته) بحدثه الناقض لطهارته بعد سلامه منها لأنه بسلامه انفصل منها فلم يكن حدثه في صلاته بل بعد خروجه منها بالتسليم الواجب عليه قال فإذا كان المنسي التشهد الأخير واحدث ما ينقض طهارته قبل الاتيان به فالواجب عليه إعادة صلاته من أولها مستأنفا لها لأنه بعد في قيد صلاته لم يخرج منها مجال وهو مبني على ما اشتهر عندهم من أن الحدث في أثناء الصلاة مبطل فإذا نسى التشهد الأول وحصل الفراغ من الصلاة بالتشهد الثاني أو التسليم ثم أحدث لم يكن هذا الحدث موجبا لنقض الصلاة لأنه ليس في أثناء الصلاة فإذا نسى التشهد الثاني لم يحصل الفراغ من الصلاة لأنه يحصل بكمال التشهد الثاني عنده بناء على أن التسليم عنده مستحب فإذا أحدث حينئذ كان الحدث في أثناء الصلاة فيكون مبطلا ويرد عليه انا لا نسلم ان الفراغ انما يحصل بالتشهد بل يفرغ بالتسليم فإنه باعتبار السهو قد وقع موقعه فيحصل الفراغ به وقد أشار إلى ذلك المحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى على أن بطلان الصلاة بالحدث المتخلل مطلقا مما لا دليل عليه نعم هو من المقدمات الذائعة المشهورة بينهم السابعة قال الشارح الفاضل تقييد الحكم بنسيان سجدة والتشهد هو مورد النص مشهور الفتوى فلا يقضى ابعاضهما لعدم الدليل الا الصلاة على النبي وآله على ما مر ولو كان المنسي إحدى الشهادتين احتمل قويا وجوب قضائها لا لكونها بعضا من الجملة بل لصدق اسم التشهد عليها فيدخل في المتن ولا يخفى ان الظاهر من الروايتين الدالتين على وجوب قضاء التشهد اختصاصه بمجموع التشهد فلا يعم الابعاض ويمكن الاستدلال على ابعاض التشهد بعموم صحيحة ابن سنان وصحيحة حكم بن حكيم وبهذا الوجه يمكن الاستدلال على وجوب قضاء ابعاض الصلاة مطلقا لا ما يوجب بطلان الصلاة لكن المشهور بين الأصحاب اختصاص الحكم بالسجدة والتشهد قال في الذكرى بعد نقل رواية حكم وهي تدل بظاهرها على قضاء ابعاض الصلاة على الاطلاق وهو نادر مع امكان الحمل على ما يقضى منها كالسجدة والتشهد وابعاضه أو على أنه يستدركه في محله وكذا ما روى عبد الله بن سنان ونقل الرواية المذكورة قال وكذا رواية الحلبي عنه (ع) إذا نسيت من صلاتك فذكرت قبل ان تسلم أو بعد ما تسلم أو تكلمت بكلمة فانظر الذي كان نقص من صلاتك فأتمه وابن طاوس في البشرى يلوح منه ارتضاء مفهومها انتهى الثامنة معنى القضاء هنا الاتيان بالمنسى سواء كان في وقته أو في خارجه لا القضاء المصطلح عليه ولا يعتبر فيه نية بل الظاهر أنه لا يعتبر فيه نية كونه أداء وقضاء لاطلاق الأدلة التاسعة هل يجب الترتيب بين الأجزاء المنسية وسجود السهو لها أو لغيرها الظاهر العدم عملا باطلاق الأدلة وأوجب في الذكرى تقديم الأجزاء المقضية على سجود السهو لها وسجود السهو لها على سجود السهو لغيرها وإن كان مسبب الغير مقدما على الأجزاء وعلل الأول بان الأجزاء المقضية اجزاء فتقديمها اربط لها بالصلاة والثاني بان السجود مرتبط بتلك فتقدم على غيرها وضعف التعليلين ظاهر بل الظاهر من رواية علي بن أبي حمزة السابقة تقديم السجدتين على التشهد المقضي ويسجد للسهو في جميع ذلك على رأى يحتمل ان يكون المراد بجميع ذلك جميع ما ذكره من أول الباب إلى هنا لكن الظاهر عدم الوجوب في كثير منها مثل صورة غلبة الظن وكثرة السهو وسهو الامام أو المأموم مع حفظ الأخر ويحتمل ان يكون المراد بجميع ما ذكر من قوله ولو نسى الحمد إلى ههنا وما ذكره مبني على القول بوجوب سجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة وسيجئ حكاية هذا القول وتحقيقه فانتظره ولو شك في شئ من الافعال وهو في موضعه اتى به لتوقف تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه ولما رواه الشيخ عن عمران الحلبي في الصحيح قال قلت الرجل يشك وهو قائم فلا يدري اركع أم لا قال فليركع قال فليركع وعن عبد الله بن الرحمن أبي عبد الله في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل ان يستوي جالسا فلم يدر اسجد أم لم يسجد قال يسجد قلت فرجل نهض من سجوده فشك قبل ان يستوي قائما فلم يدر اسجد أم لم يسجد قال يسجد وعن أبي بصير باسنادين أحدهما من الحسان الصحاح والاخر من الضعاف قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل شك وهو قائم فلا يدري اركع أم لم يركع قال يركع ويسجد ورواه الكليني أيضا في الصحيح وعن أبي بصير والحلبي في الصحيح في الرجل لا يدري اركع أم لم يركع قال يركع وعن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل سهى فلم يدر سجدة سجد أم ثنتين قال يسجد أخرى وليس عليه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو ورواه الكليني أيضا في الحسن ويحمل هذان الخبران وما في معناهما كرواية أبي بصير ومفضل بن صالح على الشك العارض له قبل تجاوز المحل جمعا بينها وبين الاخبار الآتية واختصاص هذه الروايات بالركوع والسجود غير قادح لعدم القائل بالفصل على الظاهر واما ما رواه الشيخ عن الفضيل بن يسار في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) استتم قائما فلا أدري ركعت أم لا قال بل قد ركعت فامض في صلاتك فإنما ذلك من الشيطان فحملها الشيخ على أنه أراد (ع) إذا استتم قائما من الركعة الرابعة فلا يدري اركع في الثالثة أم لا وهو تأويل بعيد جدا والجمع بالحمل على التخيير ممكن الا ان الظاهر أنه لا قائل بمضمونه من الأصحاب ويمكن ان يقال المراد بقوله استتم قائما القيام عن الانحناء وظاهر ذلك حصول الركوع منه فيكون من باب الظن بالركوع فلم يجب عليه الركوع أو يقال إنه شك في الركوع بعد الاشتغال بواجب اخر وهو القيام عن الركوع ولعل هذا الوجه أقرب ويمكن أيضا تأويل هذا الخبر بالحمل على كثرة السهو ويشعر به قول استتم بصيغة الاستقبال الدال على الاستمرار التجددي وقوله (ع) انما ذلك من الشيطان لا يخلو عن ايماء إليه وفيه بعد فان رجع الشك في الفعل موضعه وذكر بعد فعله انه كان قد فعله فإن كان ركنا بطلت صلاته لما مر من أن زيادة الركن مبطلة والا فلا بل حكمه حكم زيادة غير الركن سهوا بلا فرق بين السجدة وغيرها على المشهور بين الأصحاب وقال السيد المرتضى ان شك في سجدة فاتى بها ثم ذكر فعلها أعاد الصلاة وهو قول أبي الصلاح وابن أبي عقيل ولعل الأول أقرب لصحيحة منصور بن حازم وموثقة عبيد بن زرارة السابقتين عند شرح قول المصنف ولو ذكر السجدة أو التشهد ولو شك في الركوع وهو قائم فركع ثم ذكر قبل رفعه بطلت صلاته على رأى هذا مذهب أكثر المتأخرين وذهب الشيخ والمرتضى وابن إدريس إلى أنه يرسل نفسه للسجود ولا يبطل صلاته بذلك وهو قول الشيخ المتقدم أبي جعفر الكليني حجة الأول ان الركوع يتحقق بالانحناء الخاص وليس للقيام عنه مدخل في تحصيله فتحقق في المسألة المفروضة زيادة الركن الموجب للبطلان كما مر ولقائل أن يقول الانحناء الخاص مشترك بين الركوع والهوى للسجود ويتميز الأول عن الثاني بالرفع عنه ولم يثبت ان مجرد القصد يكفي في كونه ركوعا فاذن لا يلزم زيادة الركن وفيه نظر لأنه لو اعتبر في تشخص الركوع رفع الرأس عنه لزم ان يبطل الصلاة إذا ترك الرفع عنه ساهيا والظاهر أنه وهو ليس كله والشهيد في الذكرى قوى القول الثاني ثم قال لان ذلك وإن كان بصورة الركوع الا انه في الحقيقة ليس بركوع لتبين خلافه والهوى إلى السجود مشتمل عليه (وهو) واجب (فيتادى) الهوى
(٣٧٤)