الثانية: ينبغي أن يبدأ في القسمة بالعالمين، لان استحقاقهم أقوى، لكونهم يأخذون معاوضة.
قلت: هذا التقديم مستحب. والله أعلم.
الثالثة: لا يجوز للامام ولا للساعي أن يبيع شيئا من الزكاة، بل يوصلها بحالها إلى المستحقين، إلا إذا وقعت ضرورة، بأن أشرفت بعض الماشية على الهلاك، أو كان في الطريق خطر، أو احتاج إلى رد جيران، أو إلى مؤنة نقل، فحينئذ يبيع.
ولو وجبت ناقة أو بقرة أو شاة، فليس للمالك أن يبيعها ويقسم الثمن، بل يجمعهم ويدفعها إليهم، وكذا حكم الامام عند الجمهور، وخالفهم في التهذيب فقال:
إن رأى الامام ذلك، فعله، وإن رأى أن يبيع، باع وفرق الثمن عليهم.
قلت: وإذا باع في الموضع الذي لا يجوز، فالبيع باطل، ويسترد المبيع، فإن تلف، ضمنه. والله أعلم.
الرابعة: إذا دفع الزكاة إلى من ظنه مستحقا، فبان غير مستحق، ككافر، وعبد، وغني، وذي قربى، فالفرض يسقط عن المالك بالدفع إلى الامام، لأنه نائب المستحقين. ولا يجب الضمان على الامام إذا بان غنيا، لأنه لا تقصير، ويسترد، سواء أعلمه أنها زكاة، أم لا، فإن كان قد تلف، غرمه وصرف الغرم إلى المستحقين. وفي باقي الصور المذكورة قولان. أظهرهما: لا يضمن، وقيل: لا يضمن قطعا. وقيل:
يضمن قطعا، لتفريطه، فإنها لا تخفى غالبا، بخلاف الغني، ولأنها أشد منافاة، فإنها تنافي الزكاة بكل حال، بخلافه. ولو دفع المالك بنفسه، فبان المدفوع إليه غنيا، لم يجزه على الأظهر، بخلاف الامام، لأنه نائب الفقراء. وإن بان كافرا، أو عبدا، أو ذا قربى، لم يجزه على الأصح.
قلت: ولو دفع سهم المؤلفة، أو الغازي إليه، فبان المدفوع إليه امرأة، فهو كما لو بان عبدا. والله أعلم.