رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٣
وأغنني وأوسع علي في رزقك، ولا تقتني بالبطر، وأعزني ولا تبتليني بالكبر، وعبدني لك، ولا تفسد عبادتي بالعجب، وأجر للناس على يدي الخير، ولا تمحقه بالمن، وهب لي معالي الأخلاق، وأعصمني من الفخر.
____________________
يقال: استفرغ مجهودة أي: استقصى طاقته، وفرس مستفرغ: لا يدخر من عدوه شيئا، وأصله من إفراغ الإناء، وهو قلب ما فيه وصبه حتى لا يبقى فيه شئ.
وفيما خلقتني له: أي في عبادتك، كما قال تعالى: «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» (2).
وفي: ظرفية مجازية، بتشبه (3) ملابسة استفراغ أيامه لما خلقه له بملابسة المظروف للظرف، فتكون لفظة «في» استعارة تبعية.
أغنني: أي أعطني ما أستغني به عن الناس، أو ارزقني غنى النفس عما في أيدي الخلق.
وفي الحديث: ومن يستغن بالله وعطائه يغنه الله (4). قيل: معناه: يخلق في قلبه غنى، أو يعطيه ما يغنيه عن الخلق.
وأوسع علي في رزقك: أي اجعل رزقك لي واسعا، وعداه ب‍ «في» لتضمينه معنى بارك، كما عدي أصلح بها من قوله: «وأصلح لي في ذريتي» (5)، أي: بارك لي فيها، وإلا فأوسع وأصلح كلاهما متعديان بأنفسهما.
وفتنه - من باب ضرب: أوقعه في الفتنة، وهي الضلال عن الحق والخروج عن الطاعة، وإنما يكون ذلك منه تعالى بسلب اللطف والتوفيق، فقصد بنفي اللازم نفي

(١) سورة الذاريات: الآية ٥٦.
(٢) (ج): بتشبيه.
(٣) سنن الترمذي: ج ٤ ص ٣٧٣ ح ٢٠٢٤، سنن أبي داود: ج ٢ ص ١٢١ - 122 ح 1644؛ مع نقيصة فيهما.
(4) سورة الأحقاف: الآية 15.
(٢٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 ... » »»
الفهرست