واعلم أنه بقي من الباب مسائل كثيرة.
منها، قال أبو علي الطبري: يقصد بصدقته من أقاربه أشدهم له عداوة، ليتألف قلبه، ولما فيه من سقوط الرياء وكسر النفس. ويستحب للغني التنزه عنها، ويكره له التعرض لاخذها. قال في البيان: ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهرا للفاقة. وهذا الذي قاله حسن، وعليه حمل قول النبي (ص) في الذي مات من أهل الصفة، فوجدوا له دينارين، فقال: كيتان من نار. فأما إذا سأل الصدقة، فقال صاحب الحاوي وغيره: إن كان محتاجا، لم يحرم السؤال، وإن كان غنيا بمال أو صنعة، فسؤاله حرام، وما يأخذه حرام عليه. هذا لفظ صاحب الحاوي. ولنا وجه ضعيف، ذكره صاحب الكتاب وغيره في كتاب النفقات: أنه لا يحرم. قال أصحابنا وغيرهم: ينبغي أن لا يمتنع من الصدقة بالقليل احتقارا له. قال الله تعالى: * (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره) * [الزلزال:
7] وفي الحديث الصحيح: اتقوا النار ولو بشق تمرة ويستحب أن يخص بصدقته أهل الخير والمحتاجين. وجاءت أحاديث كثيرة بالحث على الصدقة بالماء. ومن دفع إلى غلامه أو ولده ونحوهما شيئا ليعطيه لسائل، لم يزل ملكه عنه