الوهط (1) فبلغ ذلك عبد الله بن عمرو بن العاص فلبس سلاحه هو ومواليه وغلمته وقال: اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم " يقول: من قتل دون ماله مظلوما فهو شهيد) * ومن طريق عبد الرزاق عن ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار قال إن عبد الله بن عمرو بن العاص تيسر للقتال دون الوهط ثم قال. ما لي لا أقاتل دونه وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من قتل دون ماله فهو شهيد:
قال ابن جريج: وأخبرني سليمان الأحول ان ثابتا مولى عمر بن عبد الرحمن اخبره قال: لما كان بين عبد الله بن عمرو بن العاص وبين عنبسة بن أبي سفيان ما كان وتيسروا للقتال ركب خالد بن العاص - هو ابن هشام بن المغيرة المخزومي - إلى عبد الله بن عمرو فوعظه فقال له عبد الله بن عمرو بن العاص: أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " من قتل على ماله فهو شهيد " * قال أبو محمد رحمه الله: فهذا عبد الله بن عمرو بن العاص بقية الصحابة وبحضرة سائرهم رضي الله عنهم يريد قتال عنبسة بن أبي سفيان عامل أخيه معاوية أمير المؤمنين إذ أمره بقبض الوهط ورأي عبد الله بن عمرو ان أخذه منه غير واجب وما كان معاوية رحمه الله ليأخذ ظلما صراحا لكن أراد ذلك بوجه تأوله بلا شك، ورأي عبد الله بن عمرو أن ذلك ليس بحق ولبس السلاح للقتال ولا مخالف له في ذلك من الصحابة رضي الله عنهم، وهكذا جاء عن أبي حنيفة والشافعي. وأبي سليمان.
وأصحابهم ان الخارجة على الامام إذا خرجت سئلوا عن خروجهم فان ذكروا مظلمة ظلموها أنصفوا والا دعوا إلى الفيئة فان فاؤا فلا شئ عليهم وان أبوا قوتلوا ولا نرى هذا الا قول مالك أيضا، فلما اختلفوا كما ذكرنا وجب أن نرد ما اختلفوا فيه إلى ما افترض الله تعالى علينا الرد إليه إذ يقول تعالى: (فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول) ففعلنا فلم نجد الله تعالى فرق في قتال الفئة الباغية على الأخرى بين سلطان وغيره بل أمر تعالى بقتال من بغى على أخيه المسلم عموما حتى يفئ إلى أمر الله تعالى وما كان ربك نسيا، وكذلك قوله عليه السلام: " من قتل دون ماله فهو شهيد أيضا " عموم لم يخص معه سلطانا من غيره ولا فرق في قرآن ولا حديث ولا اجماع ولا قياس بين من أريد ماله أو أريد دمه أو أريد فرج امرأته أو أريد ذلك من جميع المسلمين وفي الاطلاق على هذا هلاك الدين وأهله، وهذا لا يحل بلا خلاف وبالله تعالى التوفيق.