يا رسول الله صلى الله عليه وآله زدت الأول والثاني في التحية ولم تزد الثالث فقال إنه لم يبق لي من التحية شيئا فرددت عليه مثله انتهى كلامه (ره) وقال البيضاوي والجمهور على أنه في السلام قال التحية في الأصل مصدر حياك الله على الاخبار من الحياة ثم استعمل للحكم والدعاء بذلك ثم قيل لكل دعاء فغلب في السلام وفي الكشاف بنى على السلام وجرى عليه وفي المعالم التحية دعاء الحياة والمراد بها ههنا السلام عليكم وفي المغرب حياه بمعنى أحياه (تحية) كبقاه بمعنى أبقاه تبقيته هذا أصلها ثم سمى ما يحيى به من سلام ونحوه تحية قال الله تعالى تحيتهم يوم يلقونه سلام ولذا جمعت فقيل تحيات وتحايا وحقيقة حييت فلانا قلت له حياك الله اي عمرك الله وفي الآية احتمالات أخر منها ما قيل إن المراد بالتحية العطية وأوجب الثواب أو الرد نقل البيضاوي قال وهو قول قديم للشافعي وهو خلاف الظاهر من التحية والظاهر عدم وجوب تعويض العطية اوردها بل قد يكون ردها مذموما عقلا وشرعا فلا يصح الاستناد إلى الوجوب بمجرد هذا الاحتمال ومنها ما نقل من تفسير علي بن إبراهيم من أن المراد من الآية السلام وكل بر واحسان وهو أيضا خلاف الظاهر من الآية قال بعض الأصحاب لو ثبت صحه الرواية المنقولة في تفسيره يمكن حملها على الرجحان المطلق لا الوجوب إذ الظاهر عدم القائل بوجوب تعويض كل بر واحسان وهو معلوم من الروايات أيضا وقال بعضهم الذي افهم مما وصل إلى من كلامه يعني علي بن إبراهيم انه يريد تفسير أحسن منها بالزيادة في البر والاحسان ولهذا قال أوردوها يعني بمثلها من السلام فلا نزاع حينئذ ومنها ان المراد كل بر مما يسمى تحية على ما نقل من القول بوجوب الرد في غير السلام كأنعم صباحا استنادا إلى عموم الآية في كل ما تسمى تحية ولا يخفى ان إرادة العموم من الآية غير ظاهرة مع ما مر من كلام أهل اللغة والتفسير لكن يناسبه ما مر من كلام صاحب المغرب وبالجملة القدر المعلوم من الآية السلام المتعارف بين المسلمين وادخال غيره فيها يحتاج إلى دليل واضح والأصل ينفيه والاحتياط واضح الثانية نقل بعض المتأخرين عن ظاهر الأصحاب ان عليك السلام بتقديم عليك أو عليكم تسليم صحيح يوجب الرد ولم اطلع على ما نقله من ظاهر الأصحاب الا في كلام ابن إدريس وقد صرح المصنف في التذكرة بخلافه فقال ولو قال عليكم السلام لم يكن مسلما انما هي صيغة جواب ويناسبه ما روى العامة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لمن قال عليك السلام يا رسول الله صلى الله عليه وآله لا تقل عليك السلام فان عليك السلام تحية الموتى إذا سلمت فقل سلام عليك فيقول الراد عليك السلام وهذه الرواية لم يثبت عندنا قيل ولو صحت لم يلزم عدم وجوب الرد كما في رواية أخرى لهم ان النبي صلى الله عليه وآله رد عليه بعد نحو هذا الكلام وعندي في المسألة تردد للشك في دخوله تحت الآية والاخبار وكذا لو قيل سلام وسلاما والسلام ففي وجوب الرد تردد ينشأ من (صدق) التحية عرفا وعدم ثبوت عموم الآية وكذا سلامي وسلام الله عليك وأمثالها وظاهر كلام ابن إدريس عدم وجوب الجواب في أمثالها الثالثة هل يتعين في الجواب في غير الصلاة عليكم السلام بتقديم عليكم ظاهر المصنف في التذكرة ذلك حيث قال وصيغة الجواب وعليكم السلام ولو قال وعليك السلام للواحد جاز ولو ترك حرف العطف وقال عليكم السلام فهو جواب خلافا لبعض الشافعية فلو تلاقى اثنان فسلم كل واحد منهما على الأخر وجب على كل واحد منهما جواب الأخر ولا يحصل الجواب بالسلام وان ترتب السلامان انتهى ويوافقه الرواية السابقة المنقولة من طريق العامة والمستفاد من كلام ابن إدريس خلافه وهو أقرب لقول رسول الله صلى الله عليه وآله فيما رواه عن زرارة عن أبي جعفر (ع) في الحسن بإبراهيم بن هاشم فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا سلام عليكم فإذا سلم عليكم كافر قولوا عليك الرابعة الظاهر عدم وجوب رد السلام بالأحسن ولا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب نعم يخالفه التفسير المنقول في مجمع البيان عن ابن عباس كما مر ويدل على ما ذكرنا الآية فان الظاهر أن أو للتخيير ويدل عليه أيضا الرواية السابقة المنقولة من طريق العامة والرواية المنقولة في مجمع البيان من طريقهم وحسنة زرارة السابقة وغيرها الخامسة الرد واجب كفاية لا عينا وحكى الاجماع عليه المصنف في التذكرة ويدل عليه ما رواه الكليني في كتاب العشرة عن غياث بن إبراهيم في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم وإذا رد واحد أجزأ عنهم وعن ابن بكير باسناد فيه ضعف عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال إذا مرت الجماعة بقوم أجزأهم ان يسلم واحد منهم وإذا سلم على القوم وهم جماعة أجزأهم ان يرد واحد منهم ولعل هذين الخبرين بمعونة الاجماع المنقول كاف في الحكم المذكور وإن كان ظاهر الآية مخالف ثم الظاهر أنه انما يسقط بفعل من كان داخلا في المسلم عليهم فلا يسقط برد من لم يكن داخلا فيهم ولا يجب الرد عليه وهل يسقط برد الصبي المميز الداخل فيهم قال في الذكرى فيه وجهان مبنيان على صحة قيامه بفرض الكفاية وهو مبني على أن أفعاله شرعية أم لا ولا يخفى ان مقتضى الخبرين السابقين حصول الأجزاء به الا ان ظاهر الآية خلافه لتوجه الخطاب إلى المكلفين منهم ولعل الترجيح في الوقوف على ظاهر الآية وهو أحوط ولو كان المسلم صبيا مميزا ففي وجوب الرد عليه وجهان أظهرهما ذلك عملا بعموم الآية الظاهر أن وجوب الرد فوري لأنه المتبادر من الرد في مثل هذا المقام ولمكان الفاء الدالة على التعقيب بلا مهملة في الآية وربما يمنع ذلك في الجزائية والتارك له فورا يأثم قيل ويبقى في ذمته مثل سائر الحقوق وفيه تأمل الا ان يكون اجماعيا السادسة صرح جماعة من الأصحاب بوجوب الاسماع تحقيقا أو تقديرا ولم أجد أحدا صرح بخلافه في غير حال الصلاة ويدل عليه مضافا إلى التبادر العرفي ما رواه الكليني باسناد فيه ضعف عن ابن أبي القداح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه لان لا يقول سلمت فلم يردوا علي ولعله يكون قد سلم ولم يسمعهم فإذا رد أحدكم فليجهر برده فلا يقول المسلم سلمت فلم يردوا علي ثم قال كان علي (ع) يقول (لا تغضبوا) ولا تغضبوا افشوا السلام وأطيبوا الكلام وصلوا بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ثم تلا عليهم قول الله عز وجل السلام المؤمن المهيمن السابعة منه قال المصنف في التذكرة ولو ناداه من وراء ستر أو حائط وقال السلام عليكم يا فلان أو كتب كتابا وسلم عليه فيه أو ارسل رسولا فقال سلام على فلان فيبلغه الكتاب والرسالة قال بعض الشافعية يجب عليه الجواب لان تحية الغائب انما يكون بالمناداة أو الكتاب أو الرسالة وقد قال تعالى وإذا حييتم بتحية الآية والوجه انه ان سمع النداء وجب الجواب والا فلا انتهى وهو متجه لعدم ثبوت شمول الآية للصور المذكورة عدا صورة المناداة مع سماع النداء وقال فيه أيضا وما يعتاده الناس من السلام عند القيام ومفارقة الجماعة دعاء لا تحية يستحب الجواب عنه ولا يجب التاسعة يكره ان يخص طائفة من الجمع بالسلام ويستحب ان يسلم الراكب على الماشي والقائم على الجالس والطائفة القليلة على الكثيرة للخبر وفي الخبر أيضا ان الصغير يسلم على الكبير وأصحاب البغال يبدون (أصحاب) الحمير وأصحاب الخيل يبدؤن أصحاب البغال العاشرة قيل يحرم سلام المرأة على الأجنبي لان اسماع صوتها حرام وان صوتها عورة وتوقف فيه بعض المتأخرين وهو في محله لعدم ثبوت دليل واضح عليه بل المفهوم من بعض الأخبار مثل تكلم فاطمة عليها السلام مع أصحابه مثل سلمان وغيره وادخال النبي صلى الله عليه وآله جابرا بيتها وتكلمها وعدم نهي النبي صلى الله عليه وآله التوجه إذا سمعها الرجل يدل على الجواز لكن المفهوم من كثير من عبارات الأصحاب التحريم قاله بعض الأصحاب وروى الكليني عن ربعي بن عبد الله في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسلم على النساء ويردون عليه وكان أمير المؤمنين (غ) يسلم على النساء وكان يكره ان يسلم على الشابة منهن أتخوف ان يعجبني صوتها فيدخل على أكثر مما طلبت (على) من الاجر ويستفاد من هذه الرواية كراهة السلام على الشابة من النساء وهل يجب على الأجنبي الرد عليها على القول بتحريم تسليمها يحتمل ذلك لعموم الأدلة ويحتمل لكون المتبادر من التحية في الآية (التحية) المشروعة وهو مختار المصنف في التذكرة حيث قال ولو سلم رجل على امرأة أو بالعكس فإن كان بينهما زوجته أو محرمية أو كانت عجوزا خارجا عن مظنة الفتنة ثبت استحقاق الجواب والا فلا وفي وجوب الرد عليها لو سلم عليها أجنبي وجهان فيحتمل الوجوب نظرا إلى عموم الآية فيجوز اختصاص تحريم الاسماع بغيره ويحتمل العدم كما هو مختار المصنف ويحتمل وجوب الرد خفيا الحادية عشر قال المصنف في التذكرة ولا يسلم على أهل الذمة ابتداء ولو سلم عليه ذمي أو من لم يعرفه فبان ذميا رد بغير السلام بان يقول هداك الله وانعم الله صباحك وأطال الله بقاءك ولو رد بالسلام لم يزد في الجواب على قوله وعليك انتهى ويدل على عدم التسليم عليهم ابتداء ما رواه الكليني عن غياث بن إبراهيم في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين لا تبدوا أهل الكتاب بالتسليم وإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم وهذه الرواية تدل على الاقتصار أيضا ويدل عليه أيضا حسنة زرارة السابقة وما رواه الكليني عن سماعه في الموثق قال
(٣٦٥)