لنعلم الحق من ذلك [فنتبعه] (1) بعون الله تعالى ومنه * فنظرنا في الحديث الذي احتج به من رأى الحدود ساقطة بالتوبة فنظرنا في ذلك فوجدناه مرسلا فسقط التعلق به، ثم نظرنا في حديث علقمة بن واثل فوجدناه لا يصح لأنه من طريق سماك بن حرب وهو يقبل التلقين شهد بذلك شعبة وغيره فسقط، ثم نظرنا في حديث واثلة بن الأسقع فوجدنا الأول من طريق فيها ليث بن أبي سليم وليس بالقوي * وأما حديث الباهلي فوجدناه من طريق عكرمة بن عمار وهو ضعيف جدا، قال قيل وقد رويتموه بأن فيه زينب: قلنا: نعم وفيه من لا يعرف رجاله، ثم أنه لو ثبت دون علة لما كانت فيه حجة لان فيه وجوها تمنع من استعماله، أحدها أن ممكنا أن يكون هذا قبل نزول حد الزنا ثم نزل حد الزنا فكان الحكم لايجاب الحد، فان قيل: وممكن أيضا أن يكون بعد نزول حد الزنا، ثم نزل حد الزنا فكان الحكم له ويكون ناسخا لما في حديث ماعز والغامدية والجهينية قلنا: إن الواجب إذا تعارضت الاخبار أن يؤخذ بالزائد والزائد هو الذي جاء بحكم لم يكن واجبا في معهود الأصل وكان معهود الأصل بلا شك أن لاحد على أحد تائبا كان أو غير تائب فجاء النص بايجاب الحدود جملة وكانت هذه النصوص زائدة على معهود الأصل، وجاء حديث ماعز والغامدية والجهينية فكان ما فيها من إيجاب الحد على التائب زائدا على ما في الخبر الذي فيه اسقاط الحد عن التائب هذا لو كان في حديثهم ان الحد سقط عنه بالتوبة فكيف وليس هذا فيه وإنما فيه اسقاط الحد بصلاته فقط وهذا ما لا يقولونه [بل هم يخالفون لهذا الحكم] (2) فبطل تعلقهم بهذا الخبر وبتلك الاخبار جملة وبالله تعالى التوفيق * فان قالوا: هبكم أن حد الزنا قد وجدتم فيه وفي حد القذف إقامة الحد على من تاب فمن أين لم تسقطوا حد السرقة وحد الخمر بالتوبة ولا نص معكم في إقامتها على التائب منها؟ قلنا: إن النص قد ورد جملة بإقامة الحدود في السرقة. والخمر. والزنا. والقذف ولم يستثن الله تعالى تائبا من غير تائب ولم يصح نص أصلا باسقاط الحد عن التائب فإذا الامر كذلك فلا يحل أن يخص التائب من عموم أمر الله تعالى بإقامة الحدود بالرأي والقياس دون نص ولا اجماع، فهذه عمدتنا في إقامة الحدود على التائب وغير التائب، وإنما حديث ماعز والغامدية والجهينية مؤيد لقولنا في ذلك فقط ولو لم يأت ما احتجنا إليها مع الأوامر الواردة بإقامة الحدود لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من بدل دينه فاقتلوه " وقوله عليه السلام: " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة والرجم "
(١٢٩)