ولان ذبحها لا يفتقر إلى النية. فإذا فعله غيره، أجزأ كإزالة النجاسة.
وحكي قول عن القديم: أن لصاحب الأضحية أن يجعلها عن الذابح، ويغرمه القيمة بكمالها بناء على وقف العقود. فإذا قلنا بالمشهور، فهل على الذابح أرش ما نقص بالذبح؟ فيه طريقان. أحدهما: على قولين. وقيل: وجهين. أحدهما:
لا، لأنه لم يفوت مقصودا، بل خفف مؤنة الذبح. وأصحهما، وهو المنصوص، وهو الطريق الثاني، وبه قطع الجمهور: نعم، لان إراقة الدم مقصودة وقد فوتها، فصار كما لو شد قوائم شاته ليذبحها، فجاء آخر فذبحها بغير إذنه، فإنه يلزمه أرش النقص.
وقال الماوردي: عندي أنه إذا ذبحها وفي الوقت سعة، لزمه الأرش، وإن لم يبق إلا ما يسع ذبحها فذبحها، فلا أرش، لتعين الوقت. وإذا أوجبنا الأرش، فهل هو للمضحي لأنه ليس من عين الأضحية ولا حق للمساكين في غيرها؟ أم للمساكين لأنه بدل نقصها وليس للمضحي إلا الاكل؟ أم سلك به مسلك الضحايا؟ فيه أوجه. أصحها: الثالث. فعلى هذا، يشترى به شاة. فإن لم تتيسر، عاد الخلاف السابق أنه يشترى به جزء ضحية أو لحم، أو يفرق نفسه، هذا كله إذا ذبح الأجنبي واللحم باق، فإن أكله أو فرقه في مصارف الضحية، وتعذر استرداده، فهو كالاتلاف بغير ذبح، لان تعيين المصروف إليه، إلى المضحي، فعليه الضمان، والمالك يشترى بما يأخذه أضحية.
وفي وجه: تقع التفرقة عن المالك، كالذبح. والصحيح: الأول. وفي الضمان الواجب، قولان. المشهور، واختيار الجمهور: أنه يضمن قيمتها عند الذبح، كما لو أتلفها بلا ذبح. والثاني: يضمن الأكثر من قيمتها وقيمة اللحم لأنه فرق اللحم متعديا. وقيل: يغرم أرش الذبح وقيمة اللحم وقد يزيد الأرش مع قيمة اللحم على قيمة الشاة، وقد ينقص، وقد يتساويان. ولا اختصاص لهذا الخلاف بصورة الضحية، بل يطرد في كل من ذبح شاة إنسان ثم أتلف لحمها. هذا كله تفريع على أن الشاة التي ذبحها الأجنبي تقع ضحية. فإن قلنا: لا تقع، فليس على الذابح إلا أرش النقص. وفي حكم اللحم، وجهان. أحدهما: أنه مستحق لجهة الأضحية. والثاني: يكون ملكا له. ولو التزم ضحية أو هديا بالنذر، ثم عين شاة