عشرة في أثنائها لم يجب التقصير لافي موضع الإقامة ولا في طريقه وقد صرح الأصحاب كالمصنف وغيره بهذا الحكم ولا اعرف فيه خلافا لكن إقامة حجة واضحة عليها لا يخلو عن اشكال فان النصوص مختصة بالحكم الأول ولافرق بين كون المقام في بلد أو قرية أو بادية ولا بين العازم على استمرار السفر بعد المقام وغيره والظاهر أن بعض اليوم لا يحسب بيوم كامل بل يلفق فلو نوى المقام عند الزوال كان منتهاه زوال اليوم الحادي عشر وهل يشترط عشر غير يومي الدخول والخروج فلا يكفي التلفيق فيه وجهان واستشكل المصنف في النهاية والتذكرة احتسابهما من العدد من حيث إنهما من نهاية السفر وبدايته لاشتغاله في الأول بأسباب الإقامة وفي الأخير بالسفر ومن صدق الإقامة في اليومين واحتمل التلفيق أو بوصوله بلدا له فيه ملك استوطنه ستة أشهر فيتم حينئذ وإن كان جازما على السفر قبل انقضاء العشرة ولافرق في الملك بين المنزل وغيره عند المصنف وجماعة من المتأخرين حتى صرحوا بالاكتفاء في ذلك بالشجرة الواحدة وبعضهم اعتبر المنزل خاصة وقال الشيخ في النهاية ومن خرج إلى ضيعة له وكان له فيها موضع ينزله ويستوطنه وجب عليه التمام فإن لم يكن له فيها مسكن فإنه يجب عليه التقصير وظاهره اعتبار المنزل وعدم اعتبار ستة أشهر بل الاستيطان وقريب منه عبارة ابن البراج فإنه قال في كتابه المسمى بالكامل من كانت له قرية له فيها موضع يستوطنه وينزل به وخرج إليها وكانت عدة فراسخ سفره على ما قدمناه فعليه التمام وان لم يكن له فيها مسكن ينزل به ولا يستوطنه كان له التقصير وقال أبو الصلاح وان دخل مصرا له فيه وظن فنزل فيه فعليه التمام ولو صلاة واحدة وظاهر العبارتين الأوليين اعتبار المسكن والأخيرة الوطن ولعل المراد بالجميع واحد إذ هو الموضع الذي يسكن فيه وليس فيها دلالة على كون ذلك الموضع ملكا له وليس فيها اعتبار الستة أشهر وقال ابن البراج أيضا من مر في طريقه على مال له أو ضيعة يملكها أو كان له في طريقه أهل أو من جرى مجريهم وينزل عليهم ولم ينوى الإقامة عندهم عشرة أيام كان عليه التقصير وفيه نفى للقول المشهور بين المتأخرين من اعتبار الملك الذي استوطنه ستة أشهر في وجوب الاتمام وقال الشيخ في المبسوط إذا سافر فمر في طريقه بضيعة له أو على مال له وكانت له اصهارا وزوجة فنزل عليهم ولم ينو المقام عشرة أيام قصر وقد روى أنه عليه التمام وقد بينا الجمع بينهما وهو ان ما روى أنه إن كان منزله أو ضيعته مما قد استوطنه ستة أشهر فصاعدا تمم وان لم يكن استوطن ذلك قصر واجري ابن الجنيد منزل الزوجة والأب والابن والأخ مع كونهم لا يزعجونه مجرى منزله ظاهر ابن بابويه انه يعتبر ان يقيم في ذلك الموضع في كل سنة ستة أشهر وحكى عن ظاهر ابن البراج ان السفر لا ينقطع بالوصول إلى المنزل المستوطن الا بنية المقام عشرة وبالجملة أقوال الأصحاب في هذه المسألة مختلفة جدا وكذا الروايات والذي وصل إلينا في هذه المسألة روايات الأولى ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن الفضل في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل سافر من ارض إلى ارض وانما ينزل قرأه وضيعته قال إذا نزلت قراك وضيعتك فأتم الصلاة وإذا كنت في غير أرضك فقصر الثاني ما رواه الشيخ وابن بابويه عن محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن الرجل يقصر في ضيعته فقال لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام الا ان يكون له فيها منزل يستوطنه فقلت ما الاستيطان فقال إن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر الثالث ما رواه الشيخ عن حماد بن عثمان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في رجل يسافر فيمر بالمنزل له في الطريق أيتم الصلاة أم يقصر قال يقصر انما هو المنزل الذي يوطنه الرابعة ما رواه عن علي بن يقطين في الصحيح قال قلت لأبي الحسن الأول (ع) الرجل يتخذ المنزل فيمر به أيتم أم يقصر قال كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل وليس لك ان تتم فيه الخامسة ما رواه عن سعد بن أبي خلف في الصحيح قال سال علي بن يقطين أبا الحسن الأول (ع) عن الدار يكون للرجل بمصر أو الضيعة ويمر بها قال إذا كان ممن سكنه أتم فيه الصلاة وإن كان لم يسكنه فليقصر السادسة (ما رواه) علي بن يقطين في الصحيح قال قلت لأبي الحسن الأول (ع) ان لي ضياعا ومنازل بين القرية والقريتين الفرسخين والثلاثة فقال كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير) السابعة ما رواه عن الحسين بن علي في الصحيح قال سألت أبا الحسن الأول (ع) عن رجل يمر ببعض الأمصار وله بالمصر دار وليس المصر وطنه أيتم الصلاة أم يقصر قال يقصر الصلاة والضياع مثل ذلك إذا مر بها الثامنة ما رواه عن عمران بن محمد وكانه حسن قال قلت لأبي جعفر الثاني (ع) جعلت فداك ان لي ضيعة على خمسة عشر ميلا خمسة فراسخ فربما خرجت إليها فأقيم فيها ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو سبعة أيام فأتم الصلاة أم قصر فقال قصر في الطريق وأتم في الضيعة التاسعة ما رواه عن عمار بن موسى في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يخرج في سفر فيمر بقرية له أو دار فينزل فيها قال يتم الصلاة ولو لم يكن له الا نخلة واحدة ولا يقصر وليصم إذا حضره الصوم وهو فيها العاشر عما رواه عن عبد الله بن بكير في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون بالبصرة وهو من أهل الكوفة له بها دار ومنزل فيمر بالكوفة وانما هو مختار لا يريد المقام عشرة أيام الا بقدر ما يتجهز يوما أو يومين قال يقيم في جانب المصر ويقصر قلت فان دخل أهله قال عليه التمام الحادية عشرة ما رواه عن موسى بن حمزة بن بزيع وهو مجهول قال قلت لأبي الحسن (ع) جعلت فداك ان لي ضيعة دون بغداد فاخرج من الكوفة أريد بغداد فأقيم في تلك الضيعة فاقصر أم أتم فقال إن لم تنوي المقام عشر فقصر الثانية عشرة ما رواه عن عبد الله بن سنان في القوى والضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال من اتى ضيعته ثم لم يرد المقام عشرة أيام قصر وان أراد المقام عشرة أيام أتم الصلاة وفي بعض الروايات الضعيفة يتم الصلاة كلما اتى ضيعة من ضياعه وعن موسى بن الخروج قال قلت لأبي الحسن (ع) اخرج إلى ضيعتي ومن منزلي إليها اثنى عشر فرسخا أتم الصلاة أم اقصر قال أتم إذا عرفت هذا فاعلم أن المتأخرين استدلوا على اعتبار مطلق الملك بالرواية التاسعة وعلى اعتبار الاستيطان ستة أشهر بالرواية الثانية ويرد على الأول ان الرواية معارضة باخبار متعددة صحيحة دالة على أن المعتبر في الاتمام ان يكون له منزل يستوطنه لا مطلق الملك وعلى الثاني ان المتبادر من الرواية اعتبار إقامة ستة أشهر في كل ستة وبهذا المعنى صرح ابن بابويه حيث قال بعد أن اورد قوله (ع) في صحيحة إسماعيل بن الفضل إذا نزلت قراك وأرضك فأتم الصلاة قال مصنف هذا الكتاب يعني بذلك إذا أراد المقام في قراه وارضه عشرة أيام ومن لم يرد المقام بها عشرة أيام قصر الا ان يكون له بها منزل يكون فيه في السنة ستة أشهر فإن كان كذلك أتم متى دخلها وتصديق ذلك ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع وأورد الرواية المتقدمة والمسألة مشكلة جدا ويمكن الجمع بين هذه الأخبار بوجهين أحدهما ان يقال إذا نزل في منزل استيطانه يجب الاتمام وان نزل في ملك له أو دار لم يستوطنه فهو مخير بين الاتمام والتقصير لكن القائل بهذا التفصيل غير معلوم وثانيهما ان يحمل المطلق على المقيد فيحمل الأخبار المطلقة الدالة على الاتمام في الملك والضيعة على دار الاستيطان ويحمل حديث الستة أشهر في صحيحة ابن بزيع على التمثيل ويحتمل تطبيقه على قول المتأخرين وعلى كل تقدير فالظاهر أن الوصول إلى بلد له فيه منزل استوطنه بحيث يصدق الاستيطان عرفا كاف في الاتمام ثم إن جماعة من القائلين بالملك كالشهيدين وغيرهما اعتبروا سبق الملك على الاستيطان وبقاء الملك واشترط جماعة منهم في السنة ان يكون مقيما فيها وأن يكون الصلاة فيها بنية الإقامة فلا يكفي مطلق الإقامة كما لو أقام ثلاثين ثم أتم من غير نية الإقامة ولا الاتمام بسبب كثرة السفر أو المعصية أو شرف البقعة نعم لا يضر مجامعتها لها والظاهر أنه لا يشترط التوالي ولا السكنى في ملكه كما صرح به جماعة من الأصحاب بل يكفي الاستيطان في البلد أو القرية ولا يبعد ان يكفي في ذلك عدم الخروج عن حد الخفاء ولا يكفي استيطان الوقوف العامة كالمدارس ولا يبعد الاكتفاء بالخاص كما قاله جماعة من الأصحاب واشترط الشهيد ملك الرقبة فلا يجزي الإجارة وفيه تأمل والحق المصنف ومن تأخر عنه بالملك اتخاذ البلد دار مقامه على الدوام ولا يأمن به وهل يشترط هنا استيطان الستة أشهر قال في الذكرى الأقرب ذلك ليتحقق الاستيطان الشرعي مضافا إلى عرفي وهو غير بعيد فلو كان بين مخرجه وموطنه وما أي الموضع الذي نوى الإقامة فيه مسافة قصر في الطريق خاصة دون الموطن وموضع الإقامة فإنه يتم فيهما والا اي وان لم يكن بين موطنه ومخرجه أو ما نوى الإقامة فيه مسافة أتم فيه اي في الطريق أيضا كما أنه يتم في الموطن وموضع الإقامة ولو كانت له عدة مواطن في طريقه أو نوى الإقامة في عدة مواضع في طريقه أتم فيها اي في المواطن وكذا في المواضع التي قصد الإقامة فيها واعتبرت المسافة فيما بين كل موطنين فيقصر مع بلوغ المسافة التي بين كل موطنين الحد المعتبر شرعا في مسافة التقصير وانما يكون التقصير في طريقه خاصة دون الموطن ومحل الإقامة والطريق التي لا تبلغ الحد وكما تعتبر المسافة بين كل موطنين كذلك تعتبر بين الأخير ومنتهى
(٤٠٨)