صلى الله عليه وسلم فقلت: ابسط يمينك فلأبايعك فبسط يمينه فقبضت يدي فقال: ما لك يا عمرو؟
فقلت أردت ان اشترط: فقال: تشترط ماذا؟ قلت: أن يغفر لي قال: اما علمت أن الاسلام يهدم ما قبله وأن الهجرة تهدم ما قبلها وأن الحج يهدم ما قبله " وذكر باقي الكلام * ومن طريق مسلم حدثنا محمد بن حاتم بن ميمون وإبراهيم بن دينار واللفظ لإبراهيم قال ثنا حجاج - هو ابن محمد - عن ابن جريج أخبرني يعلى بن مسلم أنه سمع سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس " أن ناسا من أهل الشرك قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ان الذي تقول وتدعو إليه لحسن ولو تخبرنا إن لما عملنا كفارة فنزل (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق) إلى قوله: (يلق أثاما) (وقل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) الآية * قال أبو محمد رحمه الله: تمام الآية الأولى إلى قوله: (حسنات) والأخرى (ان الله يغفر الذنوب جميعا) وكل هذا حق ولا حجة لهم فيه بل عليهم على ما نبين إن شاء الله تعالى * أما قول الله تعالى: (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) الآية فنعم هكذا نقول ولم نخالفهم في هذه الآية ولا هي مسألتنا وإنما مسألتنا هل تقام عليهم الحدود السالفة أم لا؟ وليس في هذه الآية من هذا حكم أصلا لا بنص من القرآن، ولا من السنة وان التائب منا مغفور له وأن ماعزا مغفور له والغامدية والجهنية. مغفور لهما بلا شك، ولم تسقط عنهم مغفرة الله تعالى لهم ذنبهم حد الله تعالى الواجب في الدنيا وإنما أسقطت مغفرة الله تعالى عنهم عذاب الآخرة فقط ولم يسقط عنهم الحد بحكم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم مع علمه صلى الله عليه وسلم أنه مغفور لهم أقام عليهم حد الزنا الذي قد غفره الله تعالى لهم، وقد جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسطح بن أثاثة في القذف وهو بدري مغفور له وجلد النعمان في الخمر وهو بدري مغفور له، وجلد عمر رضي الله عنه بحضرة الصحابة رضي الله عنهم قدامة بن مظعون وهو بدري مغفور له، كل ما فعل في الخمر ولو تمت الشهادة على المغيرة لحده وهو حدبى مغفور له ما قد فعل، فصح أن المغفرة من الله تعالى لا تسقط الحدود الواجبة في الدنيا ومن خالف هذا وقال: إن التوبة تسقط الحدود كلها خالف حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي ذكرنا، وقد تقصينا هذا في باب مفرد لذلك قبل هذا بأبواب يسيرة * وأما قول الله تعالى:
(ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فلا حجة لهم في هذا أصلا لأنه ليس فيها إسقاط الحدود على من أبق إليهم أو ارتد وإنما فيها أن المرتد من الكفار، وهذا لا شك