الاستدلال انه لو كان التسليم مستحبا لانقظت الصلاة باتمام التشهد فيكون الزيادة بعد اتمام الصلاة فلا يكون ضائرة والجواب عنه انه يجوز ان يكون وجوب الإعادة باعتبار انه قولي (تولي) المجموع فيكون اتيانا بالفعل على غير وجهه المشروع وبالجملة لا يتم كون العلة ما ذكره إذ لا نص عليها وقد يجاب بان فعل الركعتين بقصد الاتمام يقتضي الزيادة في الصلاة و البطلان لذلك وفيه ان الظاهر من مذهب القائل بالاستحباب ان التشهد اخر أفعال الصلاة فلا يضر فعل المنافي بعده كما صرح به الشيخ في الاستبصار وابن إدريس في مسألة من زاد في صلاته ركعة بعد التشهد حيث اعترفا بعدم بطلان الصلاة بذلك بناء على استحباب التسليم السابع تعلق الامر وما في معناه به في اخبار كثيرة والامر للوجوب فيكون التسليم واجبا فمن ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قرائة فتشهد فيهما تشهدا خفيفا وفي الصحيح عن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما حتى ركع فقال يتم صلاته ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة كصحيحة عبيد الله الحلبي وصحيحة عبد الحميد بن عواض ومرسلة ابن أبي عمير وحسنة زرارة الطويلة الواردة في حكم الفوائت وحسنة الحلبي الواردة في حكم صلاة الخوف وحسنة أخرى لزرارة وموثقة أبي بصير وموثقة عمار ورواية أبي بكر الخضرمي ورواية الحسين بن أبي العلا ورواية عبد الله ابن أبي يعفور وعبد الرحمن بن سبابة وغيرها من الاخبار التي لا مزيد فائدة في نقلها والجواب ان دلالة الأوامر في اخبارنا على الوجوب من غير قرينة تلتحق بها غير واضح وعلى كل تقدير فلا معدل عن حمل الأوامر في تلك الأخبار على الاستحباب جمعا بين الأدلة الثامن من قول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم الواردة في صلاة الخوف فصار للأولين التكبير وافتتاح الصلاة وللآخرين التسليم والجواب ان غاية ما يستفاد من ذلك تأكد الاستحباب حسب التاسع ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار بن موسى قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التسليم ما هو قال اذن فإنه يعطي بظاهره عدم جواز الخروج من الصلاة بدون الاذن والجواب ان ظاهره اثبات الاذن للتسليم لا حصر فيه على أنه يجوز ان يكون المراد من الاذن الاعلام وهل التسليم جزء من الصلاة أم خارج عنها قال المرتضى لم أجد لأصحابنا نصا فيه ويقوى عندي انها من الصلاة والثاني وقد تقدمت في هذا البحث روايات كثيرة دالة عليه ويزيد بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اله (ع) عن رجل نسى ان يجلس في الركعتين الأوليين فقال إن ذكر قبل ان يركع فليجلس وان لم يركع حتى يركع فليتم الصلاة حتى إذا فرغ فليسلم وليسجد سجدتي السهو وعن الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى الركعتين من المكتوبة فلا يجلس بينهما حتى يركع في الثالثة قال فليتم صلاته ثم ليسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم ويدل على كونه جزء من الصلاة رواية أبي بصير المتقدمة ويؤيده تأييدا ضعيفا صحيحة الفضلاء الواردة في صلاة الخوف ولا معدل عن ارتكاب التأويل فيما دل على الجزئية لعدم انتهاضه بمقاومة الأخبار الدالة على خروجه عن الصلاة وصورته اي صورة التسليم على القول باستحبابه وندبه السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اختلف الأصحاب فيما يجب من صيغة التسليم فذهب الأكثر إلى أنه السلام عليكم قال في الدروس وعليه الموجبون وذكر في البيان ان السلام علينا لم يوجبه أحد من القدماء وان القائل بوجوب التسليم يجعلها مستحبة كالتسليم على الأنبياء والملائكة غير مخرجه من الصلاة والقائل بندب التسليم يجعلها مخرجة وذهب المحقق إلى التخيير بين الصيغتين وان الواجب ما تقدم منها وتبعه المصنف وانكره الشهيد في الذكرى انه قول محدث في زمان المحقق أو قبله بزمان يسير ونقل الايماء إلى ذلك من شرح رسالة سلار وقال في موضع اخر انه قوي متين الا انه لا قائل به من القدماء وكيف يخفى عليهم مثله لو كان حقا مع أنه قد قال بذلك في الرسالة الألفية واللمعة الدمشقية وهي اخر ما صنفه وذهب الفاضل يحيى بن سعيد في الجامع إلى وجوب السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وتعينها للخروج من الصلاة وانكره في الذكرى فقال إنه خروج من الاجماع من حيث لا يشعر به قائله ونسبه المحقق في المعتبر هذا القول إلى الشيخ وخطاه الشهيد في هذه النسبة وذهب صاحب الفاخر إلى وجوب التسليم على النبي صلى الله عليه وآله وجعل ذلك من جملة أقل المجزي في الصلاة والاجماع منقول على خلافه ولعل الرجحان للقول ان قلنا بوجوب التسليم ان ثبت الاجماع الذي نقله جماعة من الأصحاب منهم المصنف والمحقق على جواز الاكتفاء بالسلام عليكم لحصول البراءة اليقينية عند الاتيان به دون غيره وربما يحتج له بان المستفاد من أدلتهم ان تم ووجوب التسليم بالمعنى المتبادر منه والمعروف منه عند الخاصة والعامة السلام عليكم كما يستفاد من عباراتهم ويعلم ذلك بتتبع الأحاديث والاخبار حيث يذكر فيها ألفاظ السلام المستحبة والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم يقال ويسلم ولهذا الكلام وجه وان أمكن المناقشة فيه احتج المحقق على وجوب إحدى الصيغتين تخييرا بصدق التسليم عليهما فيتناولهما عموم قوله (ع) وتحليلها التسليم ويرد عليه انه يجوز أن تكون اللام للعهد إشارة إلى التسليم المعهود بين العامة والخاصة على أنه يجوز ان يكون التسليم حقيقة شرعية في ذلك واثبات نفيه لا يخلو عن اشكال ويمكن الاستناد في رفع الأخير إلى أنه لم يثبت حقيقة شرعية في ذلك والأصل عدمه لكن في اتمام هذا الأصل تأمل ليس هذا موضع ذكره ثم الظاهر أن الواجب على القول بوجوب التسليم السلام عليكم خاصة وبه قال ابن بابويه وابن عقيل وابن الجنيد وقال أبو الصلاح يجب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولعل مستنده ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر قال رأيت اخوتي موسى (ع) واسحق ومحمد ابني جعفر يسلمون في الصلاة على اليمين والشمال السلام عليكم ورحمة الله وهو غير دال على الوجوب وذهب ابن زهرة إلى وجوب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وقال المصنف في المنتهى ولو قال السلام عليكم ورحمة الله جاز وان لم يقل وبركاته بلا خلاف ويخرج به من الصلاة اختلف الأصحاب فيما به يخرج المكلف من الصلاة فقيل يتعين للخروج السلام عليكم وهو قول أكثر القائلين بوجوب التسليم ومنهم من قال إنه يخرج من الصلاة بقوله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وان وجب الاتيان السلام عليكم بعد ذلك وهو صاحب البشرى وذهب المحقق والمصنف في المنتهي والشهيد في اللمعة والرسالة إلى التخيير بينهما وانه يخرج من الصلاة بكل منهما ولو جمع بينهما بحصل الخروج بالمتقدم منهما وقد سمعت انكار الشهيد لذلك في الذكرى وقال في البيان بعد البحث عن الصيغة الأولى وأوجبها بعض المتأخرين وخير بينها وبين السلام عليكم وجعل الثانية منهما مستحبة وارتكب جواز السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم ولم يذكر ذلك في خبر ولا مصنف بل القائلون بوجوب التسليم واستحبابها يجعلونها مقدمة وذهب يحيى بن سعيد إلى تعين الخروج بالصيغة الأولى واما القائلون باستحباب التسليم فمنهم من قال إنه يخرج من الصلاة (بالفراغ من الصلاة على النبي وآله ومنهم من فان يخرج من الصلاة) بالتسليم وهو ظاهر الشيخين والأقرب انه يخرج من الصلاة بكل واحدة من العبارتين إما العبارة الثانية فقد نقل اتفاق علماء الاسلام عليه المحقق في المعتبر والمصنف في التذكرة ووافقهم في دعوى الاتفاق عليه الشهيد في الذكرى ويدل عليه ما نقل الفضلاء الثلاثة عن جامع البزنطي عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن تسليم الامام وهو مستقبل القبلة ثم قال يقول السلام عليكم ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله وتحليلها التسليم والأخبار الواردة في الامر بالتسليم بناء على أن المتبادر منها العبارة المذكورة كما مر ذكره ويؤيده أيضا ما نقل العامة من فعل النبي صلى الله عليه وآله والصحابة والتابعين واما العبارة الأولى فللاخبار الكثيرة منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال قال أبو عبد الله (ع) كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة فان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت إماما فإنما التسليم ان تسلم على النبي صلى الله عليه وآله ويقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة ثم تؤذن القوم فنقول وأنت مستقبل القلبة السلام عليكم وكذلك إذا كنت وحدك تقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين مثل ما سلمت وأنت امام فإذا كنت في جماعة نقل مثل ما قلت وسلم على من يمينك وشمالك فإن لم يكن على شمالك أحد فسلم على من عن يمينك ولا تدع التسليم على يمينك وان لم يكن على شمالك أحد وعن أبي كهمش عن الصادق (ع) انه سأله عن السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف قال لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو انصراف وقد يستدل عليه أيضا بما رواه الشيخ في الحسن
(٢٩١)