إلى الكفر صراحا * أحدهما جهم بن صفوان السمرقندي ومن قلده وأتم به فإنهم قالوا الايمان هو التصديق بالقلب فقط وان أعلن الكفر وجحد النبوة وصرح بالتثليث وعبد الصليب في دار الاسلام دون تقية، والآخر محمد بن كرام السجستاني ومن اتبعه واقتدى به فإنهم قالوا الايمان التصديق باللسان فقط وان اعتقد الكفر بقلبه، فلزم الطائفة الأولى ان إبليس مؤمن، وأن اليهود والنصارى الذين حاربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنون أولياء الله تعالى من أهل الجنة لان كل هؤلاء عرفوا الله تعالى بقلوبهم وعرفوا صحة نبوة رسوله صلى الله عليه وسلم بقلوبهم وجدوه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل أو أن يكذب الله تعالى في أخباره بصحة علم إبليس بالله تعالى وبنبوة الأنبياء عليهم السلام، ولزم الطائفة الثانية ان المنافقين الذين شهد الله تعالى بأنهم من أهل النار مؤمنون أولياء الله تعالى من أهل الجنة وهذا كفر مجرد، وكلا القولين خرق للاجماع ومخالفة لأهل الاسلام * قال أبو محمد رحمه الله: فيلزم من قال: ان الايمان المزايل للزاني في حين زناه، وللقاتل في حين قتله، وللسارق في حين سرقته، وللغال في حين غلوله، وللشارب في حين شربه، وللمنتهب في حال نهبته، انه التصديق ان يقول: القاتل والزاني والغال والمنتهب والشارب قد بطل تصديقهم، ومن بطل تصديقه فهو كافر فيلزمه أن لا يؤخذ من أحد من هؤلاء زكاة ولا يترك يصلي في مسجد مع المسلمين ولا أن يدخل الحرم ولا أن يبتدئ نكاح مسلمة وان مات له قريب في تلك الحال أن لا يرثه، وهذا خلاف لاجماع الصحابة ومن يعتد به بعدهم وهم لا يقولون هذا يعني من لم يكن منهم * قال أبو محمد رحمه الله: فإذ لم يرد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله المذكور في هذا الحديث ان الزاني كافر ولا ان القاتل كافر ولا ان المنتهب كافر ولا ان الغال كافر، ولا ان الشارب كافر، ولا ان السارق كافر، وصح أنهم لو كانوا كفارا للزمهم ما يلزم المرتد عن دينه من القتل وفراق الزوجة واستيفاء المال فبيقين ندري أنه عليه السلام لم يعن بذهاب الايمان المذكور ذهاب تصديقه، وأيضا فبضرورة الحس يدرى من واقع شيئا من الذنوب المذكورة من المسلمين من نفسه أن تصديقه لم يزل وانه كما كان وكل قول تكذبه الضرورة فهو قول متيقن السقوط فقد صح ما قلنا إن الايمان المزايل له في حال هذه الأفاعيل إنما هو الايمان الذي هو الطاعة لله تعالى فقط، وهذا أمر مشاهد باليقين لان الزنا والقتل والغلول والنهبة وشرب الخمر ليس شئ منها طاعة لله تعالى فليست إيمانا فإذ ليس شئ منها إيمانا ففاعلها ليس مؤمنا بمعنى ليس مطيعا إذ لم
(١٢٢)