واللواط وشهادة الزور والياس من روح الله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله ومعونة الظالمين والركون إليهم واليمين الغموس وحبس الحقوق من غير عسر والكذب والكبر والاسراف والتبذير والخيانة والاستخفاف بالحج والمحاربة لأولياء الله والاشتغال بالملاهي والإصرار على الذنوب وقد وقع في الاخبار في خصوص بعض الذنوب انها كبائر كالغناء والخيف في الوصية والكذب على الله ورسوله والأئمة عليهم السلام وغيرها وسيجيئ لذلك زيادة تحقيق في كتاب الشهادات ثم اعلم أن المراد بالاصرار على الصغيرة الاكثار منها سواء كان من نوع واحد أو من أنواع مختلفة وقيل المراد به على نوع واحد منها وقيل يحصل بكل منهما ونقل بعضهم قولا بان المراد به عدم التوبة وهو ضعيف وقسم بعض علمائنا الاعلام والإصرار إلى فعلى وحكى فالفعلي هو الدوام على نوع واحد من الصغاير بلا توبة أو الاكثار من جنس الصغاير بلا توبة والحكمي هو العزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها وهذا مما ارتضاه جماعة من المتأخرين والنص حال عن بيان ذلك لكن المداومة على نوع واحد من الصغاير والعزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها يناسب معنى اللغوي المفهوم من الاصرار واما الاكثار من الذنوب وان لم يكن من نوع واحد بحيث يكون ارتكابه للذنب أغلب من اجتنابه عنه إذا عن له من غير توبة فالظاهر أنه قادح في العدالة بلا خلاف في ذلك بينهم نقل الاجماع عليه المصنف في التحرير فلا فائدة في تحقيق كونه داخلا في مفهوم الاصرار أم لا ويفهم من العبارة المنقولة سابقا عن المحقق انه غير داخل في معنى الاصرار وكذا من كلام المصنف حيث قال في باب الشهادات من هذا الكتاب وبالاصرار على الصغاير أو في الأغلب ونحوه قال في القواعد وقال في التحرير وعن الاصرار على الصغاير والاكثار منها ثم قال واما الصغاير فان داوم عليها أو وقعت منه في أكثر الأحوال ردت شهادته اجماعا وعلى كل تقدير فالمداومة والاكثار من الذنب والمعصية غير قادح في العدالة واما العزم عليها بعد الفراغ ففي كونه قادحا تأمل ان لم يكن ذلك اتفاقيا وفي صحيحة عمر بن يزيد السابقة اشعار ما بالعدم إذ الظاهر أن اسماع الكلام المغضب للأبوين معصية واعتبر المتأخرون في معنى العدالة الملكة التي تبعث على ملازمة التقوى والمروة والمراد بالملكة الهيئة النفسانية الراسخة ولم أجد ذلك في كلام من تقدم على المصنف وليس في الاخبار منه اثر ولا شاهد عليه فيما اعلم وكأنهم اقتفوا في ذلك اثر العامة حيث يعتبرون ذلك في مفهوم العدالة ويوردونه في كتبهم واعلم أن المحقق لم يذكر في معنى العدالة المروة وهو قول لبعض العلماء نظر إلى أن مخالفة المروة مخالفته للعبادة لا الشرع والمشهور اعتبارها في الإمامة والشهادة سواء جعلناها جزء مفهوم العدالة كما هو المشهور أم جعلناها صفة برأسها كما جرى عليه جماعة قال بعض الاعلام الوجه انه لا يقبل شهادة من لا مروة له لان طرح المروة إما ان يكون لخيل ونقصان أو قلة مبالات وحياء وعلى التقديرين يبطل الثقة والاعتماد على قوله إما المخيل فظاهر واما قليل الحياء فلان من لاحياء له يصنع ما شاء كما ورد في الخبر وما ذكره وإن كان وجها اعتباريا حسنا الا ان التعويل عليه مع فقد شاهد من جهة النصوص لا يخلو عن اشكال وفي ضبط المروة عبارات متقاربة منها ان صاحب المروة هو الذي يصون نفسه عن الأدناس ولا يشبهنا عند الناس أو الذي يتحرز مما يسخر به ويضحك ان الذي يسير بسيره أمثاله في زمانه ومكانه وبالجملة المروة مجانبة ما يؤذن بخسة النفس ودنائة الهمة من المباحات والمكروهات وصغائر المحرمات التي لا يبلغ حد الاصرار كالاكل في الأسواق والمجامع في أكثر البلاد والبول في الشرايع وقت سلوك الناس وكشف الرأس في المجامع وتقبيل أمته وزوجته في المحاضر ولبس الفقيه ثياب الجندي والاكثار من الحكايات المضحكة والمضايقة في اليسير الذي لا يناسب حاله ونقل الماء والأطعمة بنفسه ممن ليس أهلا لذلك إذا كان عن شح وظنة ويختلف ذلك بحسب الاشخاص والأحوال والأوقات والبلاد ولو ارتكب بعض هذه الأشياء تخفيفا للمؤنة واقتداء بالسلف التاركين للتكلف والتقيد بالرسوم المبتدعة لم يكن ذلك قادحا في المروة كما صرح به بعض الأصحاب واما ما ورد الشرع برجحانه كالاكتحال بالأئمة والحناء فلا حرج فيه وإن كان منكرا في أكثر البلاد مستهجنا عند العامة والمصنف لم يذكر في مفهوم العدالة حيث عرفها في كتاب نهاية الوصول الاجتناب عن الاصرار على الصغاير بل اعتبر فيها ترك الكبائر وبعض الصغاير وهو ما يدل فعله على نقص في الدين وعدم الرفع عن الكذب وبعض المباحات وهو ما يقدح في المروة واقتفى في ذلك اثر الراوي في المحصول ولعله ادخل الاصرار على الصغاير في الكباير فاكتفى بذكرها منها ولا يعتبر في العدالة الاتيان بالمندوبات الا ان يبلغ تركها أحدا يؤذن بقلة المبالاة بالدين و الاهتمام بكمالات الشرع كترك المندوبات أجمع قيل ولو اعتاد ترك صنف منها كالجماعة والنوافل ونحو ذلك فكترك الجميع لاشتراكها في العلة المقتضية لذلك نعم لو تركها أحيانا لم يصر وإذا زالت العدالة بارتكاب ما يقدح فيها فتعود بالتوبة لا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب وكذلك من حد في معصية ثم تاب رجعت عدالته وقبلت شهادته ونقل بعض الأصحاب اجماع الفرقة على ذلك ومن العامة من اعتبر اصلاح العمل مدة فمنهم من اعتبر سنة ومنهم من اعتبر ستة أشهر ولعل الأشهر عند الأصحاب انه لا يكفي في ذلك مجرد اظهار التوبة إذ لا يؤمن ان يكون له في الاظهار غرضا فاسدا بل لابد من الاختيار مدة يغلب معه الظن بأنه أصلح سريرته وانه صادق في توبته ومن الأصحاب من اعتبر اصلاح العمل وانه يكفي في ذلك عمل صالح ولو ذكر أو تسبيح ومنهم من اكتفى في ذلك بتكرار اظهار التوبة والندم ومجرد استمرارها على التوبة وذهب الشيخ في موضع من من المبسوط إلى الاكتفاء في قبول الشهادة باظهار التوبة عقيب قول الحاكم له تب اقبل شهادتك لصدق التوبة المقتضى لعود العدالة وفيه ان المقتضى لعود العدالة التوبة المعتبرة شرعا لا مطلق اظهار التوبة ويجيئ على قول من اعتبر في مفهوم العدالة الملكة ان لا يكتفي التوبة في عود العدالة بل يحتاج إلى عود الملكة ورسوخ الهيئة في النفس لكنهم لم يذكروا ذلك بل صرحوا بان التوبة كافية والظاهر أنه لا خلاف فيه كما ذكرنا بقى في هذا المقام تحقيق ان المعتبر في امام الجماعة وقبول الشهادة هل هو الظن الغالب بحصول العدالة المستند إلى البحث والتفتيش أم يكفي في ذلك ظهور (الاسلام وعدم ظهور) ما يقدح في العدالة المشهور بين المتأخرين الأول وجوز بعض الأصحاب التعويل في العدالة على حسن الظاهر وقال ابن الجنيد كل المسلمين على العدالة إلى أن يظهر خلافها وذهب الشيخ في الخلاف وابن الجنيد والمفيد في كتاب الاشراف إلى أنه يكفي في قبول الشهادة ظاهر الاسلام مع عدم ظهور ما يقدح في العدالة ومال إليه في المبسوط وهو ظاهر الاستبصار بل ادعى في الخلاف الاجماع والاخبار وقال البحث عن عدالة الشهود ما كان في أيام النبي صلى الله عليه وآله ولا أيام الصحابة ولا أيام التابعين وانما هو شئ أحدثه شريك بن عبد الله القاضي ولو كان شرطا لما أجمع أهل الأمصار على تركه قال بعض الأصحاب بعد نقل القولين ونسبة القول الثاني إلى الجماعة المذكورة وباقي المتقدمين لم يصرحوا في عباراتهم بأحد الامرين بل كلامهم محتمل لهما والظاهر عدم القائل بالفصل في باب الإمامة والشهادة فما يدل على الحال (في أحدهما يدل على الحال) في الأخر والترجيح القول الأخير وهو انه لا يعتبر في العمل بمقتضى العدالة البحث في التفتيش بل يكفي الاسلام وحسن الظاهر وعدم ظهور القادح في العدالة لاخبار كثيرة يستفاد ذلك من التحاق بعضها ببعض وان لم يكن كل واحد منها بانفراده ناهضا باثبات المدعا فمن ذلك ما رواه الكليني والشيخ عن حريز في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا فعدل منهم اثنان ولم يعدل الأخر ان قال فقال إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعا وأقيم الحد على الذي شهدوا عليه انما عليهم ان يشهدوا بما ابصروا وعلموا وعلى الوالي ان يجيز شهادتهم الا ان يكونا معروفين بالفسق ومنها ما رواه الصدوق عن عبد الله بن المغيرة باسناد ظاهر الصحة قال قلت للرضا (ع) رجل طلق امرأته وشهد شاهدين ناصبيين قال كان من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته وليس في اسناد هذا الخبر من يتوقف في شانه الا أحمد بن محمد بن يحيى الذي يروى الصدوق عنه وهو غير موثق في كتب الرجال والظاهر أن ذلك غير قادح في صحة الرواية لان أحمد بن محمد المذكورة من مشايخ الإجازة وليس بصاحب كتاب والنقل من الكتب التي هو الواسطة في نقلها رعاية لاتصال الاسناد خصوصا اخبار الفقيه فإنها منقولة من الكتب المعتمدة كما صرح به مؤلفه والكتب كانت معروفة في زمانهم فلا يضر ضعف مشايخ الإجازة وعن عبيد الله بن المغيرة بالاسناد السابق عن أبي الحسن الرضا (ع) قال من ولد على الفطرة وعرف بصلاح في نفسه جازت شهادته وروى الشيخ هذين الخبرين باسنادين ضعيفين ومنها ما رواه الشيخ في الموثق عن عبد الله بن أبي يعفور عن أخيه عبد الكريم عن أبي جعفر (ع) قال تقبل شهادة المراة والنسوة إذا كن مستورات من أهل
(٣٠٥)