وتخليصا لبعضهم من بعض وذلك من أبواب القرب ولذلك تولاه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء قبله فكانوا يحكمون لأممهم، وبعث عليا إلى اليمن قاضيا وبعث أيضا معاذا قاضيا وقد روي عن ابن مسعود أنه قال لأن أجلس قاضيا بين اثنين أحب إلي من عبادة سبعين سنة وعن عقبة بن عامر قال جاء خصمان يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال " اقض بينهما " قلت أنت أولى بذلك قال " وإن كان " قلت علام أقضي؟ قال " اقض فإن أصبت فلك عشرة أجور وإن أخطأت فلك أجر واحد " رواه سعيد في سننه (فصل) وفيه خطر عظيم ووزر كبير لمن لم يؤد الحق فيه ولذلك كان السلف رحمة الله عليهم يمتنعون منه أشد الامتناع ويخشون على أنفسهم خطره قال خاقان بن عبد الله أريد أبو قلابة على قضاء البصرة فهرب إلى اليمامة فأريد على قضائها فهرب إلى الشام فأريد على قضائها وقيل ليس ههنا غيرك قال فأنزلوا الامر على ما قلتم فإنما مثلي مثل سابح وقع في البحر فسبح يومه فانطلق ثم سبح اليوم الثاني فمضى أيضا فلما كان اليوم الثالث فترت يداه وكان يقال أعلم الناس بالقضاء أشدهم له كراهة. ولعظم خطره قال النبي صلى الله عليه وسلم " من جعل قاضيا فقد ذبح بغير سكين " قال الترمذي هذا حديث حسن. وقيل في هذا الحديث انه لم يخرج مخرج الذم للقضاء وإنما وصفه بالمشقة فكأن من وليه قد حمل على مشقة كمشقة الذبح
(٣٧٤)