بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين كتاب الصلاة الصلاة لغة هي الدعاء قال الله تعالى وصل عليهم وقال النبي صلى الله عليه وآله وصلت عليهم الملائكة وإذا اكل عند القائم صلت عليه الملائكة وبعض أهل اللغة عد من جملة معانيه العبادة المخصوصة وليس ذلك مبنيا على كون اللفظ حقيقة فيها لغة بل رأيهم جمع المعاني استعمل فيها اللفظ سواء كانت حقيقة أم مجازية وفي كونها حقيقة شرعية خلاف متقرر في الأصول وعلى كل تقدير فلا شك في كونها حقيقة عرفية وهذه العبادة تارة تكون ذكرا محضا كالصلاة بالتسبيح وتارة فعلا محضا كصلاة الأخرس وتارة تجمعها كصلاة الصحيح ووقوعها على هذه الموارد بالتواطئ والتشكيك والاشتهار مدلول الصلاة عرفا اغنانا عن الاشتغال بتعريفها وهي من أفضل العبادات وأتمها وأعظمها رتبة وثواب المحافظة عليها عظيم وعقاب تاركها اليم روى محمد بن يعقوب الكليني في الصحيح عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو فقال ما اعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وفي الصحيح عن أبان بن تغلب قال صليت خلف أبي عبد الله (ع) المغرب بالمزدلفة فلما انصرف أقام الصلاة فصلى العشاء الآخرة ولم يركع بينهما ثم صليت معه بعد ذلك بسنة فصلى المغرب ثم قال فتنفل بأربع ركعات ثم أقام فصلى العشاء الآخرة ثم التفت إلي فقال يا ابان هذه الصلوات الخمس المفروضات من أقامهن وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنة ومن لم يصلهن لمواقيتهن ولم يحافظ عليهن وذلك إليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه وفي الحسن عن جعفر بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال من قبل الله منه صلاة واحدة لم يعذبه ومن قبل منه حسنة لم يعذبه وفي الصحيح عن عبد الله أنه قال مر بالنبي صلى الله عليه وآله رجل وهو يعالج بعض حجراته فقال يا رسول الله الا أكفيك فقال شأنك فلما فرغ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله حاجتك قال الجنة فأطرق رسول الله ثم قال نعم فلما ولى قال له يا عبد الله أعنا بطول السجود وعن أبي بصير قال قال أبو عبد الله صلاة فريضة خير من عشرين حجة وحجة خير من بيت ذهب يتصدق منه حتى يغنى وعن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط إذا ثبت العمود نفعت الاطناب والأوتاد والغشاء وإذا انكسر العمود لم ينفع طنب ولا وتد ولا غشاء وعن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول أحب الأعمال إلى الله تعالى الصلاة وهي اخر وصايا الأنبياء الحديث وعن بريد بن خليفة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا قام المصلي إلى الصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الأرض وحفت به الملائكة وناداه ملك لو لم يعلم المصلي ما في الصلاة ما انفتل و عن الحسين بن سيف عن أبيه قال حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما انصرف وليس بينه وبين الله ذنب وروى الشيخ عن الكاهلي عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يزال الشيطان زعرا من أمر المؤمن هائبا له ما حافظ على الصلوات الخمس فإذا ضيقن (ضيعهن) اجترء عليه وعن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال قال رسول الله ان عمود الدين الصلاة وهي أول ما ينظر فيه من عمل ابن ادم فان صحت نظر في عمله وان لم يصح لم ينظر في بقية عمله وعن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لو كان على باب دار أحدكم نهر فاغتسل في كل يوم منه خمس مرات كان يبقى في جسده من الدرن شئ قلنا لا قال فان مثل الصلاة مثل النهر الجاري كلما صلى كفرت ما بينهما من الذنوب وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من صلاة يحضر وقتها الا نادى ملك بين يدي الله أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فاطفؤها بصلاتكم وعن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام ان أول ما يحاسب به العبد الصلاة فان قبلت قبلت ما سواها وان الصلاة إذا ارتفعت في وقتها رجعت إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة تقول حفظتني حفظك الله وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة تقول ضيعتني ضيعك الله وفي الحسن عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه ولا سجوده فقال صلى الله عليه وآله نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني وفي الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إن تارك الفريضة كافر وروى الصدوق في الصحيح عن بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله ما بين المسلم وبين ان يكفر الا ان يترك الصلاة الفريضة أو يتهاون بها فلا يصليها وعن مسعدة بن صدقة أنه قال سئل أبو عبد الله عليه السلام ما بال الزاني لا تسميه كافرا وتارك الصلاة تسميه كافرا وما الحجة في ذلك فقال لان الزاني وما أشبهه انما يفعل ذلك لمكان الشهوة لأنها تغلبه وتارك الصلاة لا يتركها الا استخفافا بها وذلك لا تجد الزاني يأتي المراة الا وهو مستلذ لاتيانه قاصد إليها وكل من ترك الصلاة قاصدا لتركها اللذة فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر والاخبار في هذا الباب أكثر من أن تحصى وفيما ذكرناه كفاية والنظر في المقدمات كذكر أقسامها وكمياتها وكثير من شرائطها التي تحصل أولا كمعرفة المواقيت والقبلة غيرها وفي المهية وهي ذات الصلاة واللواحق كالبحث عما يفسدها وكيفية تلافيها وما يلحقها من النقص بسبب الخوف والسفر النظر الأول في المقدمات وفيه مقاصد الأول في أقسامها وهي واجبة ومندوبة لان العبادة لا تكون الا راجحة فالواجبات تسع اليومية وهي الخمس سميت بذلك لتكررها في كل يوم ونسبتها إلى اليوم دون الليل إما تغليبا أو لان معظمها في اليوم أو لكونه مذكرا فكان أولي بالنسبة كما في التغليب والجمعة والعيدان والكسوف العارض للشمس أو القمر والزلزلة والآيات والأولى ادراج الكسوف والزلزلة في الآيات وجعل الأقسام سبعة والطواف والأموات ويظهر من هذا التقسيم وقوع اسم الصلاة على الأموات حقيقة وقد يستبعد ذلك ويصحح ان اطلاق الصلاة عليها على سبيل المجاز العرفي إذ لا يفهم عند الاطلاق من لفظ الصلاة عند أهل العرف الا ذات الركوع والسجود أو ما قام مقامهما ولان كل صلاة تجب فيها الطهارة وقراءة الفاتحة لقوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور ولا صلاة الا بفاتحة الكتاب وصلاة الجنازة لا تعتبر فيها ذلك اجماعا والمنذور وشبهه والمراد بشبه المنذور ما حلف عليه أو عوهد أو تحمل عن الغير ولو باستيجار ومنه صلاة الاحتياط لكونها غير اليومية مع احتمال دخولها فيها وفي كون قضاء اليومية من أقسامها أو من القسم الأخر نظر من كونه غير المقضى ومن (إلى الأداء) إلى القضاء والأداء والحجة على وجوب هذه الأقسام يجيئ في مواضعها إن شاء الله تعالى وقد يكون بعض هذه الأنواع مندوبا كاليومية المعادة وصلاة العيدين في زمن الغيبة على المشهور وصلاة الكسوف بعد فعلها أولا وصلاة الطواف المستحب والصلاة على الميت الذي لم يبلغ الست على المشهور والمندوب باب عداه وهي أقسام كثيرة يأتي ذكر بعضها فاليومية خمس بعد إن كانت خمسين فخففها الله تعالى عن هذه الأمة ليلة المعراج إلى خمس وابقى ثواب الخمسين لاية المضاعفة كما ورد في الخبر ووجوب الصلوات الخمس من ضروريات دين نبينا صلى الله عليه وآله فلا احتياج إلى التشاغل بالاحتجاج عليه واما نفي وجوب الزائد فلا خلاف فيه بين الأصحاب واخبارنا ناطقة بنفيه واليه ذهب عامة علماء
(١٨٢)