عليه بالسرقة الثانية قطع ثان، وإذا قذف ثانية وجب عليه حد ثان، وإذا شرب ثانية وجب عليه حد ثان ولابد، وهكذا في كل مرة * قال أبو محمد رحمه الله: أما قولهم إن الله تعالى قال: (الزانية والزاني) الآية، وقوله تعالى: " والسارق والسارقة " الآية، وقوله تعالى (والذين يرمون المحصنات) الآية، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه " فكل ذلك حق ويكفر من أنكر لفظه ومعناه، وأما قولهم فاستقر ذلك فرضا عليه فهذا وهم أصحابنا، ولسنا نقول بهذا لكن نقول: أنه لا يجب شئ من الحدود المذكورة بنفس الزنا ولا بنفس القذف ولا بنفس السرقة ولا بنفس الشرب لكن حتى يستضيف إلى ذلك معنى آخر وهو ثبات ذلك عند الحاكم بإقامة الحدود إما بعلمه وإما ببينة عادلة، وإما باقراره، وأما ما لم يثبت عند الحاكم فلا يلزمه حد لا جلد ولا قطع أصلا، (برهان ذلك) هو انه لو وجبت الحدود المذكورة بنفس الفعل لكان فرضا على من أصاب شيئا من ذلك أن يقيم الحد على نفسه ليخرج مما لزمه أو أن يعجل المجئ إلى الحاكم فيخبره بما عليه ليؤدي ما لزمه فرضا في ذمته لا في بشرته، وهذا أمر لا يقوله أحد من الأمة كلها بلا خلاف، أما اقامته الحد على نفسه فحرام عليه ذلك باجماع الأمة كلها وأنه لا خلاف في أنه ليس لسارق أن يقطع يد نفسه بل إن فعل ذلك كان عند الأمة كلها عاصيا لله تعالى فلو كان الحد فرضا واجبا بنفس فعله لما حل له الستر على نفسه ولا جاز له ترك الاقرار طرفة عين ليؤدي عن نفسه ما لزمه، وإنما أمر الله تعالى ورسوله عليه السلام الأئمة وولاتهم بإقامة الحدود المذكورة على من جناها، وبيقين الضرورة ندري أن الله تعالى لم يأمرهم من ذلك إلا إذا ثبت ذلك عندهم وصح يقينا أن لكل زنا يزنيه، وكل قذف يقذفه، وكل شرب يشربه، وكل سرقة يسرقها، وكل حرابة يحارب، وكل عارية يجحدها قبل علم الإمام بذلك فلم يجب عليه فيه شئ لكنا نقول: إن الله تعالى أوجب على من زنى مرة أو الف مرة إذا علم الإمام بذلك جلد مائة وعلى القاذف، والسارق، والمحارب، وشارب. الخمر، والجاحد مرة والف مرة حدا واحدا إذا علم الحاكم ذلك كله * قال أبو محمد رحمه الله: وأما ان وقع على من فعل شيئا من ذلك تضييع من الامام أو أميره لغير ضرورة ثم شرع في إقامة الحد فوقعت ضرورة منعت من إتمامه فواقع فعلا آخر من نوع الأول، فقولنا وقول أصحابنا سواء يستتم عليه الحد الأول ثم يبتدئ في الثاني ولابد * برهان ذلك أن الحد كله قد وجب بعلم الامام أو
(١٣٤)