المصير إليه وفيه نظر إذ الحكم بكونه مجرد احتياط انما يستقيم إذا دل دليل على عدم اعتباره أو لم يكن رعايته منوطة بالخروج عن عهدة تكليف ثابت والامر ههنا ليس كذلك لان التكليف بالصلاة ثابت وعند عدم الطمأنينة المذكورة لا يحصل الامتثال يقينا فيجب الطمأنينة ليحصل اليقين والامتثال وقد حققنا هذا الأصل في غير هذا الكتاب ولو خف في الركوع قيل الطمأنينة وجب ان يرتفع منحنيا إلى حد الراكع ليكملها وليس له الانتصاب لئلا يزيد الركن ثم يأتي بالذكر الواجب من أوله وان اتى ببعضه وحصل فصل طويل ان أوجبنا تسبيحة واحدة إذ لم يسبق عنه كلام تام فلا يجوز البناء وان أوجبنا تعدد التسبيح أعاد إن كان في أثناء تسبيحه وحصل فصل طويل والا بنى على السابق ولو خف بعد الذكر قد تم ركوعه فيقوم معتدلا مطمئنا ولو خف بعد الاعتدال من الركوع لم يبعد وجوب القيام ليسجد عن قيام والطمأنينة ان لم تحصل سابقا واستشكل المصنف وجوب القيام لو كان الخفة بعد الطمأنينة للشك في كون الهوى إلى السجود فائما واجبا برأسه أو وجوبه من باب المقدمة فيسقط حينئذ ولو تمكن المصلي قاعدا أو ما دونه من القيام للركوع خاصة وجب لكونه ركنا في الصلاة واجبا برأسه فلا يسقط بالعجز عن غيره والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب الثاني من واجبات الصلاة النية ووجوبها في الصلاة ثابت باجماع المسلمين ونقل ذلك المصنف وغيره وحقيقتها العزم على الفعل والقصد إليه بان لا يكون صدور الفعل عنه على سبيل السهو والنسيان قال بعضهم النية عند الفقهاء القصد المقارن للفعل ولا يخفى ان هذا أمر سهل الحصول لا يكاد ينفك عنه المكلف حين إرادة الفعل ولهذا يحكى عن علمائنا المتقدمين انهم ما كانوا يذكرون النية في كتبهم الفقهية بل يقولون أول واجبات الوضوء مثل غسل الوجه وأول واجبات الصلاة تكبيرة الافتتاح إلى غير ذلك وكانه لهذا السبب لم يذكر النية في الأخبار الواردة في بيان حقايق العبادات في مواقع التعليم مع تأكد الحاجة إليها وعموم البلوى بها وهذا من أقوى الحجج على سهولة الخطب في أمر النية وانها أمر لا ينفك عنها العقلاء بحيث لا يحتاج المكلفون إلى التنبيه عليها والارشاد إليها ومن ههنا قال بعض الفضلاء لو كلف الله الصلاة أو غيرها من العبادات بغير نية كان تكليفا بما لا يطاق وقال اخر لولا قيام الأدلة على اعتبار القربة والا لكان ينبغي ان يكون هذا من باب اسكتوا عما سكت الله عنه وبما ذكرنا يظهر ان التدقيقات الناشية بين الناس في أمر النية من مستحدثات المتأخرين ومبدعاتهم من غير أن يكون لها ظهور كلا أو بعضا في الصدر الأول وعدم التوغل فيها أولي وأشد وهي ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا والمراد بالركن بما يلتئم (منه) مع بطلان الصلاة بتركه عمدا وسهوا كالركوع والسجود أو ما يشتمل عليه المهية من الأمور الوجودية المتلاحقة مع المقيد المذكور والتقييد بالأمور الوجودية لاخراج التروك كترك الكلام والفعل الكثير فإنها لا تعد اركانا عندهم ويمكن ان يكون المراد بالركن ما يبطل الصلاة بتركه مطلقا فيكون أعم من الشرط وبالجملة لا خلاف في ركنيتها بهذا المعنى ونقل المصنف وغيره اتفاق العلماء على ذلك واحتجوا على وجوبها وركنيتها بقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وقول النبي صلى الله عليه وآله انما الأعمال بالنيات وانما لامرئ ما نوى وقول الرضا (ع) لاعمل الأبنية وبان الأعمال تقع على وجوه مختلفة بعضها غير مراد الله فلا يختص المراد الا بالنية وللنظر إلى كل واحد من تلك الوجوه طريق كما لا يخفى على الفطن بعد الإحاطة بما ذكرنا في كتاب الطهارة واختلف الأصحاب في كون النية جزء للصلاة أو شرطا فيها فقيل بالأول وقيل بالثاني وتردد بعضهم وأدلة الطرفين مدخولة والفائدة في تحقيق ذلك قليلة وقد فرع على القولين أشياء بعضها لا يتفرع عليهما وبعضها قليل الفائدة فالاعراض عن الإطالة في هذا الباب أولي والاشتغال إلى تحقيق حقيقة النية أهم فاعلم أن هيهنا أسوار (لا يسعنا خلا) الذات على الوجه الاجمالي والمراد بالذات الأمور المعتبرة في ماهية صلاة معينة كالظهر مثلا بحيث يكون الاخلال بشئ منها موجبا لعدم الامتثال الثاني القصد (المستفاد) بالشئ الملحوظ على الوجه المذكور قبل الاشتغال به الثالث ملاحظة اتصاف الفعل الملحوظ على الوجه المذكور ببعض الأوصاف المميزة له مثل كونه ظهرا مثلا وكونه واجبا أو ندبا وكونه أداء أو قضاء إلى غير ذلك الرابع إرادة التقرب بالفعل المذكور وجعل القربة غاية للفعل الخامس اقتران القصد المذكور بأول الافعال بحيث لا يحصل بينهما فصل السادس الاستدامة الحكمية إما الأول فلا ريب في اعتباره وكذا الثاني واما الرابع فلاشك في وجوبه واما اشتراطه في ترتب الثواب فلا خلاف فيه بين الأصحاب واما في الصحة بمعنى سقوط القضاء وسقوط العقاب التابع للترك فمشهور بين الأصحاب وخالف فيه السيد المرتضى وقد مر الكلام في ذلك في كتاب الطهارة وفسر الشارع الفاضل النية بإرادة الفعل المخصوص المتعبد به مقارنة له لله تعالى ثم الاجماع على توقف الصلاة عليها وكانه غفل عن خلاف المرتضى ويمكن تأويل كلام الشارع بوجه ما واما الخامس والسادس فسيجئ الكلام فيه عن قريب واما الثالث فقد أشار إليه المصنف بقوله ويجب ان يقصد فيها اي في النية تعيين الصلاة مثل كونه ظهر أو عصرا ذكر الشيخ (ذلك) ومن تبعه ونفى المصنف في المنتهي الخلاف فيه وادعى في التذكرة اجماع علمائنا عليه واحتج الشيخ في الخلاف على وجوب التعيين والوجه والأداء أو القضاء بوجهين أحدهما حصول الامتثال يقينا عند ذلك وثانيهما ان الفعل يقع على وجوه مختلفة فيحتاج إلى مميز فاحتيج إلى اعتبار تعيين الظهر مثلا ليتميز عن العصر وقصد الوجوب ليتميز عن المعادة وقصد الأداء ليتميز عن القضاء وفي الأخير نظر لأنه ان قصد ان الفعل يقع على وجوه مختلفة صحيحة شرعا في زمان واحد فممنوع لان العصر انما يجب بعد الظهر خصوصا في الوقت المختص بالظهر ومع هذا لا يجري (لا يجزي) في المغرب وكذا الكلام في الوجوب والندب لان الإعادة انما يتصور بعد الاتيان بالفعل أولا واما الأداء والقضاء فإنهما يجري الكلام فيهما عند اشتغال الذمة بهما لا مطلقا مع امكان البحث على ذلك التقدير وان قصد ان الفعل يقع على وجوه ونيات مختلفة مؤثرة في انصراف الفعل إلى ما قصد وان لم تكن صحيحة شرعا كما إذا قصد العصر حين اشتغال الذمة بالظهر ففيه ان اعتبار التأثير المذكور أول البحث وان قصد المعنى المذكور بدون التقييد بالتأثير المذكور فغير مانع كما لا يخفى وبالجملة في اتمام هذا الاستدلال فرع خفاء مع أنه عول عليه الأكثرون واما الأول فلا يخلوا عن قوة بناء على ما ذكرنا من عدم ثبوت شرطية نية واما ان رجحنا شرطية النية فتقول الامر بالصلاة مطلقا لا يتخصص بشرط الا بدليل ولا دليل على اشتراط الأمور المذكورة واليقين بالامتثال لا يتوقف عليه بعد اطلاق التكليف وهذا الكلام لا يتم على تقدير ترجيح الجزئية أو التردد فيها فيتجه القول بالوجوب حينئذ لا يقال قد دل عدم ظهور الامر بذلك منهم عليهم السلام وعدم اهتمام السلف بذكره وايراده مع تأكد الحاجة إليه وعموم البلوي به على عدم الوجوب لأنا نقول لعل ذلك لقلة احتياجه إلى التنبيه فان التعيين وقصد الفريضة والأداء والقضاء لا يكاد ينفك عن المكلف غالبا فيمكن ان يكون ذلك أغناهم عليهم السلام عن التأكيد والتنبيه وتبعهم السلف في ذلك والحق ان طريق التأمل غير منسد بالكلية في هذا الكلام الا ان الرشد في العمل بما اشتهر بين الأصحاب وان يقصد فيها الوجه اي الوجوب ذكر ذلك الشيخ ومن تبعه وظاهر التذكرة واتفاق الأصحاب عليه وطريق الاستدلال فيه كالسابق وقد جمع في بعض عباراتهم اعتبار الوجوب التعليلي مع الوجوب الوصفي والأول إشارة إلى ما ذكره المتكلمون من أنه لابد من فعل الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه وفي الذكرى نسب الجمع بين الامرين إلى المتكلمين قال وهذا يطرد في جميع نيات العبادات لكن معظم الأصحاب لم يتعرضوا له في غير الصلاة وقد بين معنى وجه الوجوب في مبحث الوضوء وان يقصد فيها التقرب قد مر تحقيق ذلك في كتاب الطهارة وان يقصد فيها الأداء والقضاء ذكره الشيخ ومن تبعه وظاهر التذكرة اتفاقه (اتفاق) الأصحاب عليه واستدلوا عليه بالدليلين السابقين وقد مر التحقيق في هذا الباب وحكى عن بعض الأصحاب انه اعتبر في النية ملاحظة الافعال على الوجه المفصل ثم العود إلى اعتبار الوصف والقصد إلى الافعال الملحوظة ثانيا والظاهر انتفاءه لأنه لم يعهد ذلك عن الأئمة عليهم السلام ولاعن السلف ولو كان (على) ذلك معتبر الجاء يه اثر النية مع أن الملاحظة المفصلة لا يبقى عند الفراغ من التعدد أو الشروع في النية المذكورة فإن كان الغرض التفصيل فقد فات وإن كان الغرض الملاحظة الاجمالية فهى غير متوقفة على التعدد المذكور ومع أن جميع ما عدده انما يفيد التصور الاجمالي وان قصد اعتبار ملاحظة جميع الواجبات جزاء كان أو تركا فهو مفض إلى عسر بالغ وامر النية أسهل خطبا من ذلك وبالجملة الظاهر فساد هذا القول ولا يعتبر في النية التلفظ بل الاعتبار بالعقد القلبي وكثير من العامة استحبوا التلفظ منهم من أوجبه وهو فاسد وهل يجزيه ان ينوي فريضة الوقت من غير تعرض للظهر مثلا
(٢٦٤)