فيه عند مسلم (فان قالوا): بلى ولكن لما كان منهم حكم له بحكمهم قلنا: لهم هذا واضح، وبرهان ذلك اجماعكم معنا على أن المرتد لا يقر على ردته بخلاف المشرك الكتابي الذي يقر على كفره إذا أدى الجزية صاغرا وتذمم، وأنه لا يقبل من المرتد جزية أصلا عندكم، وانه لا تنكح المرتدة بخلاف المشركة الكتابية، وانه لا تؤكل ذبيحة المرتد بخلاف المشرك الكتابي ولا يسترق المرتد إن سبى كما يسترق المشرك إن سبي فقد أقررتم ببطلان قياسكم الفاسد فأبطلتم أن يقاس المرتد على الكافر في شئ من هذه الوجوه ويلزمكم أن لا تقيسوه عليهم في سقوط الحدود فهو أحوط لقياسكم، ولاح أنهم في هذه المسألة لا النص من القرآن والسنة اتبعوا، ولا القياس طردوا، ولا تعلقوا بشئ أصلا، وبالله تعالى التوفيق * وصح أن قول الله تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) إنما هو على ظاهره بأنه كافر من جملة الكفار فقط وهذا حق لا يختلف فيه اثنان من المسلمين فان ادعوا أن المرتد لا تقبل منه جزية، ولا تؤكل ذبيحته، ولا يسترق اجماعا دل ذلك على جهل من ادعى ذلك أو كذبه * فقد صح عن بعض السلف أخذ الجزية منهم، وعن بعض الفقهاء أكل ذبيحته إن ارتد إلى دين صابئ، وأبو حنيفة وأصحابه يقولون:
أن المرتدة إذا لحقت بأرض الحرب سبيت واسترقت ولم تقتل ولو أنها هاشمية أو عبشمية * حدثنا حمام ثنا ابن مفرج ثنا بن الاعرابي ثنا الدبري ثنا عبد الرزاق عن معمر عن سماك بن الفضل أن عاملا لعمر بن عبد العزيز كتب إلى عمر بن عبد العزيز في رجل أسلم ثم ارتد فكتب إليه عمر بن عبد العزيز أن أسأله عن شرائع الاسلام فإن كان قد عرفها فأعرض عليه الاسلام فان أبى فاضرب عنقه وإن كان لم يعرفها فغلظ عليه الجزية ودعه قال معمر: وأخبرني قوم من أهل الجزيرة أن قوما أسلموا ثم لم يمكثوا إلا قليلا حتى ارتدوا فكتب فيهم ميمون بن مهران إلى عمر بن عبد العزيز فكتب عمر بن عبد العزيز ان رد عليهم الجزية ودعهم، وقد روى نحو هذا عن عمر بن الخطاب * قال أبو محمد رحمه الله: واما حديث عمر وبن العاص فهو عليهم أعظم حجة لان فيه تسوية النبي صلى الله عليه وسلم بين الاسلام والهجرة والحج في أن كل واحد منها يهدم ما قبله وهم لا يختلفون ولا أحد نعلمه في أن الحج لا يسقط حدا اصابه المرء قبل حجه ولم يتب منه ولم تطل مدته دونه فمن الباطل أن يتحكموا في حكم الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فيحملوا قوله عليه السلام: " ان الاسلام يهدم ما قبله " على أن الاسلام يسقط