قال هذا محمول على من لم يجعل المنزلين منزلا فيقصر في الطريق خاصة ويتم في المنزل واستدل بما رواه عن عمران الأشعري عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله (ع) قال الجمال والمكاري إذا جد بهما السير فليقصرا فيما بين المنزلين وليتما في المنزل وهذه الرواية مع عدم نقاء سندها غير دال على ما ذكره لجواز ان يكون المراد بما بين المنزلين المنزل الذي يخرج منه والمنزل الذي يذهب إليه وقال المصنف في المختلف الأقرب عندي عمل الحديثين على أنهما إذا قاما عشرة أيام قصرا وهو (ضعيف) بعيد جدا وحملها الشهيد في الذكرى على ما إذا نشأ المكارى والحمال سفرا غير صنعتهما قال ويكون المراد بجد السير ان يكون مسيرهما مسيرا متصلا والحج والاسفار التي لاتصدق عليها صنعة وهو غير بعيد الا ان المفهوم من ظاهر النص ما ذكرنا أولا والوقوف عليه أحسن واحتمل في الذكرى ان يكون المراد ان يكون المكارين يتمون ما داموا يترددون في أقل من المسافة أو في مسافة غير مقصودة فإذا قصدوا مسافة قصروا قال ولكن هذا لا يختص المكارى والجمال به بل كل مسافر وبالجملة هذا المعنى أيضا بعيد لا ينساق الذهن إليه ويرده قوله (ع) في صحيحة زرارة أربعة يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر فان المتبادر من السفر المقابل للحضر ههنا السفر الموجب لتقصير وتخصيص الحكم بالأربعة يرشد إليه وحملها الشارح الفاضل على ما إذا قصد المكارى والجمال المساقة قبل تحقيق الكثرة وهو بعيدا أيضا الشرط السادس من وجوب شروط التقصير خفاء الجدران والاذان فلا يرخص المسافر قبل ذلك ما ذكره المصنف من أن المعتبر مجموع الامرين من خفاء الجدران والاذان قول المرتضى والشيخ في الخلاف ونسبه الشارح ان المشهور بين المتأخرين وذهب أكثر الأصحاب إلى أن المعتبر أحد الامرين المذكورين ونسبه الشارح الفاضل إلى أكثر المتقدمين وقال الشيخ علي بن بابويه إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه واعتبر المفيد الاذان وكذا سلار وقال ابن إدريس الاعتماد عندي الاذان المتوسط والصدوق في المقنع اعتبر خفاء الحيطان والذي وصل إلى في هذا الباب من الاخبار ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل يريد السفر فيخرج حتى يقصر قال إذا توارى من البيوت وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) انه سأله عن التقصير فقال إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع الاذان فقصر وإذا قدمت من سفرك مثل ذلك فالمصنف ومن وافقه في القول بأنه يعتبر المجموع جمعوا بين الروايتين باعتبار الامرين معا فيلزم ارتكاب التخصيص في الخبرين معا واما القائلون بالتخيير فجمعوا بينهما بان كل واحد من الامرين كاف في وجوب التقصير وهذا أقرب من ارتكاب التخصيص المذكور في الخبرين فإنه في قوة تأخير البيان عن وقت الحاجة مع أن غاية ما يلزم من هذا الجمع ارتكاب التخصيص في مفهوم كل واحد من الخبرين ولا ريب ان ارتكاب التخصيص في المفهوم أولي من ارتكابه في المنطوق على أن العموم في مفهومها غير واضح لكن لا يخفى ان مقتضى المعنى الأول توارى المسافر من البيوت لا خفاء البيوت عنه ولا يبعد العمل بمضمون الخبر وحينئذ فالظاهر أنه يتحقق التواري بالحائل وانه لا تضر الرؤية بعد ذلك لصدق التواري أولا والعمل لاعتبار الاذان أولي واما حجة علي بن بابويه فلعلها الرواية المرسلة التي نقلها الصدوق في الفقيه حيث قال وقد روى عن الصادق (ع) قال إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه ولو صحت كان الجمع بالتخيير قبل الوصول إلى حد الخفاء متجها لكن صحتها غير معلومة ومما ذكر ظهر ان القول الثاني أقوى وذكر الشهيد ان البلد لو كانت في علو مفرط أو وهدة اعتبر فيها الاستواء تقديرا ويحتمل قويا الاكتفاء بالتواري في المنخفضة كيف كان لاطلاق الخبر والظاهر أنه لا عبرة باعلام البلد كالمنارة والقلاع والقباب قالوا ولا عبرة بسماع الاذان المفرط في العلو كما أنه لا عبرة بخفاء الاذان في المفرط في الانخفاض فيكون الرواية مبنية على الغالب قالوا المراد جدران اخر البلد الصغير والقرية والا فالمحلة وكذا اذان مسجد البلد والمحلة ويحتمل البيت ونهاية البلد فظاهر الرواية خفاء جميع بيوت البلد وأذانه ويحتمل البيوت المتقاربة من بيته كذا اذانها وذكر بعضهم ان المعتبر في رؤية الجدار صورته لا شبحه وهو اي خفاء الامرين نهاية التقصير فيقصر إلى أن ينتهى إلى ظهور أحد الامرين وذهب بعض الأصحاب إلى اعتبار الاذان ههنا وذهب المرتضى وعلي بن بابويه وابن الجنيد إلى أن المسافر يجب عليه التقصير في العود حتى يبلغ منزله ويدل على القول الثاني صحيحة عبد الله بن سنان السابقة وعلى القول الثالث ما رواه الشيخ عن العيص بن القسم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته وعن العيص بن القسم في الصحيح أيضا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثم يدخل بيته قبل ان يصليها قال يصليها أربعا وقال لا يزال يقصر حتى يدخل بيته وعن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي إبراهيم (ع) قال سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله قال بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله وأجاب المصنف في المختلف بان المراد الوصول إلى موضع يسمع الاذان أو يرى الجدران فان من وصل إلى هذه المواضع يخرج عن حكم المسافر فيكون بمنزلة من دخل منزله وهو تأويل بعيد والأقرب في الجمع بين هذه الأخبار وخبر عبد الله بن سنان القول بالتخيير بعد الوصول إلى موضع يسمع فيه الاذان وبين القصر والاتمام فلو قيل بذلك لم يكن بعيدا من الصواب وان لم يختر ذلك بناء على عدم ظهور القائل به فالوقوف على ظواهر هذه الأخبار
(٤١١)