____________________
السكيت (1)، وأثبتها صاحب القاموس (2)، ومنعها الأصمعي (3) والفراء، (4) وفكاك الرقاب استعارة في خلاصها من العذاب. وقد تقدم وجه إطلاق الرقبة على جميع الذات في الروضة الخامسة (5) فليرجع إليه.
هداية اعلم أن توبيخ النفس ومعاتبتها باب عظيم من أبواب المرابطة في سبيل الله، فإن للعارفين في سلوك سبيل الله. ومرابطتهم مع أنفسهم مقامات خمسة، وهي المشارطه، ثم المراقبة، ثم المحاسبة، ثم المعاتبة، ثم المعاقبة، وضربوا لذلك مثالا فقالوا: ينبغي أن تكون حال الإنسان مع نفسه كحاله مع شريكه إذا سلم إليه مالا ليتجر به، فالعقل هو التاجر في طريق الآخرة، ومطلبه وربحه تزكية النفس، إذ بها فلاحها كما قال تعالى: «قد أفلح من زكاها» (6)، فالعقل يستعين بالنفس في هذه التجارة إذ يستسخرها فيما يزكيها كما يستعين الإنسان بشريكه، وكما أن الشريك يصير خصما منازعا يحاذيه في الربح، فيحتاج أن يشارطه أولا ويراقبه ثانيا ويحاسبه ثالثا ويعاتبه أو يعاقبه رابعا، فكذلك العقل يحتاج إلى هذه المقامات الخمس.
الأولى: المشارطة، وهي أن يشارط النفس أولا، فيوظف عليها الوظائف ويأمرها بسلوك طريق الحق ويرشدها إليه ويحرم عليها سلوك غيره، كما يشترط التاجر على شريكه.
الثانية: المراقبة، وهي أن لا يغفل عنها لحظة فلحظة عند خوضها في الأعمال ويلاحظها بالعين الكالئة، فإن الإنسان إن غفل عن نفسه وأهملها لم ير منها إلا
هداية اعلم أن توبيخ النفس ومعاتبتها باب عظيم من أبواب المرابطة في سبيل الله، فإن للعارفين في سلوك سبيل الله. ومرابطتهم مع أنفسهم مقامات خمسة، وهي المشارطه، ثم المراقبة، ثم المحاسبة، ثم المعاتبة، ثم المعاقبة، وضربوا لذلك مثالا فقالوا: ينبغي أن تكون حال الإنسان مع نفسه كحاله مع شريكه إذا سلم إليه مالا ليتجر به، فالعقل هو التاجر في طريق الآخرة، ومطلبه وربحه تزكية النفس، إذ بها فلاحها كما قال تعالى: «قد أفلح من زكاها» (6)، فالعقل يستعين بالنفس في هذه التجارة إذ يستسخرها فيما يزكيها كما يستعين الإنسان بشريكه، وكما أن الشريك يصير خصما منازعا يحاذيه في الربح، فيحتاج أن يشارطه أولا ويراقبه ثانيا ويحاسبه ثالثا ويعاتبه أو يعاقبه رابعا، فكذلك العقل يحتاج إلى هذه المقامات الخمس.
الأولى: المشارطة، وهي أن يشارط النفس أولا، فيوظف عليها الوظائف ويأمرها بسلوك طريق الحق ويرشدها إليه ويحرم عليها سلوك غيره، كما يشترط التاجر على شريكه.
الثانية: المراقبة، وهي أن لا يغفل عنها لحظة فلحظة عند خوضها في الأعمال ويلاحظها بالعين الكالئة، فإن الإنسان إن غفل عن نفسه وأهملها لم ير منها إلا