سبق: أن المتعبد به، كون الحياة مستقرة عند الابتداء، فيشبه أن المقصود هنا، إذا تبين مصيره إلى حركة المذبوح، وهناك، إذا لم يتحقق الحال.
قلت: هذا الذي قاله الامام الرافعي، خلاف ما سبق تصريح الامام به، بل الجواب: أن هذا مقصر في الثاني، فلم تحل ذبيحته، بخلاف الأول فإنه لا تقصير، ولو لم يحلله، أدى إلى حرج. والله أعلم.
وأما كون الحيوان عند القطع فيه حياة مستقرة، ففيه مسائل.
إحداها: لو جرح السبع صيدا، أو شاة، أو انهدم سقف على بهيمة أو جرحت هرة حمامة، ثم أدركت حية فذبحت، فإن كان فيها حياة مستقرة، حلت وإن تيقن هلاكها بعد يوم ويومين، وإن لم يكن فيها حياة مستقرة، لم تحل، هذا هو المذهب والمنصوص، وبه قطع الجمهور. وحكي قول: أنها تحل في الحالين، وقول: أنها لا تحل فيهما، وهذا بخلاف الشاة إذا مرضت، فصارت إلى أدنى الرمق فذبحت، فإنها تحل قطعا، لأنه لم يوجد سبب يحال الهلاك عليه. ولو أكلت الشاة نباتا مضرا، فصارت إلى أدنى الرمق فذبحت، قال القاضي حسين مرة: فيها وجهان، وجزم مرة بالتحريم، لأنه وجد سبب يحال الهلال عليه، فصار كجرح السبع. ثم كون الحيوان منتهيا إلى حركة المذبوح، أو فيه حياة مستقرة، تارة يستيقن، وتارة يظن بعلامات وقرائن لا تضبطها العبارة، وشبهوه بعلامات الخجل والغضب ونحوهما. ومن أمارات بقاء الحياة المستقرة: الحركة الشديدة بعد قطع الحلقوم والمرئ، وانفجار الدم وتدفقه. قال الامام: ومنهم من قال: كل واحد منهما يكفي دليلا على بقاء الحياة المستقرة. قال: والأصح: أن كلا منهما لا يكفي، لأنهما قد يحصلان بعد الانتهاء إلى حركة المذبوح، لكن قد ينضم إلى أحدهما أو كليهما قرائن أو أمارات أخر تفيد الظن أو اليقين، فيجب النظر والاجتهاد.
قلت: اختار المزني وطوائف من الأصحاب: الاكتفاء بالحركة الشديدة، وهو الأصح. والله أعلم.
وإذا شككنا في الحياة المستقرة، ولم يترجح في ظننا شئ، فوجهان.