رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٢٨١

____________________
الطاعة، غير ملحوظ فيه شئ سوى وجه الله سبحانه (1).
قال بعضهم: أفضل ما يتقرب به العبد إلى الله أن يعلم أنه لا يريد العبد من الدنيا والآخرة غيره، قال الله تعالى: «واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه» (2)، وهو مقام النبيين والصديقين والشهداء.
تبصرة روى في مصباح الشريعة عن الصادق عليه السلام أنه قال: لا بد للعبد من خالص النية في كل حركة وسكون (3).
لأنه إذا لم يكن بهذا المعنى يكون غافلا، والغافلون قد وصفهم الله تعالى فقال: «إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا» (4)، وقال: «أولئك هم الغافلون» (5).
وشرح ذلك بعض العلماء فقال: يجب أن يكون للعبد في كل شئ يفعله وعمل يعمله نية وإخلاص، حتى في مطعمه ومشربه وملبسه ونومه ونكاحه، فإن ذلك كله من أعماله التي يسأل عنها ويجازي عليها، فإن كان لله وفي الله كانت في ميزان حسناته، وإن كانت في سبيل الهوى ولغير الله كانت في ميزان سيئاته، وكان صاحبها في الدنيا على مثال البهائم الراتعة والأنعام المهملة السارحة، ولا يكون على الحقيقة إنسانا مكلفا موفقا، وكان من الذين ذكرهم الله بقوله: «أغفلنا قلبه عن ذكرنا» (6) أي: وجدناه غافلا، كقولك: دخلت بلدة فأعمرتها أي: وجدتها عامرة، أو أخرجتها أي: وجدتها خرابا، فهو غافل عما يأتيه ويذره، متبع لهواه فيما يورده

(١) كتاب الأربعين: ص ١٥٨.
(٢) سورة الكهف: الآية ٢٨.
(٣) مصباح الشريعة: ص 53.
(4) سورة الفرقان: الآية 44.
(5) سورة الأعراف: الآية 179.
(6) سورة الكهف: الآية 28.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 275 276 277 278 279 281 282 283 284 285 286 ... » »»
الفهرست