يبطل الصلاة بذلك ويجب استقبال القبلة بلا خلاف بين الأصحاب لكون المنقول من النبي والأئمة عليهم السلام اقامتها كذلك فيجب تحصيلا للبرائة اليقينية لعدم ثبوت شرعيتها على وجه اخر وانما يجب مع الامكان فليسقط لو تعذر من المصلي أو الجنازة كالمصلوب الذي يتعذر انزاله وروى الكليني في الصحيح إلى أبي الهاشم الجعفري قال سألت الرضا (ع) عن المصلوب فقال إما علمت أن جدي (ع) صلى عمه قلت اعلم ذلك ولكن لا افهمه مبينا قال أبينه لك إن كان وجه المصلوب إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن فإن كان قفاه إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر فان بين المشرق والمغرب قبله وإن كان منكبه الأيسر إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن وإن كان منكبه الأيمن إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر وكيف كان منحرفا فلا تزال مناكبه وليكن وجهك إلى ما بين المشرق والمغرب لا تستقبله ولا تستدبره البتة قال أبو هاشم وقد فهمت انشاء الله فهمته والله قال في الذكرى وهذه الرواية وإن كانت غريبة نادرة كما قاله الصدوق وأكثر الأصحاب لم يذكروا مضمونها في كتبهم الا انه ليس لها معارض ولا راد وقد قال أبو الصلاح وابن زهرة يصلي على المصلوب ولا يستقبل وجهه الامام في التوجه فكأنهما عاملان بها وكذا صاحب الجامع والفاضل في (لف) قال إن عمل بها فلا بأس وابن إدريس نقل عن بعض الأصحاب ان صلى عليه وهو على خشبة استقبل وجهه وجه المصلي ويكون هو مستدبر القبلة ثم حكى بان الاظهر انزاله بعد الثلاثة والصلاة عليه قلت هذا النقل لم أظفر به وانزاله قد يتعذر كما في قضية زيد انتهى ومن الواجبات أيضا القيام مع القدرة اجماعا ومع العجز يصلي بحسب الامكان ولو وجد من يمكنه القيام فهل يسقط الصلاة عنه بصلاة العاجز فيه وجهان وفي وجوب الستر مع الامكان قولان وجزم المصنف بعدم اعتبار لأنها دعاء وأجاب عنه في الذكرى بأنها تسمى صلاة وان اشتملت على الدعاء فيدخل تحت عموم الصلاة واعترض عليه بان الاطلاق أعم من الحقيقة والمسألة محل تردد فيمكن ترجيح الوجوب لتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه فان قلت اطلاق الأدلة يقتضي حصول البراءة بدون الستر لان التكليف متعلق بالصلاة والستر خارج من حقيقتها فمن أراد اثبات اشتراطها به احتاج إلى دليل وليس ههنا ما يصلح لذلك فالأصل وهو ابقاء الاطلاق بحاله لا صارف عنه (له خ ل) قلت هذا الكلام انما يستقيم إذا كان مستند الحكم بوجوب الصلاة على الميت هو مجرد النصوص وليس الامر كذلك بل الاجماع يقتضي وجوب الامر المجمل الذي لا يحصل العلم بامتثاله الا بالستر فان قلت اطلاق النصوص الاخبارية من غير دليل على التقييد يرجح القول بعدم الوجوب قلت هذا انما يستقيم إذا كان النص المطلق الوارد من جهة الأئمة (ع) في مقام البيان لحقيقة المكلف به وبدون ذلك لا يستقيم الا إذا حصل الظن بأنه لو كان الواجب الامر المقيد المشروط لوصل إلينا بيان من جهة النصوص الواردة عنهم (ع) وهذا الامر يختلف باختلاف الاحكام واثباته في كثير من المواضع لا يخلو عن كدر الاشكال وفي هذا المقام دقائق وتفصيلات يطول الكلام باستقصائها ويمكن ترجيح عدم الوجوب استنادا إلى ما رواه الشيخ عن عبيد الله الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بالصلاة على الجنائز حين تغيب الشمس وحين تطلع انما هو استغفار وفي موثقة يونس بن يعقوب الآتية عند شرح قول المصنف ويستحب فيه الطهارة انما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل ويؤيده مرسلة حريز المذكورة في الموضع المذكور ولعل الرجحان للأخير والأحوط الأول والأحوط ترك ما ترك في ذات الركوع والابطال بما يبطل به وإن كان اثباته لا يخلو عن اشكال فتدبر ويجب تقارب المصلي من الجنازة فلا يجوز التباعد الفاحش بحيث لا يصدق الصلاة عليه عرفا وفي الذكرى لا يجوز التباعد بمائتي ذراع ومستنده غير واضح والكلام في الارتفاع والانخفاض كما في التباعد ويجب أيضا جعل رأس الجنازة إلى يمين المصلي والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب وهذا انما يعتبر بالنسبة إلى غير المأموم ولا بد مع ذلك من كون الميت مستلقيا بحيث لو اضطجع على يمينه كان مستقبلا للقبلة والوجه فيه كون ذلك هو المنقول عن أصحاب العصمة (ع) مع عدم ثبوت شرعية غيره فيتوقف البراءة اليقينية من التكليف اليقيني عليه وما رواه الشيخ عن عمار في الموثق عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن ميت صلى عليه فلما سلم الامام فإذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه قال يسوى ويعاد الصلاة عليه وإن كان قد حمل ما لم يدفن فإذا دفن فقد مضت الصلاة ولا يصلى عليه وهو مدفون ولو تعذر ذلك كما في المصلوب الذي يتعذر انزاله سقط وقد روى أن الصادق (ع) صلى على عمه زيد مصلوبا ولا قراءة فيها أي في الصلاة على الميت على سبيل الوجوب باتفاق الأصحاب وقد مر ما يدل عليه وقد وردت القراءة في رواية علي بن سويد عن الرضا (ع) وقد عملها الشيخ على وهم الراوي أو التقية وفي رواية عبد الله بن ميمون القداح عن الصادق (ع) عن أبيه ان عليا (ع) كان إذا صلى على ميت يقرأ فاتحة الكتاب وحملها الشيخ على التقية أيضا قال الشيخ في الخلاف ويكره القراءة قال في الذكرى بعد نقل ذلك عنه ويمكن ان يقال بعدم الكراهة لان القران في نفسه حسن ما لم يثبت النهى عنه والاخبار خالية عن النهى وغايتها النفي وكذا كلام الأصحاب لكن الشيخ نقل الاجماع بعد ذلك وقد يفهم منه الاجماع على الكراهية ونحن فلم نر أحدا ذكر الكراهية فضلا عن الاجماع عليها انتهى كلامه ولا تسليم في صلاة الميت على سبيل الوجوب باتفاق الأصحاب والأخبار الدالة على ذلك مستفيضة من طرق الأصحاب وقد مر شئ منها سابقا ويؤكده ما رواه الكليني عن الحلبي وزرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) قال أليس في الصلاة على الميت تسليم وقد ورد التسليم في أربعة اخبار والكل مشترك في عدم صحة السند ومعارضة الصحيح المشهور فتعين حملها على التقية قال في الذكرى واما شرعية التسليم استحبابا أو جوازا فالكلام فيه كالقراءة إذا لاجماع المعلوم انما هو على عدم وجوبه ومع التقية لا ريب فيه ويستحب الطهارة فيه حكمان أحدهما عدم اشتراط الطهارة من الحدث في صلاة الميت والظاهر أنه اتفاقي بين الأصحاب نقل اتفاقهم عليه المصنف في التذكرة والأخبار الدالة عليه مستفيضة فروى الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن الرجل تفجأه الجنازة وهو على غير طهر قال فليكبر معهم وروى الكليني والشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثق وابن بابويه عنه باسناد فيه جهالة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الجنازة أصلي عليها على غير وضوء فقال نعم انما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء وروى الكليني والشيخ عنه عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الحائض تصلي على الجنازة قال نعم ولا تقف معهم تقف مفردة هذا لفظ التهذيب وفي الكافي قال نعم ولا تصف معهم وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال قلت تصلي الحائض على الجنازة قال نعم ولا تقف معهم تقوم مفردة وروى الشيخ عن سماعة في الموثق عن أبي عبد الله (ع) عن المرأة الطامث إذا حضرت الجنازة فقال تيمم وتصلي عليها وتقوم وحدها بارزة عن الصف وعن عبد الله بن المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الحائض تصلي على الجنازة فقال نعم ولا تقف معهم والجنب يصلي على الجنازة إلى غير ذلك (من الاخبار) وثانيهما استحباب الطهارة ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عنه عن صفوان بن يحيى باسنادين أحدهما من الصحاح عن عبد الحميد بن سعيد (سعد) قال قلت لأبي الحسن (ع) الجنازة يخرج بها ولست على وضوء فان ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة أيجزيني ان أصلي عليها وانا على غير وضوء قال تكون على طهر أحب إلي ويجوز التيمم مع وجود الماء وقد مر تحقيقه في كتاب الطهارة وهل يشترط الطهارة من الخبث فيه نظر ويرجح عدم الاشتراط جواز الصلاة على الميت للحائض مع عدم انفكاكها من النجاسة غالبا مضافا إلى ما مر سابقا والأحوط الاشتراط قال في الذكرى ولم اقف في هذا على نص ولا فتوى ويستحب الوقوف حتى ترفع الجنازة سواء كان إماما أو مأموما كما صرح به جماعة من الأصحاب وخصه الشهيد بالامام تبعا لابن الجنيد والأول أقرب عملا باطلاق النص والمستند في هذا الحكم ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه (ع) ان عليا (ع) كان إذا صلى على جنازة لم يبرح من مصلاه حتى يراها على أيدي الرجال وفي رواية يونس في كيفية هذه الصلاة ولا يبرح حتى (السالفة) يحمل السرير من بين يديه ولو اتفق صلاة جميع الحاضرين استثنى منهم أقل ما يمكن به رفع الجنازة والصلاة في المواضع المعتاد اي الصلاة على الجنايز ليكون ذلك طريقا إلى تكثير المصلين وهو أمر مطلوب رجاء لحصول الدعوة المجابة فيهم وقد روى الصدوق عن عمر بن يزيد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا مات الميت فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا انا لا نعلم منه الأخير أو أنت اعلم به منا قال الله تبارك وتعالى قد أجزت شهادتكم وغفرت له ما اعلم مما لا تعلمون والمائة أبلغ لبعض الروايات الواردة من طريق العامة وتجوز في المساجد
(٣٣١)