بالوجه المذكور ويحتمل ان يكون المراد بوجوبها وجوب الشمس وهذا الاحتمال يستقيم في الاستثناء بناء على المشهور من أن أول الوقت ذهاب الحمرة المشرقية واما على ما اخترناه من أن الوقت استتار القرص وان الأفضل (تأخيرها إلى) ذهاب الحمرة فيرد الاشكال في الاستثناء ويندفع بما أشرنا إليه سابقا الاحتمال الثالث ان يكون المراد بأول الوقتين أول وقت الفضيلة وبثانيهما اخر وقت الفضيلة وعلى هذا استثناء المغرب مبنى على أنه ليس لوقت فضيلتها امتداد يعتد به وليس بين أوله واخره فصل محسوس فان أول وقت فضيلتها ذهاب الحمرة المشرقية واخر وقت فضيلتها ذهاب الشفق وليس بينهما امتداد كثير وهذا انما يصح على القول المشهور من أن علامة وقت المغرب وذهاب الشمس ذهاب الحمرة واما على ما اخترناه فلا (يناسبه) ينافيه ما دل الروايات عليه من أن جبرئيل عليه السلام نزل للمغرب حين سقط القرص وكذا التعليل بقوله عليه السلام فان وقتها وجوبها ووقت فوتها غيبوبة الشفق الا ان يقال بتساوي اجزاء الوقت في مبدء التوقيت من غير أن يكون لها وقت فضيلة (ويكون معنى فان وقتها (غيبوبتها) وان وقت المغرب وقت الوجوب وليس لها وقت فضيلة) حتى يحدد ويبقى الكلام في أن أول فضيلة الظهر الزوال فيندفع بالوجه المذكور الاحتمال الرابع ان يكون المراد بالوقتين وقتي الفضيلة بان يقال أول الزوال وما بعد القدمين كلاهما وقت للفضيلة بالنسبة إلى اخر الوقت بخلاف المغرب فان لفضيلتها وقت واحد وهو ما بين ذهاب الحمرتين لكن هذا لا يستقيم على ما اخترناه من أن استتار القرص يحصل قبل ذهاب الحمرة المشرقية وان التأخير إلى الذهاب للفضيلة بناء على أن المذكور في الخبر ان جبرئيل عليه السلام نزل للمغرب حين سقط القرص ولا يوافقه التعليل المذكور في الخبر ويمكن دفعه بالوجه الذي أشير إليه ولا يخفى انه يستفاد من بعض الأخبار ان جبرئيل عليه السلام اتى للمغرب بوقتين فروى الشيخ في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام (ان جبرئيل) اتى النبي صلى الله عليه وآله في الوقت الثاني في المغرب قبل سقوط الشفق وروى هذا المعنى بعين الاسناد في جملة حديث يتضمن تفصيل اتيان جبرئيل بالتوقيت بنحو ما مر في رواية معاوية بن وهب ولو صحت هذه الرواية تعين حمل اخبار الواحدة على التقية احتج الشيخ على وجوب المغرب في أول الوقت بان الامر للفور وجوابه ان التحقيق ان الامر لمطلق الفعل من غير دلالة على الفور أو التراخي الثالثة المشهور بين الأصحاب ان أول وقت العشاء إذا مضى من غروب الشمس مقدار أداء ثلث ركعات واليه ذهب السيد المرتضى والشيخ في الاستبصار والجمل وابن بابويه وابن الجنيد وأبو الصلاح وابن البراج وابن زهرة وابن حمزة وابن إدريس وسائر المتأخرين ونسبه في المنتهى إلى ابن أبي عقيل أيضا وقال الشيخان أول وقتها غيبوبة الشفق ونسبه في المختلف إلى ابن أبي عقيل وسلار وهو أحد قولي المرتضى وصرح الشيخ في النهاية بجواز تقديم العشاء قبل الشفق ففي السفر وعند الاعذار وجوز في التهذيب تقدميه إذا علم أو ظن أنه إذا لم يصل في هذا الوقت لم يتمكن منه بعده ولم يذكر شيئا من ذلك في المبسوط ولعله مراد له والأقرب الأول والكلام في الاشتراك والاختصاص كما مر لنا ما رواه رواية ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب وعشاء الآخرة ورواها الشيخ باسناد فيه ضعف وما رواه الشيخ باسناد فيه الصحيح عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه وقد مر روايتان عن عبيد بن زرارة واللتان عليه وكذا يدل عليه رواية داود بن فرقد السابقة واستدلوا عليه أيضا بما رواه الشيخ في الموثق عن عبيد الله وعمران ابني علي الحلبيين قال كنا نختصم في الطريق في الصلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق وكان معنا من تضيق بذلك صدره فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فسألنا عن صلاة عشاء الآخرة قبل سقوط الشفق فقال لا باس بذلك فقلنا وأي شئ الشفق قال الحمرة وليس بذلك البعيد ان يكون المراد بصلاة العشاء المسؤول عنه عنها صلاة العشاء في السفر بقرينة الاختصاص في السفر فعلى هذا لا تكون الرواية دافعة لمذهب الشيخ في النهاية وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كانت ليلة مظلمة وريح ومطر صلى المغرب ثم مكث قدر ما يتنفل الناس ثم أقام موزنه ثم صلى العشاء الآخرة ثم انصرفوا ولا يخفى ان الشيخ في النهاية جوز تقديم العشاء عند الاعذار ويحتمل ان يكون مراده من العذر ما يعم الصورة المذكورة في الخبر فلا تكون الرواية دافعة لمذهبه وفي الصحيح عن عبد الله الحلبي (عن أبي عبد الله عليه السلام) قال لا باس ان يؤخر المغرب في السفر حتى يغيب الشفق ولا باس بان تعجل العتمة في السفر قبل ان يغيب الشفق وجه الدلالة ان تحديد مبدأ الوقت بذهاب الشفق يقتضي عدم جواز التقديم عليه مطلقا كما لا يجوز تقديم المغرب على الغروب لكن الرواية غير دافعة لمذهب الشيخ في النهاية ومثلها حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بان يعجل العشاء الآخرة في السفر قبل ان يغيب الشفق ورواية إسحاق الفطحي قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام صلى العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ثم ارتحل ويدل على ما اخترناه أيضا ما رواه الشيخ في الموثق عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام وأبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق قال لا باس به وفي الصحيح عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة وصلى بهم المغرب والعشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة وانما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ليتسع الوقت على أمته وعن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل ان يغيب الشفق من غير علة قال لا باس وفي طريق هذه الرواية إسحاق بن عمار وهو فطحي لكنه ثقة وفي طريقها موسى بن عمر وهو مشترك بين الثقة وغيره ولعل في نقل محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عنه ترجيح كونه الثقة وعد المصنف هذه الرواية من حسن ولعل مقصوده كونها صحيحا إلى إسحاق وعلى كل تقدير فالرواية صالحة للتأييد ويؤيد ما ذكرناه أيضا ما رواه الشيخ والكليني عن إسماعيل بن مهران قال كتبت إلى الرضا عليه السلام ذكر أصحابنا انه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر وإذا غربت دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة الا ان هذه قبل هذه في السفر والحضر وان وقت المغرب إلى ربع الليل فكتب كذلك الوقت غير أن وقت المغرب ضيق واخر وقتها ذهاب الحمرة ومصيرها إلى البياض في أفق المغرب و أجاب الشيخ في التهذيب عن نبذة من هذه الرواية بحملها على الضرورة أو على صورة يعلم فراغها بعد ذهاب الشفق والحمل الثاني بعيد جدا والحمل الأول يؤيده موثقة جميل بن دراج قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في الرجل يصلى المغرب بعد ما يسقط الشفق فقال لعلة لا باس قلت فالرجل يصلي العشاء الآخرة قبل ان يسقط الشفق فقال لعلة لا باس لكن يدفع هذا الحمل كثير من الروايات السابقة ويضعف التأييد بان حصول الباس غير دال على التحريم (فإذا المتجه) ما قربناه احتج الشيخان على ما نقل عنهما بما رواه الكليني والشيخ عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله متى تجب العتمة قال إذا غاب الشفق والشفق هو الحمرة وهذه الرواية قد عدها جماعة من الأصحاب من حسن وفيه تأمل لان في طريقها ثعلبة بن ميمون وفي الحكم بثقته تأمل قد أشرنا إليه سابقا وصحيحة بكر بن محمد السابقة في المسألة السابقة وبرواية يزيد بن خليفة عن الصادق عليه السلام قال أول وقت العشاء حين تغيب الشفق إلى ثلث الليل وعن زرارة عن الباقر عليه السلام قال فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء (وبان الاجماع واقع على أن بعد الشفق وقت العشاء) ولا اجماع على ما قبله فوجب الاحتياط ولأنها عبادة موقتة محتاجه إلى ابتداء مضبوط وأداء المغرب غير منضبط فلا يناط به وقت العبادة والجواب عن الأول انه محمول على وقت الفضيلة جمعا بين الأدلة وهو الجواب عما في معناه من الاخبار ويمكن حمله على التقية لموافقته لمذهب جمهور من العامة وفي الخبرين الأخيرين ضعف واما الوجهان الأخيران فضعفهما ظاهر الرابعة المشهور بين الأصحاب ان اخر وقت العشاء انتصاف الليل سواء في ذلك المختار والمضطر إليه ذهب المرتضى وابن الجنيد وابن بابويه وسلار وابن زهرة
(١٩٦)