بين الأدلة واختلف الأصحاب فيما يتحقق ادراك الركعة فمعظمهم على أنه يتحقق بادراك الامام راكعا في الثانية إليه ذهب الشيخ في الخلاف والمرتضى والفاضلان وجمهور المتأخرين وذهب المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية وكتابي الحديث إلى أن المعتبر ادراك تكبيرة الركوع في الثانية والأقرب الأول لنا ان الجمعة تدرك بادراك الركعة ويدرك الركعة بادراك الامام راكعا إما الأول فقد مر بيانه واما الثاني فيدل عليه ما رواه الصدوق عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا أدركت الامام وقد ركع فكبرت قبل ان يرفع الامام رأسه فقد أدركت الركعة وان رفع رأسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة ورواه الكليني والشيخ عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عنه (ع) بزيادة قوله وركعت بعد قوله فكبرت وما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد في الصحيح ورواه الكليني باسناد اخر عن سليمان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في الرجل إذا أدرك الامام وهو راكع فكبر الرجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل ان يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة وما رواه الصدوق عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)) قال إذا دخلت المسجد والامام راكع فظننت انك ان مشيت إليه رفع رأسه قبل ان تدركه فكبر واركع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف وإذا جلس فاجلس مكانك فإذا قام فالحق بالصف ورواه الكليني والشيخ عنه باسناد فيه عبد الله بن محمد بن عيسى وهو غير موثق في كتب الرجال عن عبد الرحمن عنه (ع) ورواه الشيخ باسناد صحيح عن عبد الرحمن عنه (ع) ويؤيده ما رواه الشيخ باسناد فيه ضعف عن معوية بن شريح عن أبي عبد الله (ع) انه إذا جاء الرجل مبادرا والامام راكع اجزائه تكبيرة لدخوله في الصلاة والركوع وعن جابر الجعفي قال قلت لأبي جعفر (ع) اني أؤم قوما فاركع فيدخل الناس وانا راكع فكم انتظر قال ما أعجب ما تسئل عنه انتظر مثلي ركوعك فان انقطعوا فارفع رأسك وفي الصحيح عن صفوان عن أبي عثمان عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سبقك الامام بركعة فأدركته وقد رفع رأسه فاسجد معه ولا تعتد بها وما رواه الصدوق باسناد ضعيف عن أبي أسامة انه سأل أبا عبد الله (ع) عن رجل انتهى إلى الامام وهو راكع قال إذا كبر وأقام (صلبه) ثم ركع فقد أدرك وفي الفقيه قال رجل لأبي جعفر (ع) اني امام مسجد الحي فاركع بهم واسمع خفقان نعالهم وانا راكع فقال اصبر ركوعك ومثل ركوعك فان انقطعوا والا فانتصب قائما احتج الشيخ في كتابي الحديث على القول الثاني بما رواه عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قال لي ان لم تدرك القوم قبل ان يكبر الامام الركعة فلا يدخل معهم في تلك الركعة وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال لا تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال إذا أدركت التكبيرة قبل ان يركع الامام فقد أدركت الصلاة وروى الكليني باسناد فيه محمد بن إسماعيل الراوي عن الفضل عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله (ع) إذا لم تدرك تكبيره الركوع فلا تدخل في تلك الركعة وأول الشيخ بعض الأخبار السابقة بتأويل بعيد والجواب ان النهي في الرواية الأولى محمول على الكراهة ونفى الاعتداد في الرواية الثانية محمول على نفي الاعتداد بها في الفضيلة ويكون الغرض التحريص على كمال السعي في عدم التأخير وانما حملنا على ذلك رعاية لقاعده الجميع وابقاء الأخبار الكثيرة على ظاهرها فان هذه الأخبار الأصل فيها واحد وهو محمد بن مسلم بخلاف الاخبار الأول ومقتضي هذا الوجه في الجمع ان المكلف مخير في الصورة المذكورة بين الدخول معهم في الصلاة وعدمه وان الأولى عدم الدخول معهم وهذا يجري في غير صلاة الجمعة مما جاز للمكلف الاتيان بها جماعة وفرادى دون الجمعة على القول بوجوب الاتيان بها عينا كما اخترناه وبالجملة الأخبار السابقة الدالة على وجوب ادراك صلاة الجمعة المتحقق بالدخول معهم في الصلاة في الصورة المذكورة أخص مطلقا من الأخبار المذكورة والخاص مقدم على العام لا يقال يمكن الاستدلال على القول الثاني بقوله (ع) في صحيحة الحلبي المتقدم إذا أدركت الامام إلى اخر الخبر لأنا نقول يمكن الجمع بينها وبين الأخبار السابقة بوجهين أحدهما العمل بظاهرها وتخصيص الحكم بالجمعة وإن كانت الركعة في غيرها تدرك بادراك الامام راكعا الثاني أو يحمل قوله وقد ركع على أنه قد رفع رأسه من الركوع والترجيح للثاني صونا للاخبار الكثيرة المعتضدة بالشهرة عن التأويل ولقرب هذا التأويل على أن ادراك الامام قبل الركوع يشمل ما بعد تكبيرة الركوع فلا يوافق القول الثاني والمعتبر على هذا القول اجتماعهما في حد الراكع وهل يقدح غير اخذ الامام في الرفع مع عدم مجاوزته حد الراكع فيه وجهان واعتبر المصنف في التذكرة ذكر المأموم قبل رفع الامام ومستنده غير معلوم ولو كبر وركع ثم شك هل كان الامام راكعا أو رافعا لم يعتد به وصلى الظهر للشك في ادراك الجمعة فيبقى تحت العهدة والاستناد إلى أن الأصل عدم الرفع فمع كونه ضعيفا معارض بان الأصل عدم الادراك ولو تيقن ان الوقت لا يتسع لأقل الواجب من الخطبتين والركعتين فقيل لم تجب الجمعة وقيل تجب ان أدرك الخطبتين ومقدار ركعة وذهب المصنف في النهاية إلى وجوب الدخول في الصلاة مع ادراك الخطبتين وتكبيرة الافتتاح والقول الوسط أقرب لعموم قوله (ع) من أدرك من الصلاة ركعة ولو انفض العدد في الأثناء أتم الجمعة يعني إذا حصل الشروع في الصلاة ثم انفض العدد وجب الاتمام جمعة وان لم يبق الا الامام وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب ذكره الشيخ ومن تأخر عنه قال الشيخ لا نص لأصحابنا فيه والذي يقتضيه مذهبهم انه لا يبطل الجمعة بعد الشروع وحجتهم على ذلك تحريم ابطال العمل وان القدر الثابت اشتراط صلاة الجمعة بالعدد في الابتداء لا الاستدامة وللعامة ههنا أقوال مختلفة منها اشتراط ان يكون الانفضاض من بعد الاتيان بركعة تامة لقوله (ع) من أدرك ركعة من الجماعة فليضف إليها أخرى والمصنف في التذكرة نفى عن هذا القول الباس وهو ضعيف إذ لا دلالة في الخبر على المدعى والظاهر أن المعتبر في وجوب الاتمام حصول التكبير من الامام فلو انفض العدد بعد ذلك لم يقدح ولا يعتبر حصول التكبير من العدد لانسحاب الدليل فيه وهو ظاهر المعتبر وغيره وربما يفهم من بعض عباراتهم ان المعتبر حصول التلبس من العدد المعتبر ولو انفضوا قبل التلبس بالصلاة سقطت الجمعة سقوطا مراعى بعدم عودهم أو حصول من ينعقد به الجمعة سواء كان في أثناء الخطبة أو قبلها ولو عادوا بعد انفضاضهم بنى الامام على الخطبة وان طال الفصل على الظاهر لحصول الامتثال بالخطبة وعدم ثبوت اشتراط الموالاة ولو اتى غيرهم ممن لم يسمع الخطبة فالظاهر وجوب إعادة الخطبة من رأس ويجب تقديم الخطبتين على الصلاة هذا مشهور بين الأصحاب وقال المصنف في المنتهى لا نعرف فيه مخالفا واستدلوا فيه إلى فعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) والصحابة والتابعين روى أبو مريم عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله اقبل الصلاة أو بعد فقال قبل الصلاة ثم يصلى ويستفاد ذلك من صحيحة عبد الله بن سنان الآتية في المسألة الآتية لكن روى الصدوق في الفقيه مرسلا عن الصادق (ع) أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة عثمان لأنه كان إذا صلى لم يقف الناس على خطبته وتفرقوا وقالوا ما نصنع بمواعظه وهو لا يتعظ بها وقد أحدث ما أحدث فلما رأى ذلك قدم الخطبتين على الصلاة ولعل لفظه الجمعة في هذه الرواية سهو عن الناسخين بدل العيد ويدل على رجحان تقديم الخطبتين صحيحة محمد بن مسلم الآتية في المسألة الآتية ورواية سماعة السابقة عند تحقيق ما يعتبر في الخطبة وبالجملة لاشك في رجحانه واما الوجوب والاشتراط ففي اثباته اشكال ان لم يكن اجماعيا ويمكن الاستدلال عليه بان اليقين بالبرائة من التكليف الثابت يتوقف عليه فيكون متعينا وفيه تأمل ويجب تأخيرهما عن الزوال اختلف الأصحاب في وقت الخطبة فذهب المرتضى وابن أبي عقيل وأبو الصلاح إلى أن وقتهما بعد الزوال فلا يجوز تقديمها عليه واختاره المصنف ونسبه في الذكرى إلى معظم الأصحاب وقال الشيخ في الخلاف يجوز ان يخطب عند وقوف الشمس فإذا زالت صلى الفرض وقال في النهاية والمبسوط ينبغي للامام إذا قرب من الزوال ان يصعد المنبر ويأخذ في الخطبة بمقدار ما إذا خطب الخطبتين زالت الشمس فان زالت نزل فصلى بالناس واختاره ابن البراج وذهب ابن حمزة إلى وجوب صعود الامام المنبر بمقدار ما إذا خطب زالت الشمس وان يخطب قبل الزوال والأقرب جواز ايقاع الخطبتين قبل الزوال وهو
(٣١١)