رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١٥٥
يا إلهي لو بكيت إليك حتى تسقط أشفار عيني، وانتحبت حتى ينقطع صوتي، وقمت لك حتى تتنشر قدماي، وركعت لك حتى ينخلع صلبي، وسجدت لك حتى تتفقأ حدقتاي، وأكلت تراب الأرض طول عمري، وشربت ماء الرماد آخر دهري، وذكرتك في خلال ذلك حتى يكل لساني، ثم لم أرفع طرفي إلى آفاق السماء استحياء منك، ما استوجبت بذلك محو سيئة واحدة من سيئاتي.
____________________
كما قال تعالى: «وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم» (1).
قال في الكشاف: هو كقوله تعالى: «فبما كسبت أيديكم»، لأنه اعتيد حمل الأثقال على الظهور كما الف الكسب بالأيدي. (2) والخطايا: جمع خطيئة، وهي الذنب.
وقيل: الفرق بينهما أن الذنب قد يطلق على ما يقصد بالذات، والخطيئة تغلب على ما يقصد بالعرض لأنها من الخطأ. وأصل خطايا خطائي كخطايع (3)، فأبدلت الهمزة ياء، فعند سيبوبه أنه أبدلت الياء الزائدة همزة لوقوعها بعد الألف، فاجتمعت همزتان، فأبدلت الثانية ياء، ثم قلبت ألفا، وكانت الهمزة بين ألفين فأبدلت ياء (4). وعند الخليل قدمت الهمزة على الياء، ثم فعل بهما ما ذكر (5).
«إلى» من قوله: «بكيت إليك»: إما بمعنى اللام، كما قيل في قوله تعالى:
«والأمر إليك» (6) أي: بكيت لك، وإما على تضمين بكيت معنى الإنابة، أي:
بكيت منيبا إليك. وقد سبق منا الكلام على حقيقة التضمين في أوائل الكتاب.
وأشفار العين: منابت الهدب، جمع شفر بالضم كقفل وأقفال، وقد يفتح.

(١) سورة الأنعام: الآية ٣١.
(٢) تفسير الكشاف: ج ٢ ص ١٧.
(٣) (الف): كخطائع.
(٤) و (٥) الجامع لأحكام القرآن: ج 1 ص 414، وشرح الشافية ابن الحاجب:
ج 3 ص 59.
(6) سورة النمل: الآية 33.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست