حجة القول الرابع فيمكن تحصيلها مما قيل في حجج غيره من الأقوال والمسألة محل اشكال ولو قيل بالتخيير في الستر بين الثياب وغيرها في غير حال الصلاة لعدم انتهاض الأدلة على أكثر من ذلك واما في حال الصلاة فيجب تقديم ما عدا الطين عليه تمسكا بما دل على الانتقال إلى الايماء من غير اعتبار الطين لم يكن بعيدا فروع الأول إذا لم يوجد ساتر الا الطين ففي وجوب الركوع والسجود نظر لأن الظاهر من الأدلة تعين الايماء عند تعذر الثياب وما يجرى مجراه كالحشيش الثاني يعتبر في الثوب كونه ساترا للعورة ويعتبر كونه صفيقا ساترا للون البشرة وهل يعتبر كونه ساترا للحجم قال المحقق والمصنف لا وهو الاظهر لحصول الستر المأمور به وقيل يعتبر لما رواه الشيخ عن أحمد بن حماد رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل فيما شف أو صف يعني الثوب الصقيل كذا فيما وجدناه من نسخ التهذيب وذكره الشهيد رحمه الله انه وجده كذلك بخط الشيخ رحمه الله أبي جعفر وان المعروف أو وصف بواوين قال ومعنى شف لاحت منه البشرة ووصف حكى الحجم وقريب من هذه الرواية مرفوعة محمد بن يحيى لكنهما ضعيفتا السند غير واضحتي الدلالة على التحريم فيبقى الأصل والعمومات سالمة عن المعارض وإذا كان الستر بالطين فقد صرح الشهيد باعتبار اللون والحجم معا فان تعذر فاللون خاصة قال وفي الايماء هنا نظر وتبعه الشارح الفاضل ولم اطلع على تصريح لمن تقدمها هيهنا وما ذكرا غير بعيد فلا ينسحب حكم الثوب هنا لمكان الفرق عرفا لكن قول الصادق عليه السلام النورة سترة مما يدل على خلافه والرواية وإن كانت ضعيفة لكنها مشهورة بين الأصحاب فتأمل الثالث قال المحقق ولو وجد وحلا أو ماء كدرا بحيث لو نزله ستر عورته لم يجب نزوله لان فيه ضررا ومشقة وقال جماعة من المتأخرين بالوجوب والقول بعدم الوجوب لأجل الصلاة قوى لفقد الدليل فان الأدلة الدالة على وجوب الستر لأجل الصلاة واشتراطها غير شاملة لمحل النزاع إما وجوب الستر بأحد الامرين المذكورين عن الناظر إذا لم يتضمن مشقة شديدة عادة فغير بعيد ثم القائلون بالوجوب اختلفوا فقال الشارح الفاضل والظاهر أن الوحل مقدم على الماء وان لم يستر الحجم لأنه ادخل في مسمى الساتر وأشبه بالثوب والطين المقدمين على الماء وفيه ضعف ونقل عن ظاهر الذكرى تقديمهما على الحفيرة وعن بعضهم تقديم الحفيرة على الماء الكدر وتأخير الطين عنه وعن بعضهم تقديم الماء الكدر على الحفيرة مطلقا والشارح الفاضل ذكر في تحقيقه تفصيلا والكل غير منوط بدليل يعتد به ولو أمكن العاري ولوج حفيرة والصلاة فيها قائما بالركوع والسجود وجب عند المحقق لحصول الستر ولم يثبت شرطية التصاقه بالبدن فيجب اتمام الأركان وأيده بما رواه الشيخ في الصحيح عن أيوب بن نوح عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفيرة دخلها ويسجد فيها ويركع واليه ذهب المصنف في التحرير وقيل لا يجب استضعافا للرواية وهو أقرب لعموم ما دل على الانتقال إلى الايماء عند تعذر الثياب وما يجرى مجراها كالحشيش الرابع يجب شراء الساتر بثمن المثل أو أزيد مع عدم التضرر على الأقرب لحصول المكنة المقتضية للامتثال ولو أعير وجب القبول والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ولو وهب منه فالشيخ على وجوب القبول ومنعه المصنف في التذكرة لما فيه من المنة الخامس لو لم يجد الا ثوب حرير صلى عاريا ولم تجز الصلاة فيه لتعلق النهي عن الصلاة فيه ولو وجد النجس والحرير واضطر إلى لبس أحدهما فالظاهر وجوب لبس النجس السادس الستر يراعى من الجوانب الأربع ومن فوق ولا يراعي من تحت ولو صلى على طرف سطح بحيث يرى عورته من تحته ففيه نظر لان الستر يراعي من الجوانب التي قرنت العادة بالنظر إليها ولان الستر من تحت انما يفتقر إذا كان على وجه الأرض السابع لو كان في الثوب خرق فإن لم يحاذ العورة فلا كلام فيه وان حازاها بطلت الصلاة ولو جمعه بيده بحيث يتحقق الستر بالثوب صح كما صرح به جماعة من الأصحاب ولو وضع يده عليه بحيث يكون الستر مستند إلى يده أو وضع اليد غيره كذلك فالذي صرح به جماعة من الأصحاب البطلان ولي فيه اشكال الثامن لو وجد الساتر في أثناء الصلاة فان امكنه الستر من غير فعل المنافي وجب ولو توقف على فعل المنافي صحت الصلاة عند تضيق الوقت والا بطل مع احتمال وجوب الاستمرار مطلقا التاسع لو وجد ساتر إحدى العورتين وجب ولعل الأولى صرفه إلى القبل لقوله عليه السلام في بعض الأخبار التي نقلناها في أوائل أحكام الخلوة و إما الدبر فمستور بالأليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة والخنثى المشكل ان امكنه ستر القبلتين قدم ذلك على ستر الدبر والا فالذي قربه الشهيد في الذكرى وجوب الستر الذكر لبروزه وفيه اشكال وقال بعض العامة يستر ما ليس للمطلع فإن كان رجلا ستر آلة النساء وإن كانت امرأة ستر آلة الرجال ولا دليل عليه العاشر الأقرب انه ليس الستر معتبرا في صلاة الجنازة لان اسم الصلاة لا تقع عليها الا مجازا كما بيناه سابقا وقيل يجب لاطلاق الاسم عليها فان فقد جميع ما يمكن الستر به ولو بالشراء أو الاستيجار أو الاستعارة صلى عريانا قائما مع امن المطلع وجالسا مع عدمه هذا مذهب الأكثر وقال المرتضى يصلي جالسا مؤميا وان امن وقال ابن إدريس يصلي قائما مؤميا في الحالين ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات يدل على التفصيل ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن مسكان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يخرج عريانا فتدركه الصلاة قال يصلي عريانا قائما ان لم يره أحد فان رآه أحد صلى جالسا ويدل على الثاني ما رواه الشيخ في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن زرارة قال قلت لأبي جعفر رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلي فيه فقال يصلي ايماء فإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلا وضع يده على سؤته ثم يجلسان فيؤميان ايماء ولا يركعان ولا يسجدان فيبدوا ما خلفهما تكون صلاتهما ايماء وبرؤوسهما قال وان كانا في ماء أو بحر لجي لم يسجدا عليه وموضوع عنهما التوجه فيه يؤميان في ذلك ايماء رفعهما موجه ووضعهما وفي الصحيح عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن قوم صلوا جماعة وهم عراة قال يتقدمهم الامام بركبتيه ويصلي بهم جلوسا وهو جالس قيل والحكم بالجلوس مع الجماعة يقتضي جوازه مطلقا إذ لا يعقل ترك الركن لتحصيل الفضيلة وفي الموثق عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قوم قطع عليهم الطريق فأخذت ثيابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة كيف يصنعون قال يتقدمهم امامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيؤمى ايماء بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم ولعل المراد بقوله وهم يركعون ويسجدون في خلفه على وجوههم الايماء بالرأس والوجه ويدل على القول الثالث رواية علي بن جعفر السابقة وصحيحة عبد الله ابن سنان السابقة عند شرح قول المصنف والإمامة بغير رداء ويمكن الجمع بين الاخبار إما بحمل الأخبار المطلقة على التفصيل استنادا إلى الخبر المفصل فإنه وإن كان مرسلا الا انه صحيح إلى ابن مسكان وهو ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فيكون الخبر من الأخبار المعتبرة واما بالحمل على التخيير كما مال إليه المحقق في المعتبر استضعافا للرواية المفصلة ولا يخفي ان حمل الأخبار المطلقة على التفصيل تأويل بعيد والحمل على التخيير أقرب وحينئذ يمكن حمل خبر التفصيل على الفضيلة ويؤمى في الحالين اي حالتي القيام والقعود راكعا وساجدا ايماء بالرأس لخبر زرارة فان تعذر فبالعينين ورجح الشهيد في الذكرى وجوب جعل السجود اخفض من الركوع تحصيلا للافتراق والقرب من الأصل وجعل الانحناء فيهما بحسب الممكن بحيث لا يبدو معه العورة استصحابا للأصل واحتمل وجوب وضع الأعضاء السبعة في السجود على الكيفية المعتبرة فيه وكل ذلك تقييد للنص وكذا القول بوجوب رفع شئ يسجد عليه ان امكنه وقوله عليه السلام في صحيحة عبد الرحمن الواردة في المريض ويضع بوجهه في الفريضة على ما امكنه من شئ لا يدل عليه لان حكم المريض لا ينسحب ههنا الا بدليل وظاهر الاخبار وكلام الأصحاب ان الايماء في حالتي القيام والجلوس على وجه واحد فلا يجب على القائم الجلوس ليؤمى للسجود وحكى الشهيد في الذكرى عن شيخه السيد عميد الدين انه كان يقوى جلوس القائم ليؤمى للسجود جالسا لأنه أقرب إلى هيئة الساجد فيدخل تحت فاتوا منه ما استطعتم وهو ضعيف لان الوجوب حينئذ انتقل إلى الايماء فلا معنى للتكليف بالاتيان بالممكن من السجود ولو صلى العاري بغير ايماء بطلت صلاته وكذا لو اتى بالركوع والسجود سواء كان متعمدا أو ناسيا أو جاهلا لعدم حصول الامتثال الموجب للصحة وربما قيل بالصحة في الناسي لعدم توجه النهي إليه وهو ضعيف وهل يجوز صلاة العاري في سعة الوقت صرح الشيخ في النهاية بالجواز وقال المرتضى وسلار يجب ان يؤخر رجاء لحصول السترة وقال في المعتبر إلى وجوب التأخير مع ظن تحصيل السترة والتعجيل بدونه و هو غير بعيد وإن كان قول الشيخ أقوى لاطلاق الأدلة ويستحب الجماعة للعراة رجالا كانوا أو نساء ويصلون صفا واحدا يتقدمهم الامام بركبتيه كما يدل عليه صحيحة ابن سنان
(٢٣٦)