متخذتين من جلد غير المأكول لتناول الأدلة لهما والشيخ في التهذيب حمل رواية جميل الدالة على جواز الصلاة في جلود الثعالب الذكية على القلنسوة والتكة وشبهها مما لا يتم به الصلاة والمستفاد من كلامه الجواز ويؤيده ما رواه الشيخ في (زيادات التهذيب) باسناد فيه علي بن السندي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألته عن الخفاف من الثعالب أو الجرز منه أيصلى فيها أم لا قال إذا كان ذكيا فلا باس قال الجوهري الجرز بالكسر لباس من لباس النساء من الوبر ويقال هو الفرو الغليظ والأشبه المنع الثاني: الأشهر عدم جواز الصلاة في القلنسوة والتكة المتخذة من وبر ما لا يؤكل لحمه استنادا إلى الروايات الدالة على المنع وللشبح في المسألة قولان أحدهما الجواز في المتخذ من وبر الأرانب واحتمله المحقق في المعتبر ويدل عليه ما رواه في الصحيح عن محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير أو تكة من وبر الأرانب فكتب لا تحل الصلاة في الحرير المحض وإن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه وأجاب عنه صاحب المعتبر وغيره بترجيح اخبار المنع لقوة المشافهة بالنسبة إلى المكاتبة وبان الرواية تضمنت قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه لا المتخذ منه وفيه نظر لأنا لا نسلم ضعف المكاتبة على أن ذلك انما يكون عند تكافؤ السند وهيهنا ليس كذلك لضعف اخبار المشافهة الدالة على المنع دون هذا الخبر والرواية مشتملة على التكة المعمولة من وبر الأرانب فلا يصح الجواب بان الرواية متضمنة للمتخذ من الوبر وكان المجيب غفل عن الاشتمال المذكور والتحقيق انه وقع التعارض بنى الاخبار ويمكن الجمع بوجهين أحدهما حمل خبر الجواز على التقية والثاني حمل اخبار المنع على الأفضلية والترجيح للأول لان حمل نفي الجواز على الأفضلية في اخبار المنع لا يخلو عن بعد من أن ابقاء أكثر المعتضد بالشهرة على ظاهره أولي وعلى كل تقدير فخبر الجواز مخصوص بالتكة المعمولة من وبر الأرانب وقلنسوة عليها وبر ما يؤكل لحمه فمن أراد اثبات العموم احتاج إلى دليل اخر الثالث: قال المصنف في التذكرة لو مزج صوف ما يؤكل لحمه من صوف ما لا يؤكل لحمه ونسج منها ثوب لم تصح الصلاة فيه تغليبا للحرمة على اشكال ينشأ من إباحة المنسوج من الكتان والحرير ومن كونه غير متخذ من مأكول اللحم وكذا لو اخذ قط وخيطت ولم يبلغ كل واحد منهما ما يستر العورة ووجه الاشكال الذي ذكره لا يخلو عن ضعف والأقرب المنع ووجهه يعلم مما ذكرنا سابقا الرابع كلام أكثر الأصحاب مطلق في المنع من الصوف والشعر وغيرهما من غير تخصيص الملابس قيل وربما ظهر من كلام بعض الأصحاب المنع من ذلك مطلقا وبعضهم خصه بالملابس فلو كانت غيره كالشعرات الملقاة عن الثوب لم يمنع الصلاة فيه وبه صرح الشارح الفاضل ونقل التصريح به عن الشيخ والشهيد في الذكرى وظاهر المعتبر ولم اطلع على التصريح الذي ذكره واستدل عليه صحيحة بعض المتأخرين بصحيحة محمد بن عبد الجبار المذكورة وما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن الريان قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام هل يجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الانسان واظفاره من قبل ان ينقضه ويلقيه عنه فوقع يجوز وفيه نظر لما عرفت من ترجيح حمل الخبر الأول على التقية فبقى الأخبار الدالة على المنع الشاملة بعمومها لمحل النزاع سالمة عن المعارض مع انتفاء العموم فيه الا ان يقال بعدم القائل بالفصل باثباته مشكل واما الرواية الثانية فمخصوصة بالانسان فلا تدل على العموم وكلام الشارح الفاضل يدل على وجود القول بالفرق بين الانسان وغيره وللتردد في المسألة طريق وإن كان للقول بالمنع رجحان ما الخامس: قال المصنف في المنتهى لو شك في كون الصوف أو الشعر أو الوبر عن مأكول اللحم لم يجز الصلاة لأنها مشروطة بستر العورة بما يؤكل لحمه والشك في الشرط يقتضي الشك في المشروط ولقائل أن يقول النصوص الدالة على المنع عن ملابسة ما لا يؤكل لحمه لا عموم لها عموما ظاهرا لغويا أو عرضيا بحيث تشتمل المعلوم والمشكوك بل إن عمومها مستفاد بقرائن الأحوال واطلاق السؤال وعدم الاستفصال وغير بعيد انصرافها إلى الافراد المعلوم كونها مما لا يؤكل لحمه وعمومها بالنسبة إليها لا أزيد من ذلك الا خبر ابن بكير وقد عرفت ان حملها على المنع التحريمي محل النظر وعلى هذا القدر المستفاد منها المنع في الافراد المعلومة فالافراد المشكوكة باقية على أصل الإباحة عملا باطلاق الامر بالصلاة ويؤيده صحيحة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله كل شئ يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام بعينه وفي معناه رواية سعد بن صدقه عن الصادق عليه السلام والأحوط التنزه والمنع من الأشياء المذكورة فيما عدا ما استثنى من الخز والسنجاب فائدة اختلف الروايات في جواز الصلاة في جلد الأرنب والثعلب فما يدل على المنع صحيحة علي بن مهزيار السابقة و (صحيحة أبي) علي بن راشد ورواية بشير بن بشار ورواية الوليد بن ابان ورواية مقاتل بن مقاتل ورواية الريان بن الصلت وقد تسبقت تلك الروايات الخمسة عند تحقيق السنجاب ورواية أحمد بن إسحاق الأبهري السابقة في المسألة المتقدمة وبعض الأخبار يدل على المنع منها بعمومه كرواية ابن بكير ورواية إبراهيم بن محمد الهمداني السابقة في المسألة المتقدمة ومما يدل على المنع أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن جعفر بن محمد بن أبي زيد المجهول قال سئل الرضا عن جلود الثعالب الذكية قال لا تصل فيها وفي الصحيح عن علي بن مهزيار عن رجل سال الماضي عليه السلام عن الصلاة في جلود الثعالب فنهى عن الصلاة فيها وفي الثوب الذي يليه فلم أدر اي الثوبين الذي يلصق بالوبر أو الذي يلصق بالجلد فوقع عليه السلام بخطه الذي يلصق الجلد وذكر أبو الحسن عليه السلام انه سأله عن هذه المسألة فقال لا تصل في الذي فوقه ولا في الذي تحته قال بعض الأفاضل النقاد هكذا اورد الحديث في الكتابين وسوقه يؤذن بسقوط شئ من الكلام السابق على حكاية صورة التوقيع وقد صار بهذا الاعتبار مظنة للارسال فان حكاية التوقيع محتملة لان يكون من كلام الرجل ومن كلام علي بن مهزيار ولكن الظاهر من قوله وذكر أبو الحسن عليه السلام انه من كلام محمد بن عبد الجبار وان المراد بابي الحسن علي بن مهزيار فإنه كنيته وبذلك يتحقق اتصال الحديث ويستغني عن حكاية التوقيع ثم إن الحديث مروى في الكافي عن أحمد بن إدريس عن محمد بن عبد الجبار بتغير الطريق في المتن مخالفة لفظية في عدة مواضع فإنه قال وفي الثوب الذي يلصق بالجلد وفي اخر الحديث لا تصل في الثوب الذي إلى اخره وزاد قبل قوله واذكر أبو الحسن كلمة قال وفي عدة نسخ من الكافي وذكر أبو الحسن عليه السلام والاعتبار يشهد بأنه من تصرف الناسخين وبتقدير صحته يكون من كلام علي بن مهزيار ويعود ضمير انه وسأله إلى الرجل الذي حكى عنه السؤال علي بن مهزيار فلا ينافي الاتصال انتهى كلامه وهو حسن ومرفوعة أحمد بن محمد ومرفوعة أيوب بن نوح السابقة عند تحقيق الخز ومما يدل على الجواز ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وأشباهه قال لا باس بالصلاة فيه وفي الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الفراء السمور والفنك والثعالب وجميع الجلود قال لا باس بذلك وفي الصحيح عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في جلود الثعالب فقال إذا كانت ذكية فلا باس وفي الصحيح عن جميل عن الحسين بن شهاب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جلود الثعالب إذا كانت ذكية أيصلي فيها قال نعم ذكرها الشيخ في الزيادات والراوي مجهول الا ان في صحتها إلى جميل قرينة الاعتماد ويؤيده رواية داود الصرمي السابقة عند تحقيق الخز قال المحقق في المعتبر واعلم أن المشهور في فتوى الأصحاب المنع مما عد السنجاب ووبر الخز والعمل به احتياط للدين ثم قال بعد أن اورد روايتي الحلبي وعلي بن يقطين وطريق هذين الخبرين أقوى من تلك الطرق ولو عمل بهما عامل جاز وعلى الأول عمل الظاهر بين من الأصحاب منضما إلى الاحتياط للعبادة وقال الشهيد في الذكرى هذان الخبران مصرحان بالتقية لقوله في الأول وأشباهه وفي الثاني وجميع الجلود وهذا العموم لا يقول به الأصحاب وهذه الأخبار لم يتضمن الأرنب لكن رواية الخز المغشوش دالة عليه وهو
(٢٣٤)