رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ١٥٤
اللهم وهذه رقبتي قد أرقتها الذنوب، فصل على محمد وآله وأعتقها بعفوك، وهذا ظهري قد أثقلته الخطايا، فصل على محمد وآله وخفف عنه بمنك.
____________________
الخامسة: المعاقبة والمجاهدة، وذلك إذا رآى نفسه قد قارفت (1) معصية أو همت بها، فينبغي أن يعاقبها بالتضييق عليها في الأمور المباحة ويأخذها بالصبر عنها. وإذا رآها توانت وكسلت عن شئ من الفضائل وورد من الأوراد، فينبغي أن يود بها بتثقيل ألاوراد عليها ويلزمها فنونا من الطاعات جبرا لما فات.
قال بعض أرباب العرفان: إن هذه النفس في غاية الخساسة والدناءة ونهاية الجهل والغباوة، وينبهك على ذلك أنها همت بمعصية أو انبعثت بشهوة، لو تشفعت إليها بالله سبحانه ثم برسوله وبجميع أنبيائه ثم بكتبه والسلف الصالح من عباده، وعرضت عليها الموت والقبر والقيامة والجنة والنار، لا تكاد تعطي القياد ولا تترك الشهوة، ثم إن متعتها رغيفا سكنت وذلت ولانت بعد الصعوبة والجماح (2) وتركت الشهوة.
الرق بالكسر: العبودية، وهو مصدر رق الشخص يرق - من باب ضرب - فهو رقيق، ويتعدى بالهمزة فيقال: أرقه فهو مرق، وقد يتعدى بالحركة أيضا فيقال: رقه يرقه - من باب قتل - فهو مرقوق.
وأعتقه: خلصه من الرق فهو معتق، ولا يقال: عتقه فهو معتوق. ولفظ الإرقاق استعارة في تمكن هيئات الذنوب من نفسه، والإعتاق استعارة لمحو تلك الهيئات منها، وكذا الكلام فيما بعده.
ولما كان المعتاد في الأثقال حملها على الظهر خص الظهر بأثقال الخطايا له،

(١) اقتراف الذنب: فعله (المصباح المنير) ص ٦٨٥.
(٢) جمح يجمع جماحا وجموحا: استعصى حتى غلبه فهو جموح بالفتح (المصباح المنير) ص 147.
(١٥٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 ... » »»
الفهرست