القدر المعلوم اشتهار هذا الشئ بهذا الاسم في بلاد العجم وغير خاف ان هذا الاشتهار بمعزل عن السببية للحكم المذكور مع أنه على تقدير تسليم اشتراط هذا الاطلاق عند العرب في هذا الزمان لنا ان نقول عدم انضباط ذلك في القرون السالفة على قرننا هذا كما شهد به اختلاف الفقهاء في تفسيره مما يشعر (يسقط) التعلق به فان قلت على ما ذكرت كما أنه لم يثبت كونه خزا بالمعنى (الجايز لم يثبت عدم كونه خزا بالمعنى) المذكور إذ ليس هيهنا ما يوجب توهم ذلك الا القاعدة المشهورة بين جماعة منهم من أنه إذا اشتبه الشئ المحصور بغير المحصور كان له حكم غير المحصور الحاقا للشئ بالأعم الأغلب لكن تلك القاعدة لم يثبت على وجه تكون حجة شرعية مع أنه مقررة في اشتباه الشئ بالشئ بعد ثبوت الحكم وهيهنا الاشتباه في مدلول الحكم على أنه لو أفادت رعاية تلك القاعدة الظن كانت إفادته مقصورة على صورة لم يحصل أمرا موجبا للتشكيك ولا خفاء في أن الاطلاق الشايع في هذا الزمان موجب للتشكيك وإذا سقط التعلق بهذه القاعدة يبقى أصل الجواز بحاله ويؤيده صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه قلت صحيح انه لم يثبت عدم كونه خزا لكن ثبت اشتراط الصلاة بلباس لم يكن من الأشياء المنهية عند الشارع بمقتضى النصوص الدالة عليه واليقين بالبرائة يقتضي الاجتناب عن الشئ المذكور لأن الشك في حصول الشرط مستلزم للشك في حصول المشروط واما الخبر فغير شامل للاشتباه في مدلول الحكم الشرعي على ما بيناه في كتاب الطهارة ولقائل ان يعترض هيهنا بما أشرنا إليه عن قريب في تحقيق جلد الخز واعلم أن ما ذكرنا من الاتفاق على (الجواز انما هو في الخز الخالص راجع بوبر الأرانب والثعالب إما الممتزج بشئ منها فالمشهور بين الأصحاب عدم جواز الصلاة فيه قال) (في) المنتهى وعليه فتوى علمائنا وقال فيه أيضا كثير من الأصحاب ادعوا الاجماع هيهنا ويدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح عن أحمد بن محمد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام في الخز الخالص أنه قال لا باس به فاما الذي يخلط فيه وبر الأرانب وغير ذلك مما لا يشبه هذا فلا تصل فيه (وما رويه الشيخ عن أيوب بن نوح رفعه قال قال أبو عبد الله عليه السلام الصلاة في الخز الخالص لا باس به واما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه) وروى داود الصرمي قال سألته عن الصلاة في الخز يفش بوبر الأرانب فكتب يجوز ذلك قال الشيخ فهذا حديث شاذ ما رواه الا داود الصرمي وذكر ان فيها اضطرابا لان في هذه الرواية أضاف السؤال إلى نفسه ولم يبين المسؤول وفي رواية أخرى أضاف السؤال إلى رجل وبين ان المسؤول أبو الحسن الثالث وقال المحقق بعد نقل الروايات الثلاثة والوجه ترجيح الروايتين الأوليين وان كانتا مقطوعتين لاشتهار العمل بهما بين الأصحاب ودعوى أكثرهم الاجماع على مضمونها وهو حسن فان الكل مشترك في ضعف الاسناد ويرجح الأوليين الشهرة ويؤيدهما ما دل على عدم جواز الصلاة في وبر ما لا يؤكل لحمه وتوقف اليقين بالبرائة من التكليف الثابت وقال ابن بابويه بعد نقل رواية داود وهذا رخصة الاخذ بها مأجور وزادها مأثوم والأصل ما ذكره أبي رحمه الله في رسالته إلى فصل في الخز ما لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب والأقرب ما رجحناه والسنجاب هذا هو المشهور بين المتأخرين واليه ذهب الفاضلان والشهيد وهو أحد قولي الشيخ قاله في المبسوط وموضع من النهاية حتى قال في المبسوط واما السنجاب والحواصل فلا خلاف في أنه يجوز الصلاة فيها ونسبه في المنتهى إلى أكثر الأصحاب وذهب الشيخ في الخلاف وموضع من النهاية إلى المنع واختاره ابن البراج وابن إدريس وهو ظاهر ابن الجنيد والمرتضى وأبو الصلاح وظاهر ابن زهرة نقل الاجماع عليه واختاره المصنف في المختصر ونسبه الشهيد الثاني إلى الأكثر وذهب ابن حمزة إلى الكراهة قال الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه وقال أبي في رسالته إلى لا باس في شعر ووبر كل ما اكلت لحمه وإن كان عليك غيره من غير سنجاب أو سمور أو فنك أردت الصلاة فانزعه وقد روى فيه رخص احتج القائلون بالجواز بروايات منها ما رواه الشيخ في الصحيح على الظاهر عن أبي علي بن راشد قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما تقول في الفراء اي شئ يصلى فيه قال اي الفراء قلت الفنك والسنجاب والسمور قال فصل في الفنك والسنجاب فاما السمور فلا تصل فيه قلت فالثعالب يصلي فيها قال لا ولكن تلبس بعد الصلاة قلت أصلي في الثوب الذي يليه قال وزعم الشهيد الثاني انه ليس من الجانبين حديث صحيح سوى هذه وفيه ما فيه ورواه الكليني باسناد ضعيف عن أبي على ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وأشباهه قال لا باس بالصلاة فيه ومنها ما رواه الشيخ في الضعيف لبشير وداود الصرمي عن بشير بن بشار قال سألته عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل الذي (التي) تصاد ببلاد الترك أو بلاد الاسلام إذا صلى فيه لغير تقية قال صل في السنجاب والحواصل الخواز رمية ولاتصل في الثعالب ولا السمور ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد عن الوليد بن ابان للمجهول قال قلت للرضا أصلي في الفنك والسنجاب قال نعم قلت يصلي في الثعالب إذا كانت ذكية قال لا تصل فيها ومنها ما رواه الشيخ باسناد ضعيف لاشتماله على عدة من المجاهيل عن مقاتل بن مقاتل قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعالب فقال (لي) لا خير في ذا كله ما خلا السنجاب فإنه دابة لا تأكل اللحم ومنها ما رواه الكليني باسناد ضعيف جدا عن علي بن أبي حمزة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام وأبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء والصلاة فيها فقال لا تصل فيها الا فيما كان منه ذكيا إلى أن قال لا باس بالسنجاب فإنه دابة لا تأكل اللحم وليس هو مما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله إذ نهى عن كل ذي ناب ومخلب ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء السمور والفنك والثعالب وجميع الجلود قال لا باس بذلك وما رواه الشيخ باسناد فيه محمد بن زياد المشترك عن الريان بن الصلت قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن لبس فرو السمور والسنجاب والحواصل وما أشبهها والمناطق والكيمخت والمحشو بالقن والخفاف من أصناف الجلود فقال لا باس بهذا كله الا الثعالب وعد الشيخ هذه الرواية من الصحاح وكانه يظن أن محمد بن زياد الذي في الطريق هو ابن أبي عمير وليس بذلك البعيد على ما أشرنا إليه في بعض المباحث السابقة ومنها رواية يحيى بن عمران السالفة في المسألة السابقة المنقولة عن الفقيه وفي التمسك بهذه الروايات اشكال إما الضعاف (الضعيف) منها فللضعف (فللضعيف) واما صحيحة أبي علي بن راشد فلاشتمالها على الفنك وجواز الصلاة فيه غير معمول بين الأصحاب واما صحيحة الحلبي فكذلك أيضا مشتملة على ما لا يعمل به الأصحاب مع قبولها للحمل على التقية ووجود المعارض كما سيأتي واما صحيحة علي بن يقطين ورواية ابان (زيان) فلعدم صراحتهما في جواز الصلاة واما حجة القائلين بالمنع فما رواه الكليني والشيخ عنه في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن ابن بكير قال سال زرارة أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر فاخرج كتابا زعم أنه املاء رسول الله صلى الله عليه وآله ان الصلاة في وبر كل شئ حرام اكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شئ منه فاسد لا يقبل منه (تلك) الصلاة حتى يصلى في غيره مما أحل الله اكله ثم قال يا زرارة هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله فاحفظ (ذلك) يا زرارة فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكا قد ذكاه الذبح وإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن اكله أو حرم عليك اكله فالصلاة في كل شئ منه فاسد ذكاه الذبح أو لم يذكه ويؤيده ما دل على المنع مما لا يؤكل لحمه مطلقا وفي الاستناد إلى هذه الحجة أيضا اشكال لمعارضتها للاخبار السابقة وأجاب المحقق في المعتبر (عن رواية ابن) أبي بكير المذكورة بان خبرنا خاص والخاص مقدم على العام وبان ما ذكره من الخبر مروى عن ابن بكير وفيه طعن وليس كذلك علي بن راشد ولأنه مطابق لما دل عليه اطلاق الامر بالصلاة وفيه نظر لان الرواية وإن كانت عامة الا ابتنائها (انشائها) على السبب الخاص وهو السنجاب يجعلها كالنص في المسؤول عنه وفي ترجيح خبر أبي علي بن راشد على خبر ابن بكير أيضا تأمل لان ابن بكير وإن كان فطحيا لكنه من الشهرة والجلالة بمكان حتى قال الكشي انه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وأقروا لهم بالفقه واما أبو علي بن راشد فلم يذكره النجاشي ولا الشيخ في الفهرست نعم ذكره الشيخ في كتاب الرجال ووثقه فترجيح روايته لا يخلو عن اشكال وتحقيق المسألة انه يمكن الجمع
(٢٢٦)