وأما العمرة، فإن قلنا بجواز إدخالها على الحج بعد الطواف، أجزأته، وإلا، فلا، وهو المذهب. وذكر ابن الحداد في هذه الحال أنه يتم أعمال العمرة، بأن يصلي ركعتي الطواف، ويسعى، ويحلق أو يقصر، ثم يحرم بالحج، ويأتي بأعماله. فإذا فعل هذا، صح حجه، لأنه إن كان محرما بالحج، لم يضر تجديد إحرامه. وإن كان بالعمرة، فقد تمتع، ولا تصح عمرته، لاحتمال أنه كان محرما بالحج، ولا تدخل العمرة عليه إذا لم ينو القران. قال الشيخ أبو زيد، وصاحب التقريب والأكثرون: إن فعل هذا، فالجواب ما ذكره. لكن لو استفتانا، لم نفته به، لاحتمال أنه كان محرما بالحج وإن كان هذا الحلق يقع في غير أوانه. وهذا، كما لو ابتلعت دجاجة إنسان جوهرة لغيره، لا يفتى صاحب الجوهرة بذبحها وأخذ الجوهرة. فلو ذبح، لم يلزمه إلا قدر التفاوت بين قيمتها حية ومذبوحة، وكذا لو تقابلت دابتان لشخصين على شاهق، وتعذر مرورهما، لا يفتى أحدهما بإهلاك دابة الآخر، لكن لو فعل، خلص دابته، ولزمه قيمة دابة صاحبه، واختار الغزالي قول ابن الحداد. ووجهه الشيخ أبو علي: بأن الحلق في غير وقته، يباح بالعذر، كمن به أذى من رأسه، فضرر الاشتباه لو لم يحلق أكثر، فإنه يفوت الحج، وسواء أفتيناه بما قاله ابن الحداد، أم لم نفته، ففعل، لزمه دم، لأنه إن كان محرما بحج، فقد حلق في غير وقته، وإن كان بعمرة، فقد تمتع، فيريق دما عن الواجب عليه، ولا يعين الجهة كما في الكفارة. فإن كان معسرا لا يجد دما ولا طعاما، صام عشرة أيام كصوم المتمتع. فإن كان الواجب دم المتمتع، فذاك، وإن كان دم الحلق، أجزأه ثلاثة أيام، الباقي تطوع. ولا يعنى الجهة في صوم الثلاثة، ويجوز تعيين التمتع في صوم السبعة. ولو اقتصر على صوم ثلاثة، هل تبرأ ذمته؟ مقتضى كلام الشيخ أبي علي: أنه لا تبرأ. قال الامام: ويحتمل أن تبرأ، وعبر الغزالي في الوسيط عن هذين بوجهين. ويجزئه الصوم مع وجود
(٣٤٢)