العبد الإباق فصح انه إنما عنى بذلك المماليك فقط، قلنا وبالله تعالى التوفيق: ليس الإباق لفظا موقوفا على المماليك الذين. لنا فقط، بل كل من هرب عن سيده ومالكه فهو آبق، والله تعالى مالك الجميع والكل عبيده ومماليكه فمن هرب عن جماعة الله تعالى وعن دار دين الله تعالى إلى دار أعداء الله تعالى المحاربين لله عز وجل فهو آبق * برهان ذلك قول الله تعالى: (وان يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون) فقد سمى الله تعالى فعل يونس رسوله صلى الله عليه وسلم - وهو حر بلا خلاف - إذ فر عن أمر ربه تعالى إباقا فصح ان الإباق لكل حر وعبد، وبالله تعالى التوفيق * حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد ابن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن قدامة عن جرير عن المغيرة بن مقسم عن الشعبي قال: كان جرير بن عبد الله يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم " إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة وان مات مات كافرا فاق غلام لجرير فاخذه فضرب عنقه " * قال أبو محمد رحمه الله: ولا يسقط عن اللاحق بالمشركين لحاقه بهم شيئا من الحدود التي أصابها قبل لحاقه ولا التي أصابها بعد لحاقه لان الله تعالى أوجب الحدود في القرآن على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم ولا أرسلها ولم يسقطها، وكذلك لم يسقطها عن المرتد ولا عن المحارب ولا عن الممتنع ولا عن الباغي إذا قدر على إقامتها عليهم وما كان ربك نسيا، ونحن نشهد بشهادة الله تعالى إن الله عز وجل لو أراد أن يستثني أحدا من هؤلاء لما سكت عن ذلك اعناتا لنا ولا أهمله ولا أغفله فإذ لم يعلمنا بذلك فنحن نقسم بالله تعالى أن الله تعالى ما أراد قط إسقاط حد أصابه لاحق بالشرك قبل لحاقه أو اصابه بعد لحاقه بهم أو أصابه مرتد قبل ردته أو بعدها وأن من خالف هذا فمخطئ عند الله تعالى بيقين لا شك فيه، وقد صح النص والاجماع باسقاطه وهو ما أصابه أهل الكفر ما داموا في دار الحرب قبل أو يتذمموا أو يسلموا فقط فهذا خارج بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل من أسلم منهم فلم يؤاخذهم بشئ مما سلف لهم من قتل أو زنا، أو قذف، أو شرب خمر. أو سرقة، وصح الاجماع بذلك، فان قال قائل: فان الله تعالى يقول: (قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * وقال تعالى: (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) فصح بهذا أن المرتد من الكفار بلا شك فإذ هو منهم فحكمه حكمهم * وذكروا من طريق مسلم حدثنا محمد بن المثنى ثنا الضحاك - يعني أبا عاصم النبيل - أنا حياة بن شريح ثنا يزيد ابن أبي حبيب عن ابن شمامة المهري ثنا مضر ثنا عمرو بن العاص في سياقة الموت يبكي طويلا فذكر الحديث وفيه قال: " فلما جعل الله الاسلام في قلبي أتيت رسول الله
(١٣٦)