رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٢٩٢
اللهم صل على محمد وآله، واكفني ما يشغلني الاهتمام به، واستعملني بما تسألني غدا عنه، واستفرغ أيامي فيما خلقتني له.
____________________
بل هو من باب استخرجت الوتد من الحائط، فإنه ليس فيه طلب خروجه، بل معناه: لم أزل أتلطف وأتحيل منه حتى خرج.
فمعنى «استصلح ما فسد مني»: تلطف فيما فسد مني حتى يصلح.
ويحتمل أن يكون «استصلح» بمعنى أصلح، كاستجاب بمعنى أجاب.
الكفاية: قيام شخص مقام آخر في قضاء حوائجه، يقال: كفيت زيدا الأمر كفاية: قمت به مقامه وأغنيته عن معاناته.
واهتم بالأمر: اعتنى به، أي: تول كفايتي في كل أمر يشغلني اهتمامي واعتنائي به عن طاعتك وعبادتك، حتى لا يكون لي توجه والتفات إلى غير وجهك الكريم.
واستعملته: جعلته عاملا.
والغد: اليوم الذي يأتي بعد يومك على أثره، ثم توسعوا فيه حتى أطلق على البعيد المترقب كما وقع هنا، فإن المراد به يوم الحساب، وأصله «غدو» مثال فلس، لكن حذفت اللام وجعلت الدال حرف إعراب.
والمراد بالمسؤول عنه غدا: هو الأعمال التي يثاب أو يعاقب الإنسان على فعلها أو على تركها، كما قال تعالى: «ولتسئلن عما كنتم تعملون» (1).
قالوا: وفائدة السؤال مع علمه تعالى بذلك إظهار المعدلة وقطع المعذرة، فتعلم الخلائق أنه سبحانه لا يظلم أحدا، وليزداد سرور أهل الإيمان بالثناء الجميل عليهم بما يظهر من أفعالهم الحسنة، ويزداد غم الكفار بما يظهر من أفعالهم القبيحة.
واستفرغ أيامي: أي اجعل أيامي كلها مبذولة فيما خلقتني له.

(1) سورة النحل: الآية 93.
(٢٩٢)
مفاتيح البحث: الصّلاة (1)، سورة النحل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 ... » »»
الفهرست