بخلاف قتل البهيمة خطا فبطل كل ما شغبوا به وصح ان القسامة واجبة في العبد كما هي في الحر من طريق حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا من طريق القياس * وأما قول من الزم قيمة العبد من وجد بين أظهرهم دون قسامة فقول لا يؤيده قرآن ولا سنة ولا اجماع ولا قياس ولا نظر وهو أكل مال بالباطل واغرام قوم لم يثبت قبلهم حق قال الله تعالى: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) ولا قسامة في بهيمة وجدت مقتولة ولا في شئ وجد من الأموال مفسودا لان البهيمة لا تسمى قتيلا في اللغة ولا في الشريعة وإنما حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقسامة في القتيل فلا يحل تعدي حكمه ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى، والأموال محرمة الا بنص أو اجماع فالواجب في البهيمة توجد مقتولة أو تتلف وفي الأموال كلها ما أوجبه الله تعالى على لسان رسوله عليه السلام إذ يقول " بينتك أو يمينه ليس لك الا ذلك "، فالواجب في ذلك ان ادعى صاحب البهيمة توجد مقتولة أو صاحب المال اتلاف ماله على أحد ان يكلفه البينة فان اتى بها قضى له بها وان لم يأت بها حلف المدعى عليه ولابد ولا ضمان في ذلك الا ببينة أو اقرار وهذا حكم كل دعوى في دم أو مال أو غير ذلك حاش القتيل يوجد ففيه القسامة كما خص رسول الله صلى الله عليه وسلم * واختلف الناس في الذمي يوجد قتيلا فقالت طائفة لا قسامة فيه ورأي أبو حنيفة فيه القسامة * قال أبو محمد رحمه الله: والقول فيه كما قلنا في العبد لان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان إنما حكم بالقسامة في مسلم ادعى على يهود خيبر فلم يقل عليه الصلاة والسلام: إنما حكمت بها لأنه مسلم ادعى على يهودي فلا يجوز ان يقول عليه الصلاة والسلام ما لم يقله لكنه عليه السلام حكم بها في قتيل وجد ولم يخص عليه السلام حالا من حال والذمي قتيل فالقسامة فيه واجبة إذا ادعاها أولياؤه على ذمي أو ذميين لأنه ان ادعوها على مسلم فحتى لو صح ما ادعوه بالبينة فلا قود فيه ولا دية ولكن ان أرادوا أن يقسموا ويوديه الامام فذلك لهم لما ذكرنا، وقد اتفق القائلون بالقسامة على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان حكم بها في مسلم ادعى على يهود فان الحكم بها واجب في مسلم ادعى على مسلمين، وهذه غير الحال التي حكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسلم ادعى بالقسامة على أصولهم ولا فرق بين الحكم بها في مسلم على مسلمين وبين الحكم بها في ذمي على ذميين أو على مسلمين لعموم حكمه عليه السلام وانه لم يخص عليه السلام صفة من صفة وبالله تعالى التوفيق *
(٨٨)